خنادق وسواتر على الحدود لوقف عمليات التهريب
باستثناء الأيام الأخيرة التي اتسمت بالبرد الشديد، اختفت تقريباً أزمة المازوت أو تقلصت الى حد بعيد، وعادت أبواق باعة المازوت الى شوارعنا بعد أن افتقدناها لزمن بسبب الأزمة.
والسؤال ما الذي حدث, هل قل الاستهلاك أم زادت الكميات المستوردة أم ماذا؟
الجواب الذي حصلنا عليه وكان الأكثر منطقية هو أن التهريب قد خف الى حد بعيد والسبب حزمة اجراءات اتخذتها الجهات المعنية ولعل أهمها وأكثرها جدوى هو ما رأيناه في الجولة الميدانية التي دعانا إليها السيد العميد حسن مخلوف الآمر العام للضابطة الجمركية الى المنطقة الجبلية الفاصلة ما بين سورية ولبنان على امتداد رنكوس تلفيتا عسال الورد والتي عرفت تقليدياً بأنها أهم منافذ التهريب من والى لبنان، الآن هناك مشروع رائد يوشك على الإنجاز سينهي-حسب ما يؤكد العميد مخلوف وما رأيناه على الأرض الى حد بعيد مشكلة التهريب التي تكلف الدولة كثيراً مع 100 مليار ليرة كلفة المازوت وحده سنوياً.
نسأل الدكتور خالد العاسمي مدير عام مشروع تطوير المنطقة الجنوبية عن تفاصيل المشروع فيوضح أنه يتم العمل بالتنسيق مع مديرية الجمارك العامة وهو من أجل محاربة التهريب وهو جار منذ حوالي العام بكل تعاون وأريحية مع الضابطة الجمركية وقد طلبوا منا المؤازرة بالآليات الثقيلة من أجل تغطية المعابر الحدودية والسيد الوزير تجاوب فوراً مع هذا الطلب وأرسل مجموعة من الآليات اللازمة ويتم الآن إغلاق كل معابر التهريب مع القطر اللبناني الشقيق.
ويتم العمل عبر حفر خندق من الجانبين اضافة الى وجود ساتر ترابي في المنتصف يصل ارتفاعه الى ثلاثة أمتار وعرضه ما يعادل المترين فمن الصعب اختراقه أو مرور أي آلية عليه وستقوم الجمارك بالتنسيق ومراقبة الحدود كاملة بحيث تحول دون أي عملية اختراق لهذا الحاجز.
وبيّن العاسمي أنه لا يوجد أي صعوبات عدا الصعوبات الجغرافية حيث التعامل مع الحجر وأرض صعبة جداً ولكن الآليات المتوفرة قوية جداً وتستطيع تجاوز هذه الصعوبات واضاف الدكتور العاسمي أنه من الناحية الزراعية فإن كل أهالي هذه المنطقة الذين كانوا يعملون بالتهريب اتجهوا الى العمل بالزراعة.
أما بالنسبة للتكلفة فمشروع التطوير يأخذ فقط ثمن المحروقات وأجرة السائق بدون أرباح نهائياً أي بمعدل 800 ليرة سورية للساعة الواحدة بينما الأجرة 2500 ليرة سورية للساعة الواحدة من القطاع الخاص وغيره ولذلك فالأجر بسيط جداً، أما بالنسبة لعدد العمال فهم حوالى 30 عاملاً.
ومن جهتهما يقول المهندس علي الخالد مدير فرع دمشق مشروع تطوير المنطقة الجنوبية والمهندس محمد أمين رئيس مجموعة العمل مع الجمارك ان العمل يجري في ظروف صعبة جداً ولكن ما يعزي هو التقدير الكبير للعمل من الجميع وإدراكهم لأهميته للاقتصاد الوطني وأشادا بجهود العاملين هناك والذين يستحقون أكبر التكريم.
ولعل أكثر من يستحق الشكر هم سائقو الآليات الثقيلة الذين يصلون الليل بالنهار لإنجاز عمل صعب بمهارة واتقان مع مساعديهم وبقية فريق العمل.
وعنهم يقول المدير العام انهم يستحقون التقدير المادي والمعنوي، والأمر الجيد أن أجورهم مفتوحة بقدر ما يعملون لذلك فإن بعضهم يصل مجموع ما يتقاضاه الى 70 ألف ليرة شهرياً.
من جهته العميد حسن مخلوف الآمر العام للضابطة الجمركية الذي يخوض مع عناصره معركة ضارية منذ سنوات كلفت الكثير دون حل جذري يرى أنه اليوم تبلور الحل مع تراكم الخبرة بأساليب المهربين ونقاط الضعف التي تساعدهم في الاستمرار، وهو اليوم يبدو أكثر فرحاً وتفاؤلاً بقرب انتهاء المشكلة ويبدو ممتناً جداً لدعم السيد رئيس مجلس الوزراء ووزيري المالية والزراعة ولكل الجهات التي ساندت العمل وبشكل خاص مشروع تطوير المنطقة الجنوبية بإدارته وعامليه وآلياته والذي سيترك بصمات هامة جداً على الاقتصاد الوطني.
ويقول، هذ العمل هو أفضل طريقة لمكافحة التهريب عن طريق اقامة الحواجز الصناعية وبالتالي منع مرور السيارات والآليات المحملة بالمواد المهربة مؤكداً الشكر لوزارة الزراعة وتعاونهم الكبير لأنه حد من مكافحة التهريب بنسبة 90٪ من هذه المنطقة، معبراً عن اعتقاده أن هذا العمل وفر على الدولة ملايين الليرات وقامت بتغيير المنطقة والناس اتجهوا من العمل بالتهريب الى العمل بالزراعة والصناعة، ورأى أن هذه الأرض جاهزة لتكون موقعاً سياحياً 100٪ لأنه أصبح فيها أمن وأمان وتمتلك كل المقومات المطلوبة.
توقعت السلطات المعنية أن يصطدم المشروع برفض شعبي في المنطقة التي شكل التهريب مصدر رزقها ولكن على ما يبدو فإن الناس صاروا أكثر وعياً بمصلحتهم ومصلحة أبنائهم وبالتالي فإن أهالي المنطقة يرحبون بالمشروع مع أملهم ببدائل أفضل وأكثر أمناً من التهريب، يقول السيد إدريس عبد الكريم قاسم مختار رنكوس ان الدولة الآن تقوم بجهد كبير من أجل تحويل النشاط الى الزراعة ونشاطات اقتصادية أخرى يشعرون فيها بالأمان وتكون مزارعنا وماشيتنا وأهالينا بأمان ويجب أن Kساعد الدولة بقلب صادق ونخبر عن أية مخالفة أو تجاوز لهذا الشريط السلطات المعنية لتقوم باغلاقه .
وتمنى على الدولة تأمين النقابات والآليات اللازمة لاستصلاح الأراضي وزراعتها ولتأمين المستقبل لأولادنا وطبعاً المحافظة على الأمن فهذه أفضل خطوة قامت بها الحكومة من تأمين الأمن والسلام لأفراد وسكان هذه المنطقة.
من خلال ما رأيناه نتفاءل فعلياً بأن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من حياتها تستبدل التهريب بالزراعة والسياحة ويعود الأولاد لمقاعد الدراسة بدلاً من ربط مستقبلهم بالتهريب وتصبح المنطقة للسياحة والترفيه وحتى التزلج بدلاً من أن تكون مسرحاً لقصص مرعبة تضيع فيها أرواح كثيرة ويتأذى منها الاقتصاد الوطني ونأمل من خلال الوفر الذي سيتحقق بعد توقف التهريب أن تحظى المنطقة باعتمادات مالية لتنميتها فهي حقاً منطقة بكر للعمل والاستثمار وهي منطقة استقرار أولى زراعياً ومياهها وفيرة وهواؤها عذب والمطلوب فقط الاهتمام بها وبسكانها.
آخر خبر وردنا قبل نشر هذا التحقيق يؤكد أن السيد وزير الزراعة أوعز الى مشروع تنمية المنطقة الوسطى والساحلية لتنفيذ مشروع مماثل كما تم في ريف دمشق في منطقة الحدود اللبنانية مع محافظة حمص لوقف تهريب المازوت، وتم تخصيص 7 بلدوزرات وعدد من الآليات الثقيلة والعمال لبدء العمل بالتعاون مع الجمارك، وعلمنا أنه بدأت عمليات الدراسة والتخطيط لمسار المشروع فور موافقة السيد وزير الزراعة.
أيمن قحف
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد