أردوغان يتمسّك بقتال الأكراد قبل الذهاب إلى انتخــابات مبكرة
سارعت أنقرة للجني سياسياً ما زرعته عسكرياً وأمنياً خلال الأيام الماضية. سلوك حكومة «العدالة والتنمية» وأجهزتها التي يسيطر عليها فريق الرئيس رجب طيب أردوغان بصورة شبه تامة، يجعلها تبدو مستعجلة لاستثمار الحملة التي أعلنتها منذ أسبوع على «الإرهاب» لإضعاف الخصم الكردي سياسياً.
فعلى وقع العمليات ضد مواقع حزب «العمال الكردستاني» والتجييش ضد الأكراد، فتح القضاء تحقيقين بحق زعيمَي حزب «الشعوب الديموقراطي»، في وقتٍ جدّد فيه أردوغان عزمه على التوجه إلى انتخابات برلمانية مبكرة في حال عدم التوصل إلى تشكيل حكومة إئتلافية، في محاولات أخيرة لمحو آثار الهزيمة التي أفقدته الغالبية البرلمانية للمرة الأولى منذ 13 عاماً.
تصريحات أردوغان خلال زيارته لدول شرق آسيا، توضح نيات أنقرة من تدابيرها الراهنة. الرئيس التركي قال يوم أمس، إن الأكراد السوريين سعوا إلى «تشكيل ممر من أقصى الشرق إلى البحر المتوسط»، إلا أن تنظيم «الدولة الإسلامية» عرقل خططهم، مؤكداً أن تركيا «لن تسمح بلعبة الإرهابي الجيد والإرهابي السيئ... فالإرهابي هو إرهابي». وفيما يبدو أن الرجل ماضٍ في تثبيت إنهاء «علمية السلام» مع الأكراد، من دون عودة إلى الوراء، دعا أمس إلى «العودة للإرادة الوطنية في حال عدم تشكيل ائتلاف حكومي، حتى يقرر الناس مرة أخرى (...) وسنخرج من الوضع الحالي»، في إشارةٍ إلى الانتخابات المبكرة.
وغداة إعلان فتح تحقيق قضائي بحق زعيم «الشعوب الديموقراطي»، صلاح الدين دميرتاش، بدأ يوم أمس، تحقيق آخر بحق الرئيسة الثانية في الحزب، فيجن يوكسيك داغ، بتهمة «الترويج لمجموعة إرهابية». الاتهامات الموجهة إلى يوكسيك داغ، تأتي على خلفية إدلائها بتصريحات مؤيدة للمقاتلين الأكراد في سوريا، في شهر تموز الماضي. ويقول الزعيمان الكرديان إن هدف الحكومة التركية هو «معاقبتهما» على النتيجة الجيدة التي حققها حزب «الشعوب الديموقراطي» في الانتخابات التشريعية التي أجريت في السابع من حزيران الماضي، وحرمت حزب «العدالة والتنمية» الغالبية المطلقة.
وفي محاولة أميركية لإعادة تأطير الحملة العسكرية التركية، أعلنت وزارة الخارجية أن استخدام قوات «التحالف» لقاعدة انجرليك الجوية سيكون منطلقاً لعمليات ضد «داعش» فحسب، من دون أن يشمل دعماً جوياً لــ«وحدات حماية الشعب» الكردية. وفيما كررت واشنطن ترحيبها بانضمام أنقرة إلى الحرب على «الإرهاب»، أكدت أن تركيا تردّ على حزب «العمال الكردستاني» للدفاع عن النفس، داعية إلى وقف العنف والعودة إلى المفاوضات.
وفي سياقٍ آخر، وصف أردوغان اتهامه بتقديم الدعم لتنظيم «داعش»، بـ«دعاية إعلامية خاطئة» تروّج لها «قوى سوداء»، مؤكداً أن تركيا «لم تكن ضالعة مطلقاً في مثل هذا السيناريو (...) ولن تشارك فيه مطلقاً». وأضاف أن بلاده عانت من «خسائر كبيرة» في معركتها ضد الإرهابيين، إلا أنها «مصممة على مواصلة القتال»، في إشارة إلى العمليات العسكرية الراهنة.
وعلى الصعيد الميداني، قتل عنصران من الشرطة التركية بالرصاص، صباح أمس، في محافظة أضنة، في هجوم جديد نسبته السلطات إلى «العمال الكردستاني».
وقتل عامل في شركة خطوط السكك الحديدية التركية، فيما اصيب شخص آخر في هجوم بالأسلحة مساء أمس شنه من يشتبه في أنهم عناصر من حزب «العمال الكردستاني» في منطقة ساريكاميس في إقليم قارص شرق تركيا. وأصدر الجيش التركي بياناً شكر فيه المواطنين، بعدما تقدم العديد منهم بطلبات للالتحاق بالقوات المسلحة «لمحاربة الإرهاب».
كذلك، تواصل السجال بين أنقرة وبغداد بشأن انتقاد الأخيرة لاستباحة أراضيها من قبل الطائرات التركية التي تستهدف مواقع «العمال» في شمالي العراق. وعبّرت وزارة الخارجية التركية أمس، عن «خيبة أمل» من موقف الحكومة العراقية، قائلةً إنه «موقف سلبي ويصعب قبوله». وبررت الوزارة قصفها جبال قنديل بالقول: «من الواضح أن الكثير من أعضاء حزب العمال الكردستاني المسلحين يتحصنون داخل الأراضي العراقية منذ سنوات»، مضيفةً في بيان أنّ «من غير الممكن قبول أو فهم موقف المعارضة من جانب من لا يمكنه السيطرة على حدوده».
داوود أوغلو: عملية السلام لم تنتهِ تماماً
أكد رئيس الحكومة التركية المنتهية ولايته، أحمد داوود أوغلو، أن الاتفاق مع واشنطن «سيفعّل قتال الارهابيين»، وسيتيح، بعد تطهير الحدود التركية ــ السورية من «داعش»، «أن نمد حبل النجاة للمعارضة السورية المعتدلة، الذي يقاتلون وحدهم الأسد وداعش معاً». وقال، في مقالٍ نشره أمس في صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، إن حزب «العمال الكردستاني» ــ وإن اختلف مع «داعش» في الجذور والأيديولوجيا ــ «فهو لجأ إلى الإرهاب مجدداً، آملاً أن يستغل الوضع في سوريا لتقوية موقفه في عيون الغرب». واشترط داوود أوغلو لمتابعة عملية السلام مع الأكراد أن يلقي الكردستاني سلاحه، وينهي هجمات العنف ويخرج عناصره المسلحة من تركيا»، مشيراً إلى أن العمليات العسكرية الحالية لا تعني أن العملية السياسية انتهت، ولكن على المنظمات الارهابية التي تستهدف تركيا أن تعلم أن أنشطتها «لن تظل من غير عقاب».
(الأخبار)
إضافة تعليق جديد