لماذا عاد تفجير دمشق 2008 إلى الواجهة؟؟

08-02-2015

لماذا عاد تفجير دمشق 2008 إلى الواجهة؟؟

الجمل- *ريتشار بيكير- ترجمة: رندة القاسم:
على الصفحة الأولى من عدد واشنطن بوست الصادر في 31 كانون الثاني 2015 ورد بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية نفذت عملية تفجير سيارة إرهابية مخططة بدقة في دمشق، سوريه شباط 2008. لقد كان عملا شائنا في عاصمة دولة ذات سيادة،و بكل المقاييس ، تفجير سيارة تحت رعاية دولة في عاصمة دولة أخرى يعتبر ارهابا. و لا يحتاج المرء الى خيال واسع لتصور ردة فعل واشنطن لو كان الحال معاكسا و وقع هجوم كهذا في واشنطن، على الأقل كانت ستسقط الصواريخ و القنابل كما الأمطار على سوريه.
و ليس من المفاجئ قيام السي آي ايه بعمل كهذا، فخلال العقود السبعة لوجودها كانت وكالة الاستخبارات الأميركية مسؤولة عن قتل الملايين و تدمير الكثير من الحركات و الحكومات التقدمية في آسيا و إفريقيا و أميركا اللاتينية و أوروبا. و واقعيا كل قائد تقدمي، في دول تحررت من الاستعمار أو الاستعمار الجديد في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانيه، كان هدفا للاغتيال من قبل السي آي ايه.  و من فيتنام الى هاييتي فأفغانستان و ما وراءها تم التخلص من  أتباع الولايات المتحدة الذين انتهى نفعهم في عيون واشنطن.
وجهت السي آي ايه أو دعمت انقلابات في إيران، غواتيمالا، كونغو، عراق، اندونيسيا، يونان، برازيل، بوليفيا، تشيلي، أرجنتين، أوروغواي و المزيد، و سلمت السلطة لأنظمة لجأت الى العنف المفرط لصالح شركات الولايات المتحدة و النخب المحلية.
تأسست الوكالة عام 1947 و أول انقلاب لها كان بعد عامين في سوريه المستقلة حديثا. و تاريخها الدموي يثبت بان السي آي ايه أكثر منظمة ارهابية قاتلة في العالم بلا استثناء.
الأمر غير العادي في اغتيال عماد مغنيه،  القائد في حزب الله ، عام 2008 تمثل في البوح علنا بأن السي آي ايه ، بالاشتراك مع خدمة الموساد الإسرائيلية السرية، نفذت هذه العملية. و بينما رفضت السي آي ايه رسميا التعليق على الخبر، فان مصادر المقالة مسؤولون سابقون و حاليون  في السي آي ايه، و هو أمر لا يمكن تصوره إلا إذا تم التأكيد عليه من داخل الوكالة.
و طالما كانت الممارسة التقليدية للسي آي ايه تتمثل في رفض التعليق على انقلاباتها و جرائمها و لسبب وجيه. فبالرغم من كونها بموافقة الرئيس أو أي مسؤول آخر في الولايات المتحده، فانها انتهاك وقح للقوانين الدولية و المحلية الأميركية. و يسعى مسؤولو الوكالة للاحتفاظ ب "نافذة للرفض" لحماية أنفسهم من عقبات قانونية مستقبلية محتملة..اذن متى تنازلت الوكالة عن ممارستها التقليدية في التعامل مع هكذا عمليات على أنها مصنفة و عوضا عن ذلك تتباهى بالاغتيال عبر وسائل الاعلام؟؟
تقرير واشنطن بوست نشر بعد أسبوعين من هجوم جوي إسرائيلي أودى بحياة ستة أعضاء من حزب الله ، بما فيهم جهاد مغنيه ابن عماد مغنيه، و ضابط ايراني رفيع المستوى في سوريه. و تقوم كل من ايران و حزب الله  بدعم حكومة الرئيس بشار الأسد السوريه ضد المعارضة المسلحة بقيادة القاعدة و الدولة الاسلامية.و رد حزب الله على اعتداء 18 كانون الثاني الجوي بتدمير دبابة اسرائيلية في منطقة مزارع شبعا، الجزء الأخير من لبنان الذي لا يزال تحت الاحتلال الاسرائيلي. و قد لعب حزب الله دورا أساسيا في المقاومة اللبنانيه و طرد اسرائيل خارج الكثير من الأراضي اللبنانية التي احتلتها بين 1982 و 2000،  و في عام  2006 قاتل بصمود الجيش الاسرائيلي القوي المدعوم من الولايات المتحدة في حرب امتدت شهرا.
قتل جنديان إسرائيليان و جرح سبعة في مزارع شبعا، و قتل القصف الاسرائيلي جنديا اسبانيا كان جزءا من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة جنوب لبنان. و أوضحت قيادة حزب الله أن الرد كان محدودا.هجوم الثامن عشر من كانون الثاني في سوريه كان استفزازا واضحا، يرمي الى جر حزب الله الى الرد، و كذلك حال مقال واشنطن بوست، فهدف الاثنين هو دفع حزب الله، حليف إيران، إلى انتقام أقوى.
و يجب ان يفهم من نشر مقالة البوست أنها شكل من الاستهزاء بحزب الله عن طريق عناصر في المؤسسة الأميركية يسعون الى ذريعة لتدمير المباحثات النووية الايرانيه.و علق محلل سياسي لبناني قريب من حزب الله أن تقرير السي آي ايه المسرب حول اغتيال 2008 يهدف الى تقويض المفاوضات و هو لصالح اسرائيل المعارضة لها.
عماد سلامه، بروفيسور لبناني لدى الجامعة الأميركية في بيروت، أشار الى الحرب النفسية التي يلعبها تقرير واشنطن بوست قائلا : "قيادتكم (قيادة حزب الله) استهدفت من قبل الولايات المتحدة فماذا أنتم فاعلون؟؟".
و المفاوضات مع ايران بلغت مرحلة حاسمة مع تحديد نهاية آذار كموعد أخير للوصول الى اتفاق، و هناك انقسام في الطبقة السياسية الحاكمة في الولايات المتحدة حول المفاوضات.فبينما تسعى ادارة أوباما و حلفاؤها الى اتفاق يعتقدون انه يضعف ايران، يريد معارضوهم احباط المفاوضات و فرض عقوبات أشد.و ذكرت ايران أن أية عقوبات اضافية تعني نهاية عملية التفاوض، و نتيجة كهذه قد تؤدي الى حرب اسرائيلية أميركية جديدة بقيادة الولايات المتحدة ضد ايران، الأمر الذي عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نيتينياهو، و الكثيرون في واشنطن، عن الرغبة في حدوثه.
و في الحادي و العشرين من كانون الثاني قام جون بوينير، المتحدث في مجلس النواب، بدعوة نيتينياهو، المشهور بعدائه لإيران، لإلقاء كلمة في جلسة مفصلة للكونغرس الثالث من آذار حول ما يسمى "خطر" ايران و دعم فرض عقوبات أقسى على تلك الدولة، و دعوة بوينير كانت بدون مشاورات مع الادارة الأميركية.

و تم التخطيط من أجل احتجاجات تحت عنوان "لا حرب جديدة ضد ايران" ، "انهاء الاحتلال الاستعماري لفلسطين"، "انهاء مساعدات الولايات المتحدة لاسرائيل" بحيث  تتزامن مع ظهور نيتينياهو في الكونغرس الثالث من آذار القادم..


*صحفي بريطاني
عن موقع Global Research

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...