رئيس تحرير «ذا لانسيت» يتعرض لهجوم لدعمه غزة
يتعرّض رئيس تحرير المجلة البريطانية العلمية الأسبوعية «ذا لانسيت» ريتشارد هورتون إلى حملة من قبل اللوبي الإسرائيلي على أثر نشر المجلة رسـالة مفتوحة للأفراد في غزة «open letter for the people of gaza» في الثاني من شهر آب الماضي، والتي وقّعها عشرون ألفا وثلاثة وستون طبيبا وباحثا علميا من مختلف أرجاء العالم.
تعتبر مجلة «ذا لانسيت» الطبية من أعـرق المجلات العلمية في العالم، تصدر منذ العام 1823. يعتبر عامل التأثير (impact factor)، وهو مقياس لأهمية المجلات العلمية المحكمة، الذي تمتلكه المجلة مهماً. إذ يشير موقع «ويكيبيديا» إلى أنه الثاني عالميا بعد مجلة «ذا نيو إنغلند جورنال اوف ميدسين». تمتلك دار النشر «إلزفير Elsevier» المجلة منذ العام 1991. ويترأس تحرير المجلة، منذ العام 1995، ريتشارد هورتون (مواليد 1961) وهو أستاذ فخري في «كلية لندن للصحة والطب الاستوائي»، وجامعة «أوسلو»، و«كلية لندن الجامعية».
يشرح الأستاذ في علم السياسات والنظم الصحية ورئيس «الجمعية اللبنانية للرعاية الصحية» الدكتور نبيل قرنفل أن المجلة، منذ سنوات عدة، تسلط الضوء على البحوث العلمية المرتبطة بصحة الفلسطينيين من خلال «The Lancet Palestinian health Alliance» وهناك شراكة بين المجلة وجامعة «بيرزيت». تبين تلك البحوث الواقع الفلسطيني بطريقة علمية موثقة وتظهر للعالم أثر الحروب على البنى التحتية وعلى النواحي الصحية والاجتماعية. يشارك هورتون، وفق قرنقل، في المؤتمرات العلمية التي تناقش تلك البحوث ويبدي رأيه بها. وكان قد شارك في المؤتمرات التي عقدتها «كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت» ودعم صدور كتاب «الصحة العامة في العالم العربي».
وأثناء الحرب الأخيرة على غزة، نشرت «ذا لانسيت» رسالة مفتوحة إلى الأفراد في غزة، يشجب فيها الكاتب العدوان الإسرائيلي على غزة حيث يعاني الأهل الجوع، والعطش، وانقطاع الكهرباء، والنقص في الأدوية ... قام اللوبي الصهويني، على أثر ذلك، بمهاجمة المجلة واعتبر أنها تشوه صورة اسرائيل.
لاقى هورتون الكثير من التعليقات ونشرت له صور على أنه نازي يشبه هتلر، وهددت تلك المجموعات الصهيونية دار النشر «إلزفير» بوقف الإعلانات إذا ظل هورتون في منصبه. في المقابل، أرسل خمسون مفكرا وباحثا علميا، من جميع أنحاء العالم، رسالة لدعم هورتون مشيرين فيها إلى نزاهته في التحرير، وروحه الابتكارية، وفكره الواسع وإفساحه المجال لمناقشة مختلف وجهات النظر ضمن مساحة مستقلة. واعتبر الموقعون أن الهجوم الذي يطال هورتون يهدد نزاهة واستقلالية جميع المجلات العلمية التي تعالج المواضيع الصحية والطبية.
من جهة أخرى، تم إرسال رسالة لدعم هورتون إلى دار نشر «إلزفير» ووقع عليها 118 باحثا وأكاديميا من مختلف البلدان العربية. يعتبر الموقعون أن نشر الرسالة إلى الأفراد في غزة هو مثال على أهمية طرح أثر الحروب على الصحة، في المجلات الصحية، وهي خطوة جريئة لإطلاع قرائها على منظور مختلف للواقع في قطاع غزة. ويلحظ الموقعون دور هورتون في دعم البحوث العلمية التي تربط بين الصحة والنزاعات والحروب، وفي تشجيعه على فهم المحددات السياسية للصحة والصحة العالمية. لا ينطلق الداعمون، وفق الرسالة، لكونهم أبناء تلك المنطقة فحسب بل لأنهم يقدرون أهمية وجود مساحة لنشر الآراء المتنوعة.
يشير قرنفل إلى قوة الشبكة الصهيونية في تلك الحملات مقابل إهمال الدول العربية لمناصرة قضايا كهذه، إذ تبقى الدول العربية على هامش المجتمع الدولي من دون أن تنخرط فيه.
ملاك مكي
السفير
إضافة تعليق جديد