حرب المخابرات في سوريا
مختارات «الجمل» من الصحافة التركية- ترجمة: محمد سلطان:
كردستان سوريا في محطة إيمرلي
(إذا أريد الاستقرار في المنطقة والهدوء في تركيا فمن الخطأ الاستنجاد بالانشقاقات بين الأكراد).
ليلى ظانا: هي إحدى رموز النضال الثوري في سبيل الحرية. في بعض الأحيان كانت مواقفها الحيادية ومبادراتها الناقدة الصريحة تؤدي إلى صدام بينها وبين الحزب الذي تنتسب له (حزب السلام والديمقراطية الكردي المعارض). ولكن مهما كان لا يمكن أن ننكر تأثيرها وتأثير مواقفها على الحركات الكردية من مختلف الأطياف, وحتى على شعب غرب تركيا أيضاً.
ذهابها للالتقاء مع عبد الله أوجلان بعد مدة طويلة لم يلفت الانتباه فحسب, بل ولّد القلق وأيقظ الأنظار. علمنا أن ظانا هي التي اقترحت اللقاء, وأن أوجلان قبل اللقاء برحابة صدر.
اكتسب لقاء ظانا مع أوجلان أهمية كبيرة لأن هذا اللقاء جاء على خلفية بحث ظانا عن طرق وآفاق جديدة. عقد منذ عدة أيام مؤتمر جنيف2, وتمت التباحث حول مستقبل الدولة السورية. لم يمثل الحزب الكردي "الاتحاد الديمقراطي PYD" القوي في سوريا في المؤتمر. كما أن حزب الـPYD أعلن منذ عدة أيام حكماً ذاتياً في بعض البلدات شمال سوريا. الظاهر أنه يوماً بعد يوم تزداد قوة وسيطرة حزب الـPYD, المعروف بقربه من حزب العمال الكردستاني, في منطقة روج آوا (كردستان سوريا).
ضمن هذا السياق أرسل مسعود البرزاني رسالة إلى أوجلان. وردّ أوجلان عليها. بعث أوجلان موقفه وأفكاره إلى البرزاني وإلى جبل قنديل (المقر العسكري لحزب العمال الكردستاني) عن طريق سري ثريا أوندير وليلى ظانا (نائبين في حزب السلام والديمقراطية) برسالة أرسلها لهم. وهم بدورهم أوصلوا هذه الرسالة إلى أصحابها ليعودوا بأفكار ومواقف الطرف الآخر ويوصلوها لأوجلان.
وفي مقال لوردة أوزير في صحيفة حرييت جرى الحديث عن كيفية إبعاد حزب الـPYD من مؤتمر جنيف2 في الأيام التي أعلن فيها عن سيطرته على بعض المناطق. كما فهمنا أن للبرزاني ضلع في الإقصاء هذا، إضافةً لدور أميركا وتركيا.
أفاد الرئيس الموازي لحزب الـPYD صالح مسلم في تصريح أدلى به لصحيفة أوزكور كونديم أن روج آوا تتقدم نحو الحكم الفيدرالي خطوة تلو الخطوة.
أبدى مسلم عدم فهمه لدور تركيا في إقصائهم من المؤتمر ووضعهم بنفس الكفة مع أعداء مثل جبهة النصرة. يقول مسلم: «نحن أبداً لم نعادي تركيا ولا الشعب التركي, ولن نعاديهم. سوف نمد يد الصداقة دائماً».
واضح أن البرزاني يريد من أوجلان أن يلعب دوراً في ظل التوتر الذي ظهر مؤخراً. وفي نفس الوقت يمكن تفسير هذه الخطوة بأنها خطوة اتفاق. أوجلان رد على هذا.
إحدى أغرب النقط هي الدور التركي. طلب ظانا الإذن من وزارة العدل للقاء أوجلان, وسماح الحكومة بهذا اللقاء, يدل على أن تركيا على علم بمحاولات الاتفاق والتفاهم هذه.
طبعاً في هذه الأيام التي تجدّد فيها المنطقة شكلها, باتت حقيقة أن الأكراد هم أهم عضو فعال حقيقة لا تفوّت في ظل هذه الشروط، فعندما أعيد تصميم المنطقة عام 1920 تم تجاهل الأكراد. واليوم أيضاً تم تجاهل التواجد الكردي في مؤتمر جنيف2.
من الواضح أن ذلك غير واقعي إطلاقاً, ولن يتم إيجاد حل دائم لقضايا المنطقة بما فيها المشكلة السورية من دون وضع الأكراد في الحسبان.
لفت مسلم إلى عدم فهم التجاهل لهم بقوله: «لم يتم الاعتراف بالأكراد في النظام العالمي الجديد عام 1920. وهناك بعض الأطراف ممن لهم مصلحة من استمرار هذه الحالة, وعلى رأسهم تأتي الدولة التركية».
وفي نفس مقال وردة أوزير في صحيفة حرييت تم التحدث عن قوة الـPYD: «ليس من الصعب رؤية أن الأكراد في شمال سوريا يتجهون نحو الحكم الذاتي شيئاً فشيئاً. وعلى جميع الأطراف وبما فيهم تركيا أن يحددوا موقفهم تبعاً لهذه الحقيقة».
أي بمعنى آخر, أي خطة سوف ترسم في المنطقة دون وضع الأكراد في الحسبان سوف يولد ذلك نتائج خطيرة.
وهنا تكسب مراسلات البرزاني وأوجلان أهمية كبيرة. تلزم استراتيجية جديدة تتفهم أكراد سوريا وتقحمهم ضمن اللعبة بدلاً من منظور "مشاجرة الأكراد مع بعضهم".
من المهم أن تكف تركيا عن موقفها المتذبذب. يجب أن يتخذوا الموقف الذي يفيد بأنه (إذا أريد الاستقرار في المنطقة والهدوء في تركيا فمن الخطأ الاستنجاد بالانشقاقات ضمن الأكراد).
بل على العكس, يجب خلق جو مناسب لحوارات تشمل جميع أكراد المنطقة بما يخدم حل القضايا الداخلية في تركيا، وبما تشكل خطوة إيجابية نحو تأمين استمرارية الانفتاح الديمقراطي.
(أورال تشاليشار – صحيفة: راديكال)
حرب المخابرات في سوريا
في حين ينشغل فيها إعلامنا في موضوع صراع حزب العدالة والتنمية مع جماعة فتح الله كولين, تجري أحداث في الطرف الآخر من الحدود التركية. تجري صراعات واشتباكات عنيفة ويلعب جهاز الاستخبارات التركي الـMIT دوراً في هذه الأحداث.
في معلومات وردت لنا وتم التأكد منها من عدة مصادر مختلفة, علمنا أنه تم الكشف عن المخابرات التركية في قرية عتمة وقرية بيش أصلان التركمانية مقابل بلدة الريحانية والتي تقع تحت سيطرة جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
وبحسب المعلومات فقد تم اختطاف ثلاثة مواطنين أتراك. وهم مراد إزجي, مصطفى قره أوغلو, ولونت كوكطاش. كان الثلاثة يقومون بدور الوسيط في عملية نقل شحنة أسلحة إلى المنطقة المذكورة. وخطف المذكورون بعد الانتهاء من عملية النقل وتسليم الشحنة إلى الطرف الآخر.
في البداية كان الاعتقاد السائد أن عملية الاختطاف يقف وراءها واحدة من المنظمتين الحاكمتين في المنطقة, لتتضح الأمور فيما بعد... بعد مراقبة المخابرات السورية لهؤلاء الأشخاص, علم أنهم عناصر من المخابرات التركية الـMIT ينتسبون إلى وقف (تكية) "بلبل زاده" (الدينية) ولهم ارتباطات وعلاقات مباشرة مع قياديي "الجيش الحر". ويقوم هؤلاء العناصر باستخدام علاقاتهم الواسعة مع "الجيش الحر" على طول الحدود السورية لنقل الأسلحة والأدوات اللوجستية إلى داخل الحدود السورية.
وهناك قناعات كبيرة بأنه تم اعتقال إزجي وقره أوغلو وكوكطاش بعملية محكمة نفذتها المخابرات السورية.
وبحسب المصدر فإن الأشخاص المذكورين ليسوا موجودين لدى جبهة النصرة ولم تبد جبهة النصرة أي تصريح بما يخص ذلك. كذلك هو الحال لدى داعش حيث يستبعد احتمال قيامها بعمل كهذا لأنه مازالت على اتصال وارتباط مع وحدات تركية. وبحسب المصدر فإن من قام بتقديم المعلومات للمخابرات السورية عن هؤلاء الأشخاص هو الضابط (م.ت) تركماني الأصل الذي يعمل لصالح الجيش السوري. وكانت الاستخبارات التركية قد عرضت على م.ت العمل معها، وهو بدوره قبل العرض. ولكنه في الأصل يعمل لصالح المخابرات السورية. وقدم معلومات مهمة جداً حول إستراتيجية عمل الـMIT في المنطقة.
كما علم أن م.ت لعب دوراً في إلقاء القبض على محمد كينتش, قائد لواء "أصحاب اليمين", في عملية محكمة ليتم تسليمه إلى الجيش السوري.
(مصطفي سيف الله كيليتش – مجلة: كينتش باكيش)
قال: «لا تضربوني... قتلتوني». لكنهم ضربوه وقتلوه
الموت مؤلم... الموت يأتي على حين غرة... ولكن الموت الذي يأتي سابقاً لأوانه يعذب النفوس أكثر.
عمره 19 سنة, قال لهم علي اسماعيل كوركماز: «لا تضربوني... قتلتوني». لم يتوقفوا عن ضربه. قتلوه ضرباً. لأن رئيس الوزراء كان يفتخر بالشرطة التي حولت الأزقة إلى جهنم بدلاً من أن يتفهم غضب الشوارع. ذلك أن وزير الداخلية كان يقول: «قوات الأمن تقوم بعملها على أكمل وجه». ذلك أن مدراء الأمن كانوا يعطون التعليمات بعدم التهاون مع أحد. قتلوا الشاب علي في التاسعة عشر من عمره ضرباً لأن رئيس الوزراء ووزير الداخلية ومدير الأمن لم يقل لهم لا تضربوا. لتبقى والدته تقول: «قتلوا علوش... تعذب ابني... ليتهم قتلوه بالرصاص». والآن يضربون لينسوننا دموع هذه الأم.
قال علي: «لا تضربوني... قتلتوني». لكنهم ضربوه, ثم استمروا في ضربه. والي اسكي شهير ضربه أيضاً عندما قال: «أصدقاء علي هم من ضربوه». قام رئيس الوزراء بتوجيه رفسة له وهو في المستشفى ما بين الحياة والموت عندما قال: «رجال الشرطة تسطر الملاحم في شوارعنا». ثم عادوا ليضربوه عندما جزأوا قضيته إلى أربعة أجزاء وحولوها إلى محكمة قيصري لدواعي أمنية. كان يستطيع شرطي واحد أن يمنع مقتل علي. ولكن الآن أعدوا 2000 رجل شرطة ومدرعتي طوما وحوامة يوم قرار محكمة علي. أي 2000 شرطياً سوف يحمون قاتل علي.
تم تهديد الناس الذين أرادوا المشاركة في محكمة علي. تم إيقاف الحافلات المتجهة نحو المحكمة. سوف تتعرض الجماهير للعنف والاعتقالات التعسفية. منعت المظاهرات أمام مبنى العدل. ثم يمنع الناس المطالبون بالعدالة من أجل علي من الوصول إلى ساحة المحكمة. ولكن كان هناك خيار أسهل... كان من الممكن منع قتل علي ضرباً بالعصي الخشبية.
هنا بلدٌ يتهم فيه المقتول وليس القاتل. هنا بلد تحاسب فيه الدولة المقتول وليس القاتل أو المحرض على القتل. لأنهم يريدون قتل ما يمثله علي. يريدون قتل الغضب المشروع للشعب. يضربون ويريدون أن ننسى علياً. يضربون لكي لا يقف أحد خلف أمثال علي. يريدون استخدام العنف لإخماد الغضب الذي جعل علي ينزل إلى الشوارع. يريدون إسكات الجميع. يضربون لأنهم يعرفون أن الشيء الذي يمثله علي لم يستطيعوا قتله بعد. وفي المحصلة هم ضربوا ونحن كبرنا.
يضربون... لكننا لا نموت, لا نفنى, لا نذهب, لا نزول. لأن هذا البلد بلدنا وليس بلد الذين يريدون قتلنا. لأن هذا بلد علي اسماعيل كوركماز الذي قال: «لا تضربوني... قتلتوني» ولكنه رفض أن يخنع. لأن هذا بلد والدة علي التي قالت: «ابني لن يعود مهما حصل, لا شيء سيعيد لي ابني, ولكن يجب أن يحاسب القتلة». لأن هذا بلد أحمد الذي نزل إلى الشوارع من أجل علي وسقط في الشوارع أيضاً. لأن هذا بلد بركيه ذو الخمسة عشر ربيعاً والذي لازال يصارع الموت منذ 233 يوماً بعد ضربه على رأسه بقنابل الغاز المسيل للدموع. هذا بلد عبد الله, مدني, محمد, وأدهم. لأن هذا بلد الذين يبحثون عن العدالة مهما كلف الزمن. عدالة جريمة هرانت دينك ومجزرة روبوسكي البارحة وجريمة علي في اليوم.
يضربون ومازالوا يضربون. سيضربون ولن يتوقفوا عن الضرب. لكننا لن نموت.
(ليلى ألب – موقع: T24)
إضافة تعليق جديد