جسدها للمتعة أما شخصها فللشتم هكذا «تصوّر» قناة «غنوة» المرأة
يشبه الاستوديو الذي تصوّر فيه الفتيات الراقصات أي كازينو من الكازينوهات المنتشرة في ريف دمشق. فيه تدخل الكاميرا «zoom in» و«zoom out» على أماكن محددة من أجسادهن، فيما يرقصن بطريقة تبعد كل البعد عن خبرة الراقصات المحترفات التي طالما قدّمتها الأفلام المصرية القديمة. هكذا تطلّ «نجمات» قناة «غنوة» على مدار الساعة، وهن يتمايلن على إيقاع أغنيات من المفترض أن القناة، هي من تقوم بإنتاجها.
غير أن تركيز القيّمين على «غنوة» لا يبدو منصباً على الألحان والكلمات أو المطرب بحدّ ذاته بقدر تركيزهم على أجساد تتمايل شمالاً ويميناً فتنسي المشاهد كلمات ولحن الأغنية وينساق خلف عدسة تلتقط ما يحلو لها وكيفما يحلو لها. وتضحي حاسة السمع ثانوية أمام «الفرجة» التي تقدّم للمشاهد، والتي تحوّل بيته إلى كازينو حقيقي.
ففي إحدى الرقصات - ولا نقول أغنيات - وفي ذروة رقص الفتيات اللواتي يبدون سعيدات جدا، يدخل المطرب صارخاً على إيقاع الأورغ: «حكم عليكم الموت بالزمر شنقا يا خيي..» فتزداد الحركة ويكون التركيز على أشد الفتيات الراقصات إثارة. ليصرخ المطرب مجددا «الزمر بيطول الشعر» و«أرمي القنابل وفجر المستودعات». وفي ذلك دعوة للرجل إلى التفجير، فيما المقصود بـ«المستودعات» المرأة المتفجرة إثارة وحركة أمام الكاميرا.
وهكذا تتحول المرأة إلى ساحة للمعركة، وسيّدها الرجل. إذ لا تنتهي الحرب عند الأغنية الأولى بل تنسحب حالة الهجوم إلى أغنية أخرى من كلماتها «هاي الحروب وهاي عوايدها تسلم رساوي وأنت سيدها». والكاميرا دائماً منشغلة بالفتيات فتلتقط واحدة شقراء، ليتابع بعد ذلك المطرب «معركته» طالبا «هز الخصر» ليمعن في إذلال الهدف في معركته. ويقول وبصوت عال يرافقه عزف المجوز: «هزي بخصرك هزي تمك حب الرزي ..هزي وعلي الحاجب يلي كلامك واجب... صابر لك يا سيدي تندم وتبوس أيدي».
و إذا كان بعض المهتمين بالغناء العربي قد «هاجموا» أغاني الفيديو كليب أول ظهورها، واعتبروا أن تلك الأغاني ما هي إلا حركات جسدية غايتها الجذب وإغراء الرجال، يبدو أن أغاني «غنوة» ستؤدي برهم إلى إعادة النظر، باعتبار أن أغاني الكليب، حاولت بشكل أو بآخر، وليس كلها، أن تكرس تقاليد لأغان جيدة.
وبرغم أن محطة «غنوة» تعرض خلال بثها بعضا من تلك «الكليبات» التي تعتبر من الصنف الجيد، فإن أغلب مساحة العرض أفردتها لراقصات «البيست»، فنرى في تتابع سريع في العرض «دبكات عمي حسين»، وهنا أيضا لا يوجد صورة للمطرب، بل يكون حاضرا بصوته فقط. فيما الفتيات يرقصن وإحداهن ترتدي الأحمر وتذهب العدسة باتجاه «سرتها»، ويأخذ المصور باقي الفتيات بكاميرته من الأسفل، ليظهر حركة الصدور النافرة التي تتحرك على إيقاع الأغنية.
المتابعون للرقص على تلك القناة لا يعتبرونه رقصا شرقيا وحتى غربيا، فهو يميل إلى رقص «النور» أو الغجر. أما الأغاني قد اصطلح على تسميتها في سوريا بأغاني «الكراجات»، إذ يكون «الهجوم» فيها، أعنف على المرأة الراقصة من خلال الشتم والسب، وقد تصدر الإهانات ربما من امرأة مطربة، من هنا نسمع صوتا أنثويا يصرخ: «وين مبارح سهرانه يا بنت الكلب.. بشارع مساكن برزة ولا بالتل».
خالد سميسم
المصدر: السفير
التعليقات
معادلة بسيطة
المعادلة ليست بسيطة إذا امعنت النظر
كلام الاخ حقيقة وواقع نعيشه
إضافة تعليق جديد