لاتموت الحكومة ولايفنى الغنم
الجمل – أيهم ديب: ما الذي سيأتي بعد القرض العقاري؟ القرض الصحي؟ قرض لإجراء عمل جراحي, قرض لشراء الدواء, لا نريد ان نتحدث عن حذاقة و فهلوية شركات التأمين في بلاد لا يمكن التحكم فيها بسرقة المحروقات في مدرسة ابتدائية. في بلاد لا ندري إن كان الماء الذي نشربه صالح حقاً أم لا ! في بلد تستخدم فيه سلطة العدالة للمضاربة السياسية. للإستعراض و التعبئة الشعبية. نعيش في دولة يتم فيها بيع الكلام على الهاتف بأغلى مما تباع أغنيات فرانك سيناترا أو محاضرات ناووم تشومسكي إذا حسبنا سعر الدقيقة الى عدد المستمعين. من هو الضامن للغد ؟ دولة استطاعت ان تبني مشفى تشرين العسكري في الثمانينات كأضخم مشفى في الشرق الأوسط في حين يضطر المريض اليوم الى حمل القطن و الشاش معه تحسباً . هل هذا هو التقدم الذي أنجزته الدولة ؟ هل نقارن مول تجاري اليوم بمشفى من وزن الأسد الجامعي أو تشرين العسكري في سياقهما ؟ و هل حقاً سيخدم رفع التعرفة الطبية من مستوى الصحة في سوريا ام أنه فقط سيرفع من دخل الطبيب ؟ و هل حقاً سيرفع دخل الطبيب ام أنه سيقلص من عدد مرضاه ؟ فمعظم المراجعين سيعيد التفكير مرتين قبل أن يذهب الى الطبيب و ربما ى سيزدهر الطب الاسعافي لأن المرضى لن تقبل بعيادة الدكتور إلا في أقسى الحالات. و هكذا يقف الطبيب في وضع قلق فرفع السعر قد يعني خسارة هامش من السوق و التي لا تتحمل النفقات. و المشكلة الحقيقة في علاقة المرض بالطبيب ليست التعرفة كما قد يعتقد البعض و لكن السبب الحقيقي الذي لا يدركه معظم الأطباء و هو سبب خسارتهم للكثير من فرص العمل و الربح أن في السوق الطبي نقطة غاية في الغباء و قلة التخطيط من قبل الدولة و الأطباء أنفسهم. و هي أن تكلفة الفحوص و التقصي هي مصدر قلق المريض و ليس التعرفة نفسها. فتعرفة الرنين المغناطيسي او الطبقي المحوري هي ما يخيف المريض و ليس تعرفة الدكتور المعالج. و لولا هذا لكان الطب الوقائي لدينا في أحسن أحواله. المشكلة هي أن طبيباً مختلاً يريد شراء جهاز تصوير باهظ الثمن مما يضطره الى تقبيل قفا مدير المشفى الحكومي لتعطيل الجهاز في مؤسسة الدولة و هكذا حتى يستطيع استعادة ثمن الجهاز. هذا الخلل في شبكة عمل العمل الطبي هو الأجدر بالعلاج و البحث. فلو أن الدولة احتكرت التحاليل و البحث الاستقصائي لوفرت على المواطن الكثير و لأمنت للعيادات الطبية دخول مضاعفة و لارتقت بالطب الوقائي. لو تكفلت الدولة بالجانب المكلف من الطب و تركت للأطباء الجانب العقلي و العلاجي و المعرفي لكان التعاطي مع المسألة الطبية أسهل بكثير. .. لقد تحول بعض الأطباء الى خيول سباق تحت وطأة استرداد ثمن الجهاز أو ثمن المواد المخبرية. و لو احتكرت الدولة هذا الجانب لكانت اخرجت هذا العنصر من المعادلة الطبية لأن تأثيره يمتد الى كامل الجسد الطبي. معظم المرضى يمتنعون عن عيادة الطبيب بسبب طلبه للتحاليل. مما يعني أن الطبيب يخسر مرضاه بسبب زميله الطبيب. ما الذي فعلته الدولة اليوم؟ لم تنظر أبداً الى المشكلة الصحية في سوريا, لم تنظر الى الجانب التجاري و الجانب الفني من الموضوع , إن التعامل مع كل شيء من منطلق تسليعي يسيء الى طبيعة العمل و قيمته و خصوصيته. إن كان الحديث عن سلعة ؟ فنحن بصدد قانون يحتكر الصيدليات و يحتكر الوصفة الطبية و السؤال هو ما الذي تريده الحكومة من الوطن؟ و ما الذي تريده له؟ الحكومة لا تسأل حتى إن كانت قرارتها تلقى قبولاً فعن أي مستقبل مشرق تتحدث؟ و إن كانت لا تهتم برأي العامة اليوم فما الضامن انها ستهتم غداً ؟ اليوم نستطيع ان نشتري مضاد الالتهاب و نحل المشكلة ب100 ليرة , غداً سنضطر الى وصفة طبيب فتكلفنا العملية 1100 ليرة. فقط لأننا نخدم الملفات و نخدم المدونات و نخدم القانون و نحدم البيانات و نخدم الإحصائيات. لا ندري كيف سيحتال الشعب السوري -العريق في تدبير حاله – مع التعرفة الجديدة للعيادة, لا نستطيع ان نتنبأ كيف سيحول المشكلة الى باب رزق كعادته منذ أيام البونات الى أيام دمشق الجميلة بلا دجيتال و ها نحن هنا اليوم, هل ستنقلب المكاتب العقارية الى مكاتب صحية؟ حيث يجتمع المرضى و يتم تبويبهم و عندما يكتمل العدد – عشرة للزكام- خمسة للديسك- 10 للحوامل- يتم إرسال مريض الى عيادة الدكتور و عندما يعود يتكفل بشرح الموضوع للمجموعة و يذهبون معاً لشراء الدواء الموصوف ثم يقسمون كشفية الطبيب على المجموعة. قد ينجح سائقي السرافيس في هذه المهنة بحكم خبرتهم بتطبيق الركاب و تامين الطلبات. و لا تموت الحكومة و لا يفنى هالغنم .
الجمل
التعليقات
يعني اللي صاير
ههههههه
إضافة تعليق جديد