إلى وزارة البيئة.. هل نحن ضد التصحر حقا؟
الجمل - محمد جمول: في وقت تحاول فيه وزارات الدولة المعنية في الجمهورية العربية السورية، ومنها وزارتا الزراعة والبيئة تحديدا، إقناع الجميع أنها ضد التصحر، وتعمل على وقف زحفه بعد أن أكل 59% من مساحة سوريا، كما تشير الدراسات، من حقنا أن نتساءل إن كانت وزارات الدولة المعنية تساعد التصحر على الامتداد والتوسع أم تقف في وجهه حقا.
ما نراه على أرض الواقع وما نسمعه في المؤتمرات والندوات يبدو ليس أكثر من بكاء القاتل في جنازة القتيل. فهذه الوزارات تساهم في تصحير ال41% الباقية من أرض الوطن. لكن المشكلة هي أن الجنازة المعنية هنا لا تنتهي خلال ساعات أو أيام قليلة كي ننساها بسرعة، والقضية لا يمكن أن تسجل ضد مجهول لأن موافقات وتواقيع المسؤولين في هذه الوزارات علنية ورسمية. فإذا تجاوزنا الحرائق المفتعلة وغير المفتعلة التي تلتهم ما بقي من مساحات خضراء والتي لا يمكن اتهام جهة معينة بها، وإن كان ضروريا العمل على منع حدوثها، ماذا ستقول لنا وزارة البيئة عن التراخيص الممنوحة لمقالع الحجارة في الأراضي الزراعية في منطقة مصياف( قرى عنبورة والمحروسة ومشتى ديرماما وجوبة الكلخ) وهي أراض تغطي الأشجار المثمرة والحراجية 50% منها تقريبا، علما بأن التشجير يشهد تزايدا سنويا. وهذه الأشجار تشمل الزيتون والتين والكرمة والبلوط المهدد بالانقراض والموضوع على قائمة الأشجار التي يجري العمل لحمايتها.
نقدر حرص وزارة الزراعة والجهات المعنية على جهودها لمنع البناء في الأراضي الزراعية. ولكن ما لا يمكن فهمه هو السماح لمستثمري مقالع الحجارة بتصحير عشرات أو مئات الهكتارات في منطقة الاستقرار الأولى لتصبح غير صالحة للزراعة أو السكن. والحفر التي يخلفونها بأعماق كبيرة خير شاهد على ذلك.
وزارة الزراعة أفهمتنا قبل عام تقريبا في رد لها على مقال منشور في أحد المواقع الالكترونية السورية في فاكس يحمل رقم ص.م.ًص أن أرضنا التي عشنا وعاش أجدادنا قبلنا على ما تنتجه لم تكن صالحة لشيء وأن الأشجار الموجودة فيها غير موجودة رغم أنف الواقع( وما قرأته في رد وزارة الزراعة يجعلني أؤمن بقدرتها على التخطيط المستقبلي الذي بات يشكل جزءا من سياسات الدول المتقدمة، لأن الوزارة تتحدث عن السنوات المقبلة حين لا يكون هناك أشجار ولا أرض. وإذا نجحت خططها كما نراها الآن، لن يكون هناك مواطنون، بل مجموعة من العمال المياومين "يعملون بأجرة يومية" الذين يتعرض البعض منهم للموت بتفجير الصخور كما حصل لأحدهم قبل عامين إذ فقد بصره وأصبح مقعدا( وهو حي في قرية عنبورة).
لكن الوزارة أكدت لنا أن أصحاب المقالع يرشون الماء لمنع انتشار الغبار، مع أنهم لا يرشون سوى الغبار وما يرضي أصحاب الشأن. فهل ستقنعنا وزارة البيئة أن الغبار وتجريف التربة بأعماق كبيرة( تصل إلى عدة أمتار) مفيد لصحة البشر وسلامة البيئة؟ نأمل أن يكون موقف وزارة البيئة أكثر حرصا على سلامة الأرض الزراعية والأشجار بمختلف أنواعها، وأن لا يتبين لها أننا مخطئون) كما جاء في رد وزارة الزراعة المذكور) لمجرد محاولة رد الأذى والدفاع عما يمكن أن يبقى من تربة وأشجار وهواء يصلح للتنفس في منطقة تعد من أكثر مناطق سورية كثافة سكانية ومن أكثرها خضرة في بلادنا.
التعليقات
هي وقفت على مقالع الحجارة
أنا أحد
moh.j@hotmail.com
مشكورين
إضافة تعليق جديد