36٪ من الشباب السوري فقط يؤيدون مساواة المرأة مع الرجل
تشهر الهيئة السورية لشؤون الأسرة اليوم الدراسات الخمس المعمقة لواقع الشباب، وتشمل «الشباب والتعليم، الشباب والمشاركة المجتمعية، الصحة العامة والصحة الإنجابية للشباب في سورية، ومؤشرات النوع الاجتماعي، والتمكين الاقتصادي للشباب السوري».
تمخضت تلك الدراسات عن مجموعة توصيات، فقد أظهرت نتائج المسح أن النسبة العظمى للعمالة المبكرة كانت بين من بدأ العمل بسن 15 سنة، وكانت بين الشباب بعمر (15-18 سنة) وتصل نسبة العمالة ضمن هذه الفئة إلى 34.8 %. وهذا دليل على توجه الشباب صغار السن حالياً للعمل بسن مبكرة بشكل أكبر مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات وهذا مرده إلى زيادة التسرب المدرسي، وتراجع المستوى المعيشي للأسر وارتفاع الأسعار ما يستوجب الاهتمام بتطوير برامج التفتيش والرقابة على العمل للحد من ظاهرة عمالة الأطفال خاصة مع ظهور نسب من العمالة المبكرة حيث بدأت العمل بسن بين 8 إلى 11 سنة، رغم أن هذه الأعمار هي بمرحلة الطفولة وتكوين الجسم البشري، وهذه العمالة تصنف ضمن القطاع غير المنظم وغير الآمن مهنياً واجتماعياً ما يعني الحاجة الملحة إلى تطوير قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية وما يرتبط بها من إجراءات تضمن تحقيق أسس العمل اللائق والأمان والسلامة المهنية مع توافر مراقبة دقيقة لبيئة الأعمال لمنع الاستغلال والإساءة وضمان عدم التمييز في العمل بجميع أشكاله ومنع عمالة الأطفال.
ولذا طالبت الدراسة بتأسيس وتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي وفق ما أوردته الخطة الخمسية العاشرة، ومنها قانون التقاعد وتفعيل صندوق التأمين ضد البطالة والتوسع بالمظلة التأمينية، مع إيجاد صناديق ادخار لأصحاب المهن الحرة تضمن لهم رواتب تقاعدية من مدخراته، مع الأخذ بعين الاعتبار زيادة رواتب المتقاعدين بحسب متطلبات المستوى المعيشي.
ومن النتائج أيضاً توجه نسب مرتفعة من الذكور للعمل بعد انتهائهم من المرحلة الثانوية أو عند وصولهم إلى سن مناسبة للعمل، مع ارتفاع نسب العمالة المتقطعة إضافة إلى أن العمالة الدائمة ذات دخل منخفض لدى القطاع الخاص، كل ذلك يظهر ضرورة الترويج للأعمال والمشاريع كثيفة العمل من أجل ضمان وصول فئات العمال ضعيفي التأهيل إلى فرص العمل والاهتمام ببرامج التدريب المهني بحسب حاجة السوق وزيادة الإنتاجية والتركيز على دراسة مدة تلبية العمالة المتوافرة لحاجات سوق العمل الجديد وإشراك القطاع الخاص وتحفيزه على الإسهام في تفعيله ليدرس الطالب على حساب تلك القطاعات والعمل لديها بعد التخرج.
وهنا طالبت الدراسة باتخاذ خطوات لتحفيز ارتفاع سن العمل إلى 18 سنة، عبر وضع برامج للحد من التسرب من التعليم عبر تحسين المستوى المعيشي للأسر وخاصة التي يعمل أربابها بمهن هامشية والموسمية غير دائمة الدخل (كالزراعة والبناء والتشييد).
وفي سياق النتائج أيضاً توصلت الدراسة إلى أن تركز العمالة بين الذكور وبشكل أساسي في الحضر (49.2% مقابل 34% في الريف وهم من ذوي دخل 8000 ليرة سورية فأقل، ما يخلق عدم توازن جغرافي في توزيع الأعمال وعدم عدالة في قيمة الدخول بين الحضر والريف وبين الذكور والإناث، حيث إن متوسط الدخل أعلى في الحضر مقارنة بالريف، لذلك فإن تنفيذ برامج استهدافية حكومية وخاصة وأهلية ودولية لتوليد الدخل والنهوض بعوائد الأعمال بين الشرائح الاجتماعية والمناطق الجغرافية الأقل نمواً والأكثر فقراً، والتوجه نحو النساء لتأسيس مشاريع وتطوير مهارات.
وفي سياق النتائج أيضاً اكتشفت الدراسة شيوع التدخين في أوساط الشباب الذي يصل إلى (20%) منذراً بالخطر وخاصة في ضوء زيادة انتشار أنواع التدخين المختلفة كالنرجيلة ومن الضروري وضع بعض القوانين والقواعد حول السماح بالتدخين في الأماكن العامة والمقاهي المغلقة دون أي قيد حول عمل الشاب المدخن.
ولتمكين الشباب بينت الدراسة أن استهداف غير الملتحقين بالدراسة حالياً والذين لم يلتحقوا بها مطلقاً إحدى الإستراتيجيات الرئيسية في التثقيف لمضار التدخين حيث أظهرت الدراسة انتشار التدخين بشكل أكبر بين هاتين الفئتين مقارنة بالمنتظمين بالدراسة حالياً، ورغم صغر نسبة الشباب الذين يتعاطون المشروبات الكحولية إلا أن التحليل الذي أظهر المستوى التعليمي المرتفع لوالدي متعاطي المشروبات الكحولية يوجه إلى ضرورة توسيع دائرة التثقيف والتوعية لتشمل الأهل.
كما أظهرت الدراسة ضرورة استمرار خدمات المرافق الصحية للقطاع العام وتجويدها في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة لشرائح مختلفة من الناس، لذلك طرحت الدراسة الكيفية مشكلة تعامل الكادر الصحي مع طالبي الخدمة وأوصت نتائج هذه الدراسة بتدريس مادة مهارات التواصل لكل العاملين الصحيين (في سياق التدريب أثناء العمل) بعد أن تمت إضافتها حديثاً لمناهج كليات الطب.
وفي سياق الدراسة والتحصيل العلمي بينت الدراسة أن نحو أربعة من بين كل عشرة شباب مشمولين بالبحث ينتظمون حالياً بالدراسة، ونحو ستة من بين كل عشرة التحقوا بها سابقاً، على حين أن (2.4%) أفادوا بأنهم لم يلتحقوا مطلقاً بالتعليم.
ستة فقط من بين كل عشرة من الشباب الذين يقعون في الفئة العمرية (15-17) سنة (وهم ثلث العينة المشمولة بالدراسة تقريباً) منتظمة، حالياً بالدراسة، أي إن هناك أربعة من بين كل عشرة شباب يتركون التعليم قبل بلوغهم سن (18) سنة، مكلفين بالغالب التعليم الأساسي كحد أعلى لتأهيلهم التعليمي.
نحو نصف المبحوثين يدرسون في مرحلة التعليم الثانوي، في حين ينتظم ربعهم في مرحلة التعليم الجامعي، وتجاوزت نسبة الذكور المنتظمين حالياً في مرحلة التعليم الأساسي والمهني نظيرتها لدى الإناث، وتتضاءل الفروقات بين نسب الالتحاق الحالي للجنسين في مراحل التعليم المتوسط لترتفع في مرحلة التعليم العالي لمصلحة الإناث وبمقدار الضعف تقريباً (63.5% إناثاً مقابل 36.45% ذكوراً).
ومن نتائج الدراسة أيضاً رأى (71.4%) من الشباب أن جميع الناس لهم الحقوق والواجبات نفسها، وترتفع النسبة عندما يتعلق الأمر بحق الفرد في العمل وتولي الوظائف العامة، وحقه بحرية الرأي والتعبير، لكن هذه النسبة تنخفض إلى (63.7%) عندما يتعلق الأمر بتساوي حقوق المرأة مع الرجل.
في حين اقترحت الدراسة في المجال الاقتصادي إيجاد بيئة تشريعية ملائمة لمشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي لضمان تكافؤ الفرص بين الجنسين والحقوق المتساوية للمرأة وتيسير سبل وصولها إلى الموارد الاقتصادية والانتفاع بها، وفي مجال الصحة طالبت الدراسة بضمان التوزيع العادل لمقدمي الخدمات الصحية بين الريف والمدينة والتوزيع الجندري المناسب، إضافة لتعزيز الخدمات الصحية بالوقاية والكشف المبكر وتوسيعها وتعزيز التدبيرات الصحية للأمراض المزمنة.
ويأتي إطلاق اليوم في قاعة رضا سعيد عند الساعة العاشرة صباحاً لمجموعة التقارير السالفة الذكر والهادفة إلى بناء قاعدة بيانات دقيقة ومتكاملة حول قضايا الشباب المختلفة، كما أوضح بيان الهيئة السورية لشؤون الأسرة الذي وضح بأن الهدف الرئيس هو التعرف على الواقع التعليمي والمهني والصحي والمشاركة المجتمعية للشباب، إضافة لتشخيص العوامل التي تعوق تمكين الشباب ومشاركتهم المجتمعية، ورصد المواقف والآراء حيال آليات تمكين الشباب في مجال التعليم والعمل والصحة، وتقديم تصور عملي يتضمن الاقتراحات والتوصيات التي يمكن أن تساهم في رسم إستراتيجية شاملة لدعم الشباب وتمكينهم.
جابر بكر
المصدر: الوطن السورية
التعليقات
البركة بالمهرج بمحمد اسكندر ومن يخطو خطاهم
إضافة تعليق جديد