ويكليكس اللبناني: واشنطن والرياض تقودان الحكومة اللبنانية
نشر موقع ويكيليكس الثلاثاء وثيقة جديدة مفادها أن السعودية اقترحت تشكيل قوة تكون مهمتها محاربة حزب الله في لبنان بمساعدة الولايات المتحدة والامم المتحدة والحلف الاطلسي. واوضحت الوثيقة انه خلال اجتماع في مايو/ أيار 2008 مع السفير الاميركي في العراق ديفيد ساترفيلد, قال وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل إن "ردا امنيا على التحدي العسكري" في بيروت الذي يمثله المقاتلون المدعومون من ايران امر ضروري.
واعرب الفيصل -حسب الوثيقة المسربة- عن خشيته من أن يؤدي انتصار حزب الله على الحكومة اللبنانية إلى أن تضع إيران "يدها على البلاد". وأوضحت الوثيقة -التي ارسلتها السفارة الاميركية في بيروت- أن الفيصل اوضح ان "قوة عربية" بامكانها ان تفرض الامن حول بيروت لأن الجيش اللبناني "ضعيف جدا ولا يمكنه تحمل المزيد من الضغوط".
اشارت الوثيقة الى ان القوة المطلوبة يجب ان تكون مدعومة من قوات الامم المتحدة في جنوب لبنان (اليونيفيل) على ان تقدم الولايات المتحدة والحلف الاطلسي دعما لوجستيا وبحريا وجويا لها. وقال الفيصل -وفقا للوثيقة- أن "معركة لبنان هي الاكثر سهولة (من بين ساحات المواجهة مع إيران) للانتصار فيها".
وقال الفيصل لساترفيلد حسب الوثيقة إن فؤاد السنيورة -رئيس الوزراء اللبناني حينها- يدعم هذا المقترح بقوة، وان الاردن ومصر والجامعة العربية فقط على علم به.
إضافة إلى ذلك ذكرت وثيقة سرّبها موقع «ويكيليكس»، وتحمل تاريخ الأول من أيار 2008، أن القائمة بالأعمال الأميركيّة في لبنان ميشال سيسون التقت في 30 نيسان 2008 وزير العدل اللبناني شارل رزق، رئيس مجلس القضاء الأعلى أنطوان خير، وزير المهجّرين حينها نعمة طعمة ورئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط في دارة الأخير في منطقة كليمنصو في بيروت، بالإضافة لشخص حذف اسمه من الوثيقة. وتناولت النقاشات مسألة إصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي، القرار 1559، الحوار الداخلي والتجديد للجنة التحقيق الدولية.
المحكمة
وفي شأن التحقيق في مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، قال جنبلاط إن المحكمة الدولية ليست كافية لتخويف السوريين. وقاطعه رزق قائلاً إن عمل المحكمة نجح في ذلك حتى مؤخّراً. وتوافق الاثنان على أن الرئيس السوري بشّار الأسد لن يهتم للمحكمة خلال مدة عام. وأعرب رزق عن قلقه كون المدعي العام لدى المحكمة دانيال بيلمار صرّح للبعض بأنّه «لا يمتلك قضية بعد». واقترح رزق على الولايات المتّحدة إذا أرادت المساعدة، إعطاء توجيهات لسفيرها إلى الأمم المتّحدة زلماي خليل زاد ليطلب من الأمين العام للأمم المتّحدة أن يؤثّر على بيلمار من خلال التأكيد على أهمّية دوره كمدّع عام في القضية.
كما أشار رزق إلى ضرورة عدم فصل بيلمار لجنة التحقيق الدولية عن مسألة سجن الضباط الأربعة، وإلا فسيقع عندها اللوم مباشرةً على «(الشخصية ذات الاسم المحذوف في الوثيقة)». وتابع رزق قائلا إن الحكومة اللبنانية لم توافق رسميّاً بعد على البعث برسالة إلى مجلس الأمن لطلب تمديد مهمّة لجنة التحقيق لستة أشهر، وذلك بسبب عدم اكتمال النصاب في الجلسة الحكومية الأخيرة في 29 نيسان (2008). غير أنّ رزق أكّد أنّ الحكومة اللبنانية ستوافق رسميّاً على الطلب بعد تغيير طفيف أجراه رئيس الحكومة حينها فؤاد السنيورة عليها (استبدل عبارة «في أقرب وقت ممكن» بـ«قريباً»). كما أبدى رزق تفاؤله حول موافقة مجلس الأمن على الرسالة بعد تأكيد الحكومة اللبنانية فيها على «ترحيبها» ببيلمار مدّعيا عاما، بدل أن تكتفي بتقديمها طلبا بتعيينه. واعتبر أنّه لا يمكن رفض الرسالة بصيغتها الحالية.
1559
وتساءل جنبلاط عن جدوى إصدار مجلس الأمن الدولي قرارا جديدا حول العلاقات اللبنانيّة - السورية بالنسبة للبنان. فاعتبر أنّ هذا القرار يجب أن يتضّمن مسألة الحدود، وأنّه في هذه الحالة لن يتمتّع بإجماع أعضاء المجلس. كما أبدى خشيته من أنّ أي قرار جديد سيتضمّن لغة متساهلة تضرّ نمط التعامل آنذاك، فيتمّ تجاهل القرار كما في القرارات السابقة. كما تحفّظ جنبلاط حول ما إذا كان على الأمم المتّحدة مناقشة التقرير الأخير لمجلس الأمن حول القرار 1559 في جلسة مفتوحة، معلناً أن الحكومة اللبنانيّة ليست جاهزة لمناقشة مسألة الحدود مع سوريا.
الحوار
وتأسف جنبلاط لرفض رئيس مجلس النواب نبيه برّي اللقاء مع سعد الحريري، على رغم تدخّل رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان في مكالمة هاتفية لحثّ برّي على ذلك. وقال جنبلاط إنّه لا يمكن رفض الحوار. وأضاف أن حكومة على شكل 13-7-10 مقبولة عموما. غير أنّه شكّك في موافقة برّي على ذلك كون السوريين ينتظرون الإدارة الأميركية الجديدة والانتخابات النيابية اللبنانية على أمل الخروج بصيغة أفضل.
وأصرّ جنبلاط على وجوب انتخاب رئيس قبل التحدّث في التقسيمات الحكوميّة. وفي ظلّ شكوكه حول قبول قائد الجيش حينها ميشال سليمان بانتخابات بأكثرية بسيطة، صمت جنبلاط عند سؤاله عن الخطّة البديلة لـ14 آذار. وقامت خطّة الحريري بحسب الوثيقة على انتخاب رئيس بأكثرية بسيطة في جلسة 13 أيار، واعتمدت قيادات 14 آذار على قبول سليمان للفكرة. غير أنّ جنبلاط نفسه لم يبدِ تأييده لها.
كما أعلن جنبلاط عدم نيّته لقاء أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى عند زيارة الأخير لبيروت، نظراً لسفره للأردن للقاء الملك عبد الله. ورأى أن زيارة موسى لن تكون مثمرة وفضّل الرهان على القطريين الذين أظهروا تقاربا «بطيئا لكن بحزم» من 14 آذار، وتساءل حول السياسة الفرنسية في الوقت الراهن.
دور للولايات المتّحدة
عند سؤاله عن كيف يمكن الولايات المتّحدة أن تدعم الحكومة اللبنانيّة، أشاد جنبلاط بالتصريحات الأخيرة للحكومة الأميركية حول صناعة سوريا لأسلحة نوويّة، وأردف ممازحاً أن على الولايات إرسال حاملة الطائرات الشهيرة نيميتز لترهيب سوريا. كما ذكر أن الحكومة الأميركيّة يمكن أن تؤدّي دورا بنّاء على صعيد السجون (على خلفية أحداث سجن رومية).
وأضاف رزق أنّ خريطة طريق قد تكون مفيدة لإيضاح السبل والآليات التي يمكن الولايات المتّحدة من خلالها دعم القضاء اللبناني (وذلك بالإضافة إلى برنامج USAID البالغة قيمته 7 ملايين دولار والمخصّص للتدريب القضائي في لبنان).
وقال جنبلاط إن الحكومة اللبنانيّة لم تستلم بعد الوديعة المصرفية التي وعدها بها السعوديّون والبالغة قيمتها مليار دولار، فيما رأى طعمة أن التأخير سببه الثقافة السعوديّة، وأنّ الحل يكمن في أن يبعث رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة مستشاره محمد شطح إلى المملكة لقضاء 4 أيام هناك، وتحريك الأمور.
شطح وشبكة «حزب الله»
وفي حديث منفصل عن تقدّم حزب الله في مسألة إنشاء شبكة مراقبة بصريّة، قال شطح لسيسون إن الشبكة تقدّم مثالاً آخر عن «انتهاكات حزب الله العديدة لسلطة الدولة اللبنانية. فلا يمكن فصل هذه الشبكة عن نشاطات الحزب العسكريّة». غير أنه اعتبر أن دعوى رسميّة ضدّ «حزب الله» ستطرح السؤال نفسه حول سبب عدم إزالة الدولة اللبنانية سلاح الحزب، وقد تتضمّن مخاطر عسكرية على الدولة اللبنانيّة. وأضاف أن مجلس الأمن لا يمكن أن يبقى محايداً تجاه تقارير تفيد بتزايد نشاطات «حزب الله» غير الشرعيّة، غير أنّ على الدولة اللبنانية المبادرة بالشكوى. كما أعلن شطح أنّه لا توجد حالياً خطة موحّدة للحكومة اللبنانيّة حول كيفية مواجهة هذه المشكلة، في إشارة إلى تباين في الرأي بين وزيري الدفاع الياس المرّ والاتصالات مروان حمادة.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد