وحدة الوجود
مذهب فلسفي يقول بأن الله والطبيعة حقيقة واحدة، وأن الله هو الوجود الحق، ويعتبرونه صورة هذا العالم المخلوق، أما مجموع المظاهر المادية فهي تعلن عن وجود الله دون أن يكون لها وجود قائم بذاته.
و يتلخص مذهب ابن عربي في وحدة الوجود في إنكاره لعالم الظاهر ولا يعترف بالوجود الحقيقي إلا لله، فالخلق هم ظل للوجود الحق فلا موجود إلا الله فهو الوجود الحق أي ان الماهية هو وهم قابل للوجود.
وذهب من الفلاسفة الغربيين امثال سبينوزا مثل هذا المذهب حيث قال:
ما في الوجود إلا الله، فالله هو الوجود الحق، ولا وجود معه يماثله لأنه لا يصح أن يكون وجودان مختلفان متماثلان.
وهو لم يتطرف كما ابن عربي في ذلك
لكن ماهو الرد المنطقي على وحدة الوجود؟!
الاستدلال المنطقي هو الخروج من المقدمات المنطقية بنتائج حتمية وحيدة غير قابلة للاحتمالات.
سنطبق الاستدلال المنطقي هنا على مسألة الخلق ونرى إلى أي نتيجة يقودنا هذا الاستدلال.
أولا هل وُجد الكون من العدم؟
مقدمة1: كل شيء له بداية مطلقة فهو وجد من العدم
مقدمة2: الكون له بداية مطلقة (حقيقة علمية)
نتيجة1: الكون وجد من العدم.
ثانيا هل أوجد الكون نفسه؟
مقدمة1: القائم بالفعل يجب أن يكون موجودا قبل قيام الفعل
مقدمة2: الكون لم يكن موجودا قبل فعل الوجود
نتيجة2: الكون لم يوجد نفسه.
ثالثا هل يوجد فاعل سابق لوجود الكون؟
مقدمة1: كل فعل يحتاج إلى فاعل (حقيقة علمية)
مقدمة2: وجود الكون من العدم فعل
نتيجة3: يوجد فاعل سابق لوجود الكون.
هذه النتائج الثلاث أثبتنا صحتها، فهي نتائج منطقية حتمية مثبتة واجبة وليس لها بدائل.. أي أنه لا يوجد فيها أي طعن ولا يمكن استبعادها أبدا. وبما أنها ثبتت لدينا فسوف نعتبرها مقدمات لنخلص للنتيجة النهائية:
رابعا هل يوجد خالق للكون؟
مقدمة1: الكون وجد من العدم
مقدمة2: الكون لم يوجد نفسه
مقدمة3: يوجد فاعل سابق لوجود الكون
نتيجة4: يوجد خالق للكون.
وهذا هو المطلوب إثباته.
وفي المنطق يجب إذا وصلنا إلى نتيجة مثبتة غير قابلة للنقاش أن نحترمها لأنه لا يمكن الوصول إلى نتيجة أخرى تناقضها أبدا ما دمنا قد بنينا استدلالنا بناءً صحيحا. يبقى السؤال الذي يطرح أحيانا:
هل للخالق خالق؟
وهذا سؤال خاطئ منطقيا للأسباب التالية:
قبول هذا السؤال يوقعنا فيما يسمى بـ "الدور" أو "الاستدلال الدائري" (circular reasoning) وهو من المغالطات المنطقية المعروفة، حيث تكون النتيجة هي مقدمة لنفسها، ونحن لا نريد أن نقبل أي مغالطة منطقية في استدلالنا.
قبول هذا السؤال يناقض النتيجة التي توصلنا إليها وأثبتناها بالاستدلال المنطقي.. ونقض النتيجة المثبتة غير ممكن.
فيما يخص العدم والوجود، فإن التقسيم إلى خالق ومخلوق أمر حتمي كما ثبت، وتداخلهما خطأ منطقي، حيث أنه يلزم للاستدلال المنطقي أن لا تتداخل المفردات المستخدمة في الاستدلال من حيث الدلالة، فالخلط في الدلالة بين الخالق والمخلوق يعد خللا في التفكير المنطقي.
فما المشكلة؟ وكيف يكون الخالق موجودا وليس له موجد؟
الإجابة هي أن الخالق إما أن يكون أزليا (ليس له بداية) أو أن يكون غير أزلي، فإن كان غير أزلي فإن استدلالاتنا المثبتة تسقط، وسقوطها غير ممكن منطقيا لأنها مثبتة، فلا يبقى إلا احتمال واحد وهو أن الخالق أزلي، أي أنه ليس له خالق. والخالق سبحانه ليس محسوسا نستدل عليه بالحس وإنما الطريق الوحيد للاستدلال عليه وعلى صفاته عند العقلاء هو استخدام العقل، فهو ليس كالمخلوق (الكون) الذي نشاهده وندرسه فيزيائيا ونثبت صفاته وبدايته بالأدلة العلمية كقوانين الديناميكا الحرارية والانفجار الكبير وغيرها. وعلى ذلك فإن الاستدلال على وجود الخالق يكون بالعقل، أما الاستدلال على العالم المشهود فيكون بالحس. وقد أشار القرآن إلى ذلك مرارا فوصف آيات إثبات وجود الله بأنها آيات "لقوم يعقلون"، ووصفهم أحيانا بأنهم "أولو الألباب"، بينما أمر بالنظر في الكون والمخلوقات بعبارات حسية مثل: "ألم تر.."، "أفلا تبصرون"، "قل انظروا..".
إضافة تعليق جديد