هل تقرأ الشعوب الغربية كتبنا، كما نقرأ لهم كتبهم..؟
هل حقق الكتاب العربي الانتشار المطلوب في الغرب، ماهي العوائق والمشكلات..؟هل الترجمة يعني الانتشار، وكم عدد الكتب المترجمة التي تطبع وتباع هناك..؟إلى أي حد تسيء الصورة السياسية على الصورة الثقافية..؟
سؤال رددته كثيرا، ماذا تقرأ الشعوب الغربية اليوم من أدبنا العربي، وإلى أي حد هم مطلعون على مايكتب في الرواية والقصة والشعر وغيرها من الفنون الأدبية، خصوصا وأن تلك الشعوب لديها نهم كبير للمطالعة في كل الأوقات والامكنة، وقد رأيت بأم عيني كيف يقرأون في الباص والقطار والطائرة وفي الحدائق والمواقف، وكيف يحثون أطفالهم على القراءة ايضا.
لم أبحث عن الإجابة كثيرا عندهم، لصعوبة القيام بمثل هذا الاستطلاع في تلك البلاد، بل توجهت لبعض الأصدقاء المقيمين في بلاد الغرب المهتمين بالثقافة: هل من كتب عربية مترجمة وموجودة ويقرأها الغرب، كما نقرأ نحن لهم من ابداعات، ومالذي يحول دون انتشارها عالميا..؟
كان الجواب غير ملبيا للطموح، فقد أجاب البعض بأن هناك كتب مترجمة، وموجودة على أرفف بعض الأماكن، ولكن غير مروج لها بالشكل الأمثل.
والقارئ الغربي قد لايكلف نفسه عناء البحث عن تلك المطبوعات، لأنه لم يسمع بها من قبل، ويحتاج لمن يرج لتلك المطبوعات ولمن يترجمها، وينتقي المضمون الأمثل الذي يتقبله القارئ بصياغة جميلة تتناسب والذوق الأجنبي.
اما وقد طرحت السؤال على أصحاب الشأن والمهتمين من الأدباء العرب المقيم منهم خارج الوطن العربي والمقيم داخله، ماهو سبب عدم انتشار الكتاب العربي عالميا، هل السبب في معالجة القضايا المطروحة فيه، ام في دور النشر..أم الأمر يحتاج لعلاقات وجوائز عالمية، أم هناك امورا اخرى يجب مناقشتها…؟
التخمة هي السبب
الكاتب المصري د. شريف ماهر مليكة مقيم في أمريكا: هذه الأسئلة تخطر ببالي كثيرا لأنني روائي أكتب بالعربية بينما يعيش بالغرب. ليس هذا فحسب، ولكن عائلتي -زوجتي وإبناي- لا يقرأون العربية، ولا سبيل للاطلاع على ما أفعله تلك الساعات الطوال التي أقضيها بعيدا عنهم أكتب قصصي ورواياتي، من دون إيصال كتاباتي في صورة تسمح بتلقيها.
إذن فالمسالة تكمن في ترجمة الكتابات العربية إلى لغات الغرب، وأهمها الإنجليزية. لكن كيف يتم ذلك؟ كأي سلعة عربية تبغي ترويجها في الغرب، يجب أن تتوفر لها الأسباب لكي يتلقاها السوق الغربي.
كلنا يعرف أن الكاتب العربي الوحيد الذي غزا الغرب واستحق جائزة نوبل في الأدب هو نجيب محفوظ.
لكن دعنا نتساءل معًا عما أدى بمحفوظ ليتبوأ ذلك المجد. السبب الأول في رأيي هو محفوظ ذاته، طريقته وأسلوبه وعمق فكره وبراعته. ثانيًا تأتي الموضوعات التي اختار محفوظ الكتابة عنها؛ فهو تطرق إلى الكتابة عن الحارة المصرية بكل صدق وبراعة مما أتاح الفرصة لمن لا يعرفها للإحاطة بكل تفصيلاتها. السبب الثالث -وهو الأهم-هو ترجمة أعماله إلى اللغات الغربية، وهو ما أثمر عن تتويجه بتلك القامة الفريدة.
وبصفتي أعيش في الولايات المتحدة أعترف بأن محفوظ هو الكاتب العربي الأوحد -أو يكاد أن يكون-الذي تجد كتبه على أرفف المكتبات الكبرى هنا.
هذا أمر خطير وخاصة أمام الانفجار الذي نشهده اليوم والذي أثمر عن آلاف الروايات العربية التي تصدر كل عام. وكما تعرف لم تكن تصدر في أيام محفوظ سوى العشرات من الروايات كل عام، لماذا؟
هل انصرف الغرب عن القراءة؟
هل كف الغرب يوما عن شغفه في الاطلاع على ثقافات غريبة عنه؟هل كف المستعربين عن ترجمة الروايات العربية؟
الإجابة عن كل تلك الأسئلة في رأيي هي: لا.
أعتقد أن الإشكال يكمن في نوعية الروايات التي تحظى بالترجمة. ولا أبغي أن أبدو كحاقد لأن رواياتي لم تحظ بالترجمة -لدى رواية وحيدة تحت الترجمة الآن عن الجامعة الأمريكية بالقاهرة. مع الأسف لا تتم ترجمة إلا القلة من الروايات التي تفوز بالجوائز الأدبية المنتشرة اليوم. وبالطبع لم يعد يخفي على أحد اليوم كيف توزع تلك الجوائز كأكياس الفضة التي كان يلقيها السلاطين تحت أقدام شعراء العباسيين والأمويين.
الإشكال في رأيي هو التخمة.
التخمة في الإنتاج الأدبي فاقت الجودة.
التخمة في أعداد الكتاب جعلت بعضهم يسرق أفكارًا غربية لروايات أو أفلام ويعربها.التخمة في أعداد النقاد غير المتخصصين الذي ملأوا الساحة كلامًا رفع من شأن كتابات وكتاب لا يستحقون.
التخمة في عدد الجوائز الأدبية التي صارت توزع كالعطايا ولاعتبارات سياسية أو شخصية لا تمت للأدب بشيء.
كما إن هناك تخمة في المترجمين خاصة بعد أحداث ١١ سبتمبر التي وجهت أنظار العديد من الشباب نحو تعلم العربية ومن ثم امتلأت الساحة بأنصاف المستعربين الذين يقومون بالترجمة هذه الأيام.
فهم ساذج للجنس الأدبي
الكاتب العراقي سامي البدري قال: لنتفق بدءاً على إن الرواية فن مستورد وإنه مازال يحبو في ثقافتنا العربية..
ولنتفق أيضاً على إننا مازلنا، ككتاب ومتلقين، نرى الرواية عبر الحكاية ولا نراه كجنس مستقل له محدداته وإشتراطاته الفنية والبنيوية.
من جهة ثانية، وهذا مازاد الأمر تعقيداً على هذا الجنس الأدبي، هو إن الرواية مدينية وأغلب من تصدوا لكتابتها من العرب هم من البيئة القروية، وهذا ما حصرها في الفهم العربي بجنس الحكاية، وعدم رؤيتها إلا في حدود الحكاية، وخاصة، وهذا هو الأغرب في الأمر، من قبل دارسيها الأكاديميين والذين يسمون أنفسهم نقاداً بلا وجه حق.الرواية عالم مقترح وبديل للواقع المعيش.. وعليه فإن هذا العالم الذي يقترحه كاتب ما، يجب أن يتوفر على عناصر غير العناصر التي يعيشها الواقع، أو تنسجه عنه الحكاية، بشكلها التجميلي.. وهذا يعني أن الرواية لا تعني ولا يجب أن تكون صورة فوتوغرافية عن الواقع، وأيضا ليست صورة فوتوغرافية (معدلة على الفوتو شوب) لتناسب (قيم) وعادات مجتمع ما؛ بل أن الرواية عامل خلق إزاحي، يقوم على فكرة اقتراح البديل المتوفر على عناصر الدهش والقدرة على توريط المتلقي في قبوله والتفاعل معه، كعالم بديل، قابل للحياة، لتوفره على عناصر وجماليات يفتقر إليها الواقع.
وبهذا المعنى تكون الرواية عملية التواء ولي الواقع المعيش ليكون أكثر جمالا وأكثر قدرة على الحياة بذاته، وأكثر امتلاء بذاته، وأكبر قدرة على استيعاب عمليات الإحلال وجدلياتها، وتقبل مضافات فعل الحياة، خارج إطار المعهود والمتقبل، بما يسمح بكسر القوالب وإعادة تلوين بعض أجزاء اللوحة، بما لم تألفه الذائقة العامة، والبورجوازية (البورجوازية بمعناها الاستاتيكي المحافظ) منها، على وجه التخصيص.
المشكلة ان كل هذا ظل قيد التنظير ولم يسحب، وخاصة من قبل المؤسسات الأكاديمية والنقاد على جسد النص الروائي العربي وأهدافه، وأصرت المؤسسات الأكاديمة، ومؤخراً ادارات الجوائز ودور النشر، تحصر الرواية بفهمها المحدود وأفق رؤيتها الضيق الذي لم يتعد أفق الحكاية وطرق طرحها، والتي لا تريد أن تفهم أو أن ترى أن الرواية عملية خض وتقويض لمألوفات البنى الاجتماعية والقيمية، من ناحية، وعملية ردم لفراغات الحياة، وما اصطلح عليه بقوانينها، بالخيال، من ناحية أخرى، من أجل أن تكون أكثر جمالا، وأكثر انسجاما مع نوازع الإنسان واشتهاءاته، التي ناصبتها الفلسفة العداء، باعتبارها مناقضة لمنطق العقل، متناسية أن تلك النوازع والاشتهاءات هي جزء أساسي من تركيب وفطرة الإنسان، وهذا ما اشتغل عليه العملاق، غابريل غارسيا ماركيز، على سبيل المثال، في معظم رواياته، وبالأخص في رائعته «مئة عام من العزلة».
فكيف للرواية العربية أن تكسر قوالب المحلية وتخرج إلى طور العالمية والحال هذه، وخاصة بعد أن تحولت جوائز الرواية العربية إلى مؤسسات تكريس للفهم العربي الساذج لهذا الجنس الأدبي، بإغراءات المال والدعاية الاعلامية على الصعيد المحلي، وكأنها تسعى لتمريره كواقع وفهم وحيدين!متطلبات الانتشار العالمي
الكاتب العُماني بدر الشيدي قال: مما لا شك فيه أن الرواية العربية حققت إنجازات كثيرة على الصعيد الاشتغال الفني والمواضيع التي تطرحها وغيرها من البنى. وقد بلغت العالمية في أوقات معينة. نذكر هنا بالطبع الروائي نجيب محفوظ وفوزه بنوبل للآداب عام ١٩٨٨ وكذلك الروائية العمانية جوخة الحارثي وفوزها بجائزة مان بوكر عن روايتها (سيدات القمر). بالطبع هناك أسماء عظيمة لهم مساهمات مهمة في الرواية العربية.
العالمية، أعتقد مصطلح ملتبس ويدخل في إطار العلاقة الملتبسة أصلًا بين العرب والعالم الغربي الذي يمثل العالمية بشكل عام.
بلوغ الرواية العربية للعالمية ربما يتطلب عدة أشياء، كدور نشر تعمل بوسائل وآليات تتوافق مع تلك المتطلبات. لاتزال تلك الدور حبيسة المحلية والإقليمية. كذلك مهم جداً تطوير العلاقة بين هذه الدور والكاتب.
كذلك للترجمة دورا مهما في انتشار العمل الأدبي العربي عالميًا. فكلما كانت الترجمة تلامس ذائقة القاري وتقترب منه وابراز العمل الأدبي كان الانتشار العالمي أكثر.شيء مهم آخر اعتقد بان هناك مدى قدرت الرواية العربية للمقاسات والاشتراطات العالمية بما ينسجم مع نظرتهم هم للعالم. أعتقد بأن بلوغ العالمية لا يتطلب الكثير من الاشتراطات الفنية للعمل الأدبي الرواية بشكل خاص، وإنما التركيز أكثر لتلك الاشتراطات والمقاسات.
و أما أن الرواية العربية لم تبلغ العالمية، فتلك مقولة أيضا ملتبسة. الرواية العربية أثبتت جدارتها و حضورها وهناك أسماء لأعمال كثيرة وكتاب كثر. لا يتسع المجال لذكرهم.
الصورة السياسية تسيء للصورة الثقافية
الكاتبة اللبنانية نجوى ابراهيم: الرواية العربية لم تبلغ العالمية بعد، وإن كانت هناك بعض الأعمال المترجمة قد حازت أخيرا جوائز عالمية أو أنها بلغت قوائمها القصيرة. الأدب العربي كما يُنظر إليه في الدول الغربية أدب “قاصر”، دونيّ، أو أنه مجهول ومتجاهل كلّيا مع انعدام أي رغبة بالتعرّف إليه أو باستكشافه.
ذلك عائد ولا ريب إلى أسباب عدّة، منها أن ما يروج في بلداننا من أدب ليس بالضرورة هو الأفضل نوعيا، وبما أنه أولّ ما يتم اقتراحه إلى الترجمة، فإنه للأسف يعطي فكرة سيئة ومنقوصة عمّا ننتجه من أعمال. هذا أدى للأسف إلى خيبة لدى الناشر الأجنبي وجعله يعدم الرغبة بالمغامرة بطرح أسماء جديدة أخرى.
أيضا، لا يتحمّس القارئ الأجنبي جدا للتعرّف علينا، ربما لأن صورتنا عنده سيّئة، أو مشوّهة، أو أنها لا تعطي فكرة حقيقية عن تناقضات المجتمعات العربية وتنوّعها وثرائها. الصورة السياسية السلبية تسيء إلى صورة الثقافة التي تعاني بدورها من تراجع. ومما يزيد الطين بلّة أن السياسات الثقافية الرسمية لا تروّج إلا لمن يماشيها ولا يشوّه سمعتها المشوّهة أصلا…
على مستوى آخر، لا تبادر الدول العربية، وهي دول قادرة ومقتدرة، لاتخاذ خطوات من أجل تصدير كتّابها وأدبائها ووضعهم على خريطة العالم الثقافية، كما تفعل بلدان أخرى مثلا، وهي إن فعلت، فمن أجل الترويج لأنظمتها، لا لمبدعيها.
في الرواية العربية اليوم ما يوازي أهميةً ما يُكتب في العالم، إنما الشرط الأهمّ برأيي لتوفير ما قد يتيح لها يوما بلوغ العالمية هو صرامة أكبر في النشر، وفي النقد، وفي إدراك أن معايير الانتشار ليست بالضرورة معايير النجاح.
قيود الكتابة والخوف، والتعصب القبلي، ودور النشر
الكاتبة العُمانية شريفة التوبي قالت: لم تصل الرواية العربية إلي العالمية إلا القليل منها، مثل أعمال نجيب محفوظ بعد فوزه بجائزة نوبل، وحديثا رواية سيدات القمر لجوخة الحارثي، لكن بكل أسف معظم الأعمال والروايات العربية لم تتجاوز الحدود الجغرافية لهذا الوطن الكبير، فرغم السيل المتدفق من الإصدارات والتي لا تصل إلى يد القارىء الآخر في الضفة الأخرى، وأعتقد أن المشكلة ليست في الكاتب ولكن في الظروف المحيطة به، خصوصاً الأزمات الراهنة التي يمر بها الإنسان العربي بشكل عام والذي أنتج أدب يعبّر عن حال هذا الإنسان في شتاته وموته وفقره وعذابه والظلم الواقع عليه.
لم تصل الرواية العربية إلى القارىء الغربي كما وصلت إلينا رواياتهم وأعمالهم الأدبية، ربما لأن ثقتنا بهم وبأعمالهم أكثر من ثقتهم بنا، فهم ربما لا يجدون فيما نكتبه إبداعاً يستحق أن يقرأ، أو ليس هناك من يقدم هذه الأعمال لهم، فالترجمة غالباً تكون بترجمة أعمال أجنبية للغة العربية وليس العكس، لذلك قليل أن تجد أعمال عربية أدبية مترجمة، فما زال الأديب العربي مجهول بالنسبة لهم على عكس ما نحن نفعله، ولعل ما نقرأه من الروايات الأجنبية أكثر مما نقرأه من الروايات العربية، ليس لضعف المكتوب لدينا ولكن لضعف النقد ولضعف دور النشر، ولضعف التسويق لهذه الأعمال، فالعربي لم يخرج من إطار تعصبّه القبلي البغيض ليأتي هذا التعصب في شكله الثقافي القاتل للإبداع، فنحن لا تهمنا الأعمال في قيمتها الأدبية قدر ما نهتم بالأسماء والعناوين ونوعية الأغلفة، فنبارك الهزيل على حساب الإبداع الحقيقي، لذلك تطفو على السطح مجموعة من الأسماء بينما تُطمس الأخرى ولا يُعترف بها، كذلك دور النشر العربية أغلبها تجارية، لا تهمها الجودة بقدر ما يهمها الربح الذي سوف تجنيه من وراء الكتاب المنشور، وبعض دور النشر لا تبادر بإيصال الكتاب إلا في محيط البيئة التي صدر منها الكتاب، إلى درجة أن بعض دور النشر لا تعمل على نشر الكتاب في الدول العربية، فما بالك بالدول الأخرى، ولا تقدمه ولا ترشحه لجوائز، دور النشر تستغل الكاتب الواقع بين حبّه للكتابة ورغبته في نشر أعماله.
كذلك تجد معظم الأعمال العربية غارقة في مواضيع محددة ومتكررة، وكأن الروايات تكرر نفسها ولكن بأسماء أخرى، الكاتب العربي يكتب بخوف، يحسب ألف حساب حينما يكتب، لأنه يفتقد للحرية التي يجب أن تكون لدى المبدع والتي هي شرط أساس من شروط الإبداع، الكاتب العربي مقيّد برقابة المجتمع وقيد السلطة، وأيضاً هو لا يملك الوقت ليبدع، فهو يكتب في أوقات مسروقه من عمر وظيفته العملية والأسرية، الكاتب العربي يطارد لقمة العيش كما يطارد الكلمة، فهو غير متفرغ للكتابة كما هو حال الكاتب الغربي، الذي يمتهن الكتابة ويتفرغ لها.
الكتابة لدينا ليست مهنه ولا حرفة بل هي هواية نظل نمارسها طوال حياتنا، هواية لا أكثر، هواية لا يباركها أحد، ولا يمكن أن تمدك بأسباب العيش وتجعلك مكتفياً بها فقط، لذلك وصول أي رواية أو عمل أدبي للعالمية أعتبره معجزة وحظ إلهي وربما وسائل التواصل الاجتماعي الآن أعانت بعض الكتّاب للوصول وساعدتهم لتقديم أعمالهم وإيصالها بأنفسهم إلى القارىء الآخر، رغم أن هذه المواقع لم تساعد كثيراً على جودة ما ينشر بقدر ما ساعدت على الانتشار السهل واستسهال العملية الكتابية.الحارثية وسيدات القمر
ليست الأديبة العمانية جوخة الحارثي هي أول من حقق خرقا في جدار الغرب الثقافي عبر روايتها “سيدات القمر” الصادرة باللغة الإنجليزية، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، ولكنها كانت أول أمرأة عربية تفوز بجائزة “مان بوكر” العالميّة 2019.تغوص الحارثي في أغوار المجتمع العُماني وأحواله من خلال أربعة أجيال عاصرت أحداثًا سياسيّة واجتماعيّة مختلفة نتج عنها العديد من الانقلابات المحوريّة في شخصيّة الفرد العماني. رواية غنيّة بتفاصيل الحياة وهمومها اليوميّة صبّتها الكاتبة بأسلوب مشوّق حكواتيّ اقترب من سرديّة القصص القصيرة إذ جزّأت الحارثي الرواية إلى فصولٍ تراوحت بين الصفحة الواحدة والعشر صفحات أحيانًا.
ولعل المحلية المفرطة للحارثية وجمالية ماكتبت دون قيود، هي من جعلها تصل لهذه المكانة في العمل الذي لاقى أصداء طيبة، ولابد من الإشارة إلى أن بعض قصصها القصيرة ترجمت إلى الانجليزية والألمانية والصربية والإيطالية والكورية، ولكن السؤال الأهم الذي وصلنا، كم نسخة تم طباعتها في الغرب من كتب الحارثية، وهل وصلت ليد القارئ الغربي، بمعنى هل وصلت رسالتنا لمن نريد..؟
بسام جميدة - صحيفة "عُمان" العمانية
إضافة تعليق جديد