موقف الأعداء والحلفاء من «كردستان» السوري
الجمل ـ محمد صالح الفتيح: يتساءل بعض الأصدقاء عن حقيقة موقف الأعداء والحلفاء من مشروع «كردستان» السوري، وتحديداً حول الموقف التركي والأميركي، والغربي عموماً، وأيضاً، وإن بدرجة أقل، حول حقيقة حلفاء سورية الروس والإيرانيين. فيما يخص موقف الأعداء، لايوجد أي مؤشر على أن هناك رفضاً تركياً أو غربياً لطموحات الأكراد في سورية.
فعندما بدأ الهجوم على «عين العرب»، قُدرت أعداد مقاتلي داعش التي احتلت تلك المنطقة بحوالي 9000 مقاتل على الأقل. وما كان يمكن للأكراد أن يستعيدوا تلك المنطقة بدون الحصول على تسليح غربي كبير وثقيل ونوعي. وهذا التسليح ما كان يمكن أن يتم بدون موافقة الحكومة التركية التي وافقت أيضاً على السماح للبشمركة العراقية بالانتقال عبر الأراضي التركية إلى سورية. بالنسبة للغرب لا يوجد قلق من تسليح الأكراد لأن الأكراد ليس لهم سوابق بالتطرف الديني أو الانضمام إلى جماعات إرهابية، على الأقل ليس على نطاق واسع، والأكراد أيضاً لا يظهرون موقفاً معادياً لإسرائيل ولا يبدو أن إسرائيل تظهر لهم موقفاً معادياً بل أن هناك تسريبات كثيرة عن تعاون إسرائيلي كردي في العراق وإسرائيل عموماً بحاجة إلى دولة أخرى صافية اللون في الشرق الأوسط لكي لا يبقى وضع إسرائيل، الدولة القومية الصافية، مثاراً للانتقاد أو الاستهجان.
كما أنه ليس هناك قلق غربي من تقديم أسلحة نوعية للأكراد، بما في ذلك الصواريخ المضادة للطائرات، فليس لدى الأكراد نية للصدام مع الغرب أو لتصدير خلايا متطرفة إليه. يدعم هذا الاعتقاد نجاح الأحزاب والناشطين الأكراد في تكوين صورة في أذهان المجتمعات الغربية عن كونهم شعباً قد تعرض للاضطهاد وحُرم، لعقود، من حقه بنيل الحكم الذاتي. لم يكن هناك عوائق في وجه تسليح الأكراد السوريين، سواء بالأسلحة الخفيفة أو بالأسلحة النوعية والثقيلة. فقد تم توفير الأرضية المناسبة لتمرير مثل عمليات التسليح هذه عندما انخرطت دول «الناتو» المختلفة في تقديم مختلف صنوف الأسلحة إلى «البشمركة» في كردستان العراق. وللتذكير، فقــد اتفق المجتمعون في قمة حلف الأطلسي في مقاطعة ويلز البريطــــانية، في شهر أيلول 2014، على مواجهة تنظيم «داعش» والتعـــهد بدعم كل القوى المعادية لـ«داعش»، في سوريا والعراق، بما في ذلك تقديم الغطاء الجوي والإمدادات.
أما بالنسبة للموقف التركي فالمؤسف هو أن كثيراً من المراقبين لايزالون ينظرون إلى العلاقة التركية الكردية كما لو أننا لانزال نعيش في ثمانينات القرن الماضي. حيث لا يلحظ هؤلاء المراقبون تراجع لغة العداء بين الحكومة التركية والأكراد خلال الأعوام الماضية، فتركيا انتقلت من خانة مهاجمة مواقع «حزب العمال الكردستاني» في جبال قنديل في شــمال العراق إلى خانة توفير منفذ بحري لتصدير نفط كردستان وهذا المنفذ البحري هو الذي أنقذ حكومة كردستان ووفر لها مورداً مالياً بعد أن أوقفت حكومة بغداد صرف الرواتب لحكومة أربيل. وهنا أحب أن أذكر بأن إسرائيل كانت يومها الوجهة النهائية لنفط كردستان العراقي. والآن بعد أن تمكن الأكراد من بسط سيطرتهم على عين العرب وعلى مساحات كبيرة حولها وحول مناطق أخرى في محافظة الحسكة السورية، لم نرى أي تغير في الموقف التركي أو أي تعبير عن خشية من دويلة انفصالية كردية في سورية. ويمكن لمن يريد أن يراجع تصريحات المسؤولين الأتراك خلال السنوات الأربع الماضية ليتأكد من هذه النقطة. وأخيراً عندما دخلت القوات التركية لنقل رفات سليمان شاه، دخلت تلك القوات من منفذ مرشدبينار الذي يتحكم به الأكراد واختيرت قرية آشمة لتكون موقعاً للضريح الجديد ولا يبدو أن الأتراك أو الأكراد يظهرون أي خوف من نوايا الطرف الآخر.
بالنسبة لموقف الحلفاء، الروس والإيرانيين، فيبدو من رد فعلهم على دخول الجيش التركي إلى آشمة أنهم غير قادرين، أو غير راغبين، بفعل شيء في هذا الخصوص. وبينما صمت الروس، تحدث الإيرانيون بشكل مبهم وملتبس عن الاعتداء التركي. وهنا يجب أن نتذكر أنه في مؤتمر موسكو الماضي الحواري طالب الأكراد باعتماد نظام الإدارة الذاتية في مناطق أخرى من سورية، ولم يعترض أحد على هذا الطرح. أما الإيرانيون فيجب أن نتذكر أنهم ينسقون بشكل جيد جداً مع أكراد العراق ولا يوجد مؤشر منطقي على أن هناك أي رد فعل إيراني يمكن الرهان عليه في المستقبل لمنع اعلان الدويلة الكردية.
باختصار، المسألة بيد السوريين وحدهم!
إضافة تعليق جديد