مملكة البحرين تسحق معارضيها على أسـاس الهـويـة المذهبـيـة
بعد إلقائها قصيدة مناهضة للنظام خلال التظاهرات السلميّة التي شهدتها البحرين في 14 شباط الماضي، وبعد تصورها، في قصيدة أخرى، لحوار مفترض بين الملك حمد بن عيسى آل خليفة والشيطان، لم تسلم الشاعرة البحرينية الشيعيّة آيات القرمزي من الاعتقال، أثناء الحملة الوحشية التي شنّها النظام ضد المتظاهرين.
في الأسبوع الأول من اعتقالها، تعرضت آيات، كما العديد من أقرانها وقريناتها، لشتى أنواع التعذيب. ضربت بقوة وهي معصوبة العينين. أجبرت على الوقوف لساعات طويلة تستمع للقصيدة التي كتبتها مسجلة على شريط. فتح السجانون فمها، بصقوا داخله ووضعوا فرشاة المرحاض كذلك. لم تنج آيات من الصعقات الكهربائية، تلقتها باستمرارعلى خدّيها. ولم يتوان محتجزوها عن ترهيبها بالاغتصاب، فقد ملأوا حيطان زنزانتها بعبارات تهديد بالاعتداء الجنسي، عليها توقعه في أي وقت. وبالطبع لم يُسمح لها بالاتصال بأفراد عائلتها.
وفي الأسبوع الماضي، اتُهمت الشاعرة البحرينية أمام المحكمة العسكرية بانتهاك السلامة العامة وإهانة الملك والتحريض على الكراهية والاحتقار للحكومة.
يذكر ان الاعتداء على النساء او اعتقالهن يُعدّ ظاهرة حديثة في البحرين، يهدف الأمن من خلالها إلى توجيه رسالة مفادها أن لا أحد محمي من هذه الحملة.
وإلى قضية القرمزي هناك المئات من الملفات البحرينية المشابهة التي تعمل على توثيقها جمعيات محليّة وعالمية تعنى بحقوق الإنسان. وتعبّر هذه الجمعيّات عن قلق عميق إزاء سياسة القمع التي تنتهجها الحكومة البحرينية: فبغض النظر عن الهدف السياسي المتمثّل بسحق المعارضة السياسية، يبدو أن النظام البحريني السني ينتهج خطة جديّة تقوم على الترهيب والإهانة النفسية للأغلبية الشيعية، وسط صمت مطبق.
وقصص المعتقلين الشيعة الخارجين من السجون تؤكد الأمر،» لم أرتكب شيئاً، إنهم يرهبوننا مادياً ونفسياً وجسديا.ً.. إنها حرب ضدنا، ولا أدري ماذا نحن فاعلون هنا؟» يقول أحد المعتقلين الذي أطلق سراحه حديثاً، مضيفاً بحسرة «اعتقلت لأنني شيعي فقط».
وفي وقت أفاد تقرير نشرته مجموعة العدالة لأجل البحرين أن 49 امرأة بحرينية ما زلن محتجزات، قالت طبيبة بحرينية تدعى فريدة الدلال أنها أجبرت وصديقتها أثناء الاعتقال على الرقص، وكانتا تسمعان الامن يصرخون «شيعة قذرون» و«مغفلون لا يستأهلون ارتداء الرداء الأبيض (أي رداء الأطباء)، كما أجبر العديدون، ومن بينهم أطباء، على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها كسرقة أدوية وإجراء عمليات جراحية من دون سبب، واعتقل أكثر من 48 ممرضا وممرضة من الشيعة بتهم مختلفة.
عندما أعلن الملك في بداية الاحتجاجات، على شاشة التلفزيون، أن من حق الشعب أن يتظاهر، غمرت المتظاهرين الشيعة فرحة عامرة جعلتهم يصرخون من دون خوف من الانتقام. ولكن، انقلاب الحكومة عليهم جاء سريعاً، حيث شنّت هذه الأخيرة حملة قمع عنيفة اعتقل خلالها أكثر من 1000 متظاهر تعرضوا للتعذيب داخل السجون، وحوكموا محاكمات شكلية أمام المحكمة العسكريّة، في وقت نفت الحكومة مرارا أن يكون المحتجزون قد خضعوا للتعذيب، مشددة على أنها ستحقق في حالات التعذيب المزعومة، علماً أنه لم يجر حتى اللحظة اتهام أحد بسوء معاملة السجناء.
وفيما يدعو الحكام السنة إلى الجلوس حول طاولة الحوار، يعتبر كثيرون أنه حوار عقيم لن يفضي الى مكان ويؤكدون أن جميع الدلائل تشير إلى أن الحكومة تعمل على تغذية العداوات الطائفية.
(عن «كريستيان ساينس مونيتور»)
إضافة تعليق جديد