معركة حلب: شاحنات السلاح من تركيا واشنطن تتغاضى عن دور «النصرة»

10-08-2016

معركة حلب: شاحنات السلاح من تركيا واشنطن تتغاضى عن دور «النصرة»

كشفت العمليات العسكرية الأخيرة في سوريا للمجموعات السلفية المسلحة في حلب في مواجهة قوات الجيش السوري، عن مزيد من فصول الدعم الخارجي والإقليمي الذي يتلقاه المسلحون سعياً لإعادة خلط الأوراق الميدانية وتحسين ظروف تفاوض الدول الراعية لهم في مقابل موسكو ودمشق.
وعلى الرغم من إشادة «المعارضة» السورية بتقدم الفصائل المسلحة في مدينة حلب واعتبار الأمر نجاحاً باهراً لـ «قوات متشرذمة» ائتلفت لمواجهة الجيش السوري والقوات الحليفة المدعومين روسياً، إلا أنه بات واضحاً أن الهجوم الذي استمر أياماً نال دعماً خارجياً أكبر مما يبدو عليه في العيان.
ونقلت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية عن عدد من الناشطين والمسلحين، الذين رفضوا ذكر أسمائهم تبعاً لحساسية الموقف، أن جهات خارجية تولت تجديد أسلحة الفصائل المقاتلة وزودتها بالأموال والمعدات قبل المعارك الأخيرة وخلالها.
يقول أحد الناشطين القريبين من «المعارضة»: «أحصينا في الآونة الأخيرة دخول عشرات الشاحنات المحملة بالاسلحة إلى سوريا آتية من تركيا، هذه التحركات كانت تحدث بشكل يومي وعلى امتداد اسابيع، ونحن لا نتحدث عن بعض الرصاص والبنادق، نتكلم هنا عن شحنات أسلحة تضم قطع مدفعية».
هذا الكلام يؤكده ما كشفه عدد من المسلحين، إذ أوضحوا أن «الإمدادات والأموال التي كانت تصل خلال الاسابيع الماضية كان مصدرها دول إقليمية داعمة، من بينها السعودية وقطر، وكانت تصل على متن شاحنات تعبر الحدود بين تركيا وسوريا».
وعن مشاركة «جبهة النصرة» المصنّفة إرهابية في الهجوم المدعوم والممول خارجياً، أشار المسلحون إلى أن المسؤولين الاميركيين الذين يدعمون ما يسمونه بـ «المسلحين المعتدلين» غضّوا الطرف عن مشاركة «النصرة» لضمان نجاح الهجوم، وبالتالي إيجاد موطئ قدم ثابتة للمسلحين في حلب، وفي هذا الإطار، يقول أحد الديبلوماسيين الغربيين على اتصال بـ «المعارضة» إن «الأميركيين يعلمون بالطبع حقيقة ما يجري، لكنهم تجاهلوا ذلك لزيادة الضغط على روسيا وإيران».
ويوضح ديبلوماسي غربي أن مشكلة فصائل «المعارضة» المسلحة «لم تكن يوماً متعلقة بعدم امتلاكهم للأسلحة»، مشيراً إلى ان النجاحات التي تحققت مؤخراً لا تعود فقط للمساعدة الخارجية، إذ أن تأثير «فتح الشام والجماعات الجهادية الأخرى المنضبطة بشكل لا يصدق وامتلاكها للكثير من المقاتلين المستعدين لتفجير انفسهم على جبهات القتال» كان له الأثر الأكبر في تحقيق تلك المكاسب.
وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير حذر اكثر من مرة من ان عدم الاتفاق على ايجاد حل سياسي للأزمة السورية ستقابله بلاده بمزيد من الدعم العسكري للمسلحين، وفي هذا الإطار يقول أحد رموز «المعارضة» المقيمين في تركيا، إن «أموالاً كثيرة صرفت خلال الشهر الماضي على المسلحين من أجل التنسيق في ما بينهم للقتال جنباً إلى جنب»، مشيراً إلى أن «الطريقة الوحيدة التي تدفع المسلحين للقتال إلى جانبنا كانت عن طريق إعطائهم الأموال».
ويشير محلل عسكري مقرب من دول الخليج إلى أن الدعم الخارجي لم ينحصر فقط بتقديم السلاح، إذ أن بعض مقاتلي «فتح الشام» تلقوا تدريباً عسكرياً عالياً، وهو ما تؤكده لقطات فيديو أظهرت قدرتهم على قصف أهداف متتالية ضمن دائرة قطرها 100 متر «لافتاً إلى أن القيام بذلك يتطلب الحصول على خبرات «مدربين يمتلكون فهماً عسكرياً كبيراً».
ويوضح النقاد أن المشكلة الجديدة التي بدأت تبرز تتمثل بقيادة فصيل «جهادي لأكبر قصة انتصار للمعارضة» بعد سنوات من القصف اليومي لحلب.
وكتب الناشط السوري وأحد مؤسسي حملة «الرقة تذبح بصمت» عبد العزيز حمزة، «علينا الآن أن نتعامل مع مأساة جديدة، وهي أن أحد المكونات التي أنقذت اهالي حلب هي مجموعة إرهابية، وقد قدمت لأهالي حلب المحاصرين أكثر مما قدمه لها المجتمع الدولي بأسره».
من جهة ثانية، وفي سابقة هي الاولى من نوعها، أعلنت وزارة الخارجية الاميركية «البنتاغون» عن تعاونها مع متعاقدين من القطاع الخاص في الحرب ضد تنظيم «داعش» في سوريا، في إشارة إلى ازدياد الإنخراط العسكري لواشنطن في هذا البلد.
وأوضح «البنتاغون» أنه تعاقد مع شركة «سي أيه سي آي» المتعددة الجنسيات التي تعمل في مجال تأمين خدمات المعلومات، والمالكة لشركة استخبارات خاصة تسمى «سيكس 3 (SIX3) للحلول الاستخبارية»، بعقد بلغت كلفته عشرة ملايين دولار، وذلك لقاء «خدمات تحليل المعلومات الاستخبارية»، على أن يبدأ العمل بالعقد من العام المقبل في كل من ألمانيا، إيطاليا وبشكل خاص في سوريا.


 عن «الفايننشال تايمز»

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...