مسرحيان سوريان يحصدان جوائز عالمية
في ظل ما يطلق عليه المسرحيون والنقاد والمثقفون اليوم «أزمة المسرح السوري» تنهض تجارب مسرحية شابة لتكسر هذه المقولة، لعل من أهمها ما قدمته فرقة (الخريف) المسرحية في عرضها «حلم ليلة عيد»؛ فعلى الرغم من بساطة أدوات العرض المسرحية (الإضاءة، الإكسسوار، وخلوه من الديكور)، وعلى النقيض من ذلك إذ كان التلوين في الأداء والطاقة الخلاقة التي تميز بها ممثلا العرض (رامز الأسود ونوار بلبل) السبب المباشر في نجاح العرض الذي جال أربع قارات، حاصداً العديد من الجوائز، وكأنما يذكرنا بطائر الفينيق الذي ينهض من الرماد كلما احترق، ليخلق من جديد محلقاً ناشراً جناحيه حول العالم.
إبان عودتهما من مهرجان (ياكومو الدولي للمسرح) في اليابان وحصولهما كما كان متوقعاً على جائزة قيمة فيه التقتينا بالممثلين المسرحيين الشابين رامز الأسود ونوار بلبل أعضاء فرقة مسرح الخريف في أحد مقاهي دمشق القديمة في حين كانا يتحاوران حول تحضيراتهما المستقبلية ومع عدة فناجين من القهوة كانت اجاباتهما تصب بهدوء على الأسئلة.
شاركتم في مهرجان ياكومو الدولي للمسرح في اليابان كيف كانت مشاركتكم في المهرجان وما الجائزة التي حصلتم عليها؟
الدول المشاركة في المهرجان: (اليابان، كوريا، سنغافورة، كندا، الولايات المتحدة، فرنسا، بلجيكا، فنزويلا وسورية) قال رامز ويضيف نوار: حصلت الفرقة فيه باسم سورية على جائزة أفضل ممثل بدور رئيسي لـ(رامز الأسود) في المهرجان وبالتالي تكون محصلة الفرقة بمشاركاتها الدولية حتى الآن سبع جوائز رفعت اسم سورية عالياً في كل المهرجانات الدولية التي ضمت دولاً مختلفة من أنحاء العالم.
تخرجتم من المعهد العالي للفنون المسرحية بالدفعة نفسها بعرض حمل عنوان (العرس) من إخراج المرحوم د. عوني كرومي عام 1988، لكنكما لم تلتقيا إلا بعد سنوات في هذا العرض لماذا؟
بلبل: عندما نتخرج من المعهد يكون الممثل ما يزال يتلمس طريقه باتجاه الحرفية، بمعنى أن الأفكار في تلك المرحلة تكون غير متبلورة ونحتاج لوقت وتجربة حتى نبدأ بتلمس الخطا الأولى بمشروعنا الخاص، فأنا عملت ممثلاً مع المخرجة رولا فتال في عملين مسرحيين حققا نجاحاً لافتاً في عروضهما داخل وخارج سورية، وبعدها بدأت بتجربتي الإخراجية الأولى حيث أخرجت مونودراما «عالم صغير» مع حسام الشاه من إنتاج المسرح القومي، بعد هذه التجارب وغيرها، بدأت أشعر أني أتلمس ما أريد كممثل من جهة وكصانع للعمل المسرحي من جهة أخرى، بالتالي بدأ المشروع حيث وجدت مع رامز التقاطعات المناسبة التي تؤهلنا بالبدء بمشروعنا المسرحي المشترك الذي بدأ بعرضنا الأول «حلم ليلة عيد».
ويعقب الأسود ليقول: أوافق تماما على هذا الكلام إضافة إلى أنه ليس كل خريجي المعهد العالي يعملون في المجال المسرحي عند احترافهم، وبالتالي من الأسباب المهمة التي جعلتني التقي مع نوار في تأسيس فرقة مسرح الخريف هي الهاجس المشترك لإنتاج العروض المسرحية التي نستطيع تقديم كل ما نريد من خلالها على صعيد البحث الفني والفكري.
بدأتم خطوة الألف ميل نحو العالمية؛ هل مرد ذلك برأيكم أن الطريق الأصح نحو العالمية هي المحلية؟
الأسود: كان وما يزال همنا الأول والأخير هو محاولة البحث المسرحي إن كان في شكل الأداء وشكل العرض المسرحي كله، والطرح الفكري الذي يميز التجارب المسرحية، كل هذا يجعل نجاح أو إخفاق العرض المسرحي نتيجة، وهذا ينطبق على العروض داخل وخارج سورية، بالتالي عندما بدأنا بالسفر والمشاركة بالمهرجانات الدولية لم نضع نصب أعيننا إلا تقديم أفضل ما عندنا وهذا هو توجه فرقة مسرح الخريف بالدرجة الأولى، وهنا يصبح نجاح العمل الفني داخل أو خارج سورية تحصيل حاصل.
بلبل: حتى تحقق النجاح على المستوى العالمي، يجب أن تحققه أولاً على المستوى المحلي.
أربع جوائز في أميركا، جائزة في براغ، جائزة في كندا ومهرجان في إيطاليا وآخر في إسبانيا وأخيرة في اليابان خلال عام واحد. ما اللغة المشتركة التي قرأ بها مشاهدو العرض على اختلاف ثقافاتهم؟
الأسود:عندما تقدم فناً فأنت تعتمد بالدرجة الأولى على مخزونك الثقافي والحضاري والمعرفي الذي يختلف من حضارة لأخرى حول العالم، وبالتالي نستطيع الآن أن نقول إن النجاح الذي لاقاه العرض في المهرجانات العالمية هو خصوصية طرحه من جهة ومحاولتنا كممثلين حاملين للعرض على انتهاج شكل أدائي يعتمد على الطاقة البشرية للممثل بالدرجة الأولى. وهنا لم تعد اللغة المنطوقة هي الحامل للعرض، بل كان المشاهد الغربي يستقبل العرض بلغته الفنية وليس بلغته المنطوقة.
ويعقب بلبل ليقول: بشكل دائم وفي كل المهرجانات المتنوعة في كل الدول التي عرضنا فيها كان القاسم المشترك بين مشاهدي العرض هو الكلمة التي كنا نسمعها (لم نفهم شيئاً ولكن فهمنا كل شيء).
كيف استطعتم التواصل مع كل هذه المهرجانات والمشاركة بها؟
يجيب الممثلان كل المراسلات كانت جهداً شخصياً بحتاً من فرقتنا المستقلة، وكان قبول العرض من المهرجانات مبنياً على مستواه الفني بالدرجة الأولى كما هو معتاد بالنسبة للمهرجانات المسرحية. أما عن موضوع المشاركة فهذه هي مشكلتنا الأكبر وبشكل دائم، فعلى الأغلب كنا نمول سفرنا بأنفسنا، وأحياناً كنا نتلقى الدعم بالنسبة لتذاكر السفر من وزارة الثقافة ومديرية المسارح والموسيقا التي نتوجه لهما بالشكر.
كل من شاهد العرض إن في سورية أو خارجها، لفت انتباهه أن هنالك ممثلين يمتلكان طاقة جبارة على الخشبة، وهارموني عالياً في الأداء لا يخفى على عين المشاهد، لكن في الوقت نفسه لا يخلو من التنافس. برأيكم هل كان ذلك السبب الرئيسي في نجاح العرض؟
بلبل: أن تقدم عرضاً مسرحياً يلقى نجاحاً كهذا، هذا يعني أن هناك تفاهماً وانسجاماً إنسانياً بالدرجة الأولى ومهنياً وحرفياً بالدرجة الثانية، فمن بديهيات العمل المسرحي أن يلتقي على الحب أولاً وعلى الفهم الحرفي لعلاقة الممثلين على الخشبة ثانياً.
الأسود: نحن نعتقد أننا استطعنا تحقيق معادلة بسيطة ولكنها صعبة بالنسبة للكثير من محترفي المسرح وهي أن الممثل الآخر على الخشبة هو شريك وليس طرفاً آخر في اللعبة.
هل من الممكن أن تذكروا لنا بالتفصيل الجوائز التي حصلتم عليها من خلال مشاركاتكم في المهرجانات الدولية؟
- جائزة أفضل ممثل بدور رئيسي لـ(رامز الأسود) في مهرجان (ياكومو الدولي للمسرح) في اليابان.
1- مهرجان ميدلاند الدولي للمسرح، الولايات المتحدة الأميركية.
- جائزتا الامتياز في التمثيل (نوار بلبل– رامز الأسود).
- جائزة التقنية والغرض المسرحي والمشهدية.
- جائزة تقنيي وفنيي المسرح.
2- مهرجان (ابوستروف) الدولي للمسرح، جمهورية تشيكيا.
- جائزة تصويت الجمهور الثانية، «وهي الجائزة الوحيدة التي يقدمها المهرجان».
3- مهرجان مونت-لوريير الدولي للمسرح، كندا.
- جائزة أفضل ممثل (نوار بلبل).
- ترشيح لجائزة أفضل عرض (حلم ليلة عيد).
- ترشيح لجائزة أفضل ممثل (رامز الأسود).
يتحدث الكثيرون عن أزمة حقيقية يواجهها المسرح في سورية؛ أين يكمن مفتاح حل هذه الأزمة برأيكم؟
الأزمة هنا تتعدى الأشخاص أو التمويل أو كل ما يدور من أحاديث ونقاشات في الأوساط الفنية والمسرحية، فخلق حياة مسرحية حقيقية في سورية، مسألة بحاجة لدراسة كاملة على كل الصعد تسعى لتفعيل دور الفن في المجتمع السوري وهذا بالدرجة الأولى منوط بقرارات تتعلق بآلية عمل المؤسسات المعنية. نحن نشعر دائماً أن هناك نوايا، ولكن لا نرى ما هو ملموس على أرض الواقع.
فادي مطلق
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد