مرسي يطيح بالمجلس العسكري ويلقي خطبة الجمعة في يوم الأحد مؤكدا أن "الحاكمية لله"

13-08-2012

مرسي يطيح بالمجلس العسكري ويلقي خطبة الجمعة في يوم الأحد مؤكدا أن "الحاكمية لله"

فاجأ الرئيس المصري محمد مرسي، أمس، الرأي العام بسلسلة قرارات بدت أشبه بانقلاب سياسي أنهى دستورياً وقانونياً ازدواجية السلطة بين مؤسستي الرئاسة والجيش، إذ أحال وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي ورئيس الأركان الفريق سامي عنان على التقاعد، مع إبقائهما مستشارين عسكريين له، بينما ألغى الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري في حزيران الماضي، واستبدله بإعلان دستوري آخر جعله عملياً الحاكم الفعلي للبلاد بعدما وضع بين يديه السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وفي بيان أذاعه بعد ظهر أمس، أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية ياسر علي عن أكبر حركة تغييرات في المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزارة الدفاع، شملت ترقية رئيس المخابرات الحربية اللواء عبد الفتاح حسين خليل السيسي إلى رتبة فريق، وتعيينه قائداً عاماً للقوات المسلحة ووزيراً للدفاع والإنتاج الحربي، وقائد الجيش الثالث الميداني (مقره السويس) اللواء صدقي صبحي سيد أحمد إلى رتبة فريق وتعيينه في منصب قائد أركان حرب القوات المسلحة.
يذكر أن السيسي بدأ حياته العسكرية في سلاح المشاة، وتولى جميع الوظائف القيادية حتى عين قائداً للمنطقة الشمالية العسكرية، ثم مديراً لإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، وهو من مواليد العام 1958. أما صدقي سيد احمد فبدأ مهماته العسكرية في سلاح المشاة، وتدرج في جميع الوظائف القيادية حتى تولى قيادة الجيش الثالث الميداني، وهو من مواليد العام 1955.
وأعلن المتحدث باسم الرئاسة كذلك إحالة قائد القوات البحرية الفريق مهاب محمد حسين ممش، وقائد قوات الدفاع الجوي الفريق عبد العزيز محمد سيف الدين، وقائد القوات الجوية الفريق رضا محمود حافظ محمد عبد المجيد. وتم تعيين الفريق ممش رئيساً منتدباً لمجلس إدارة قناة السويس، والفريق عبد العزيز محمد سيف الدين، رئيساً لمجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع.
وبينما قرر الرئيس الإبقاء على اللواء محمد سعيد العصار مساعداً لوزير الدفاع، تم استبدال وزير الإنتاج الحربي علي صبري بالقائد السابق للقوات الجوية الفريق رضا محمود حافظ.
من جهة ثانية، عين مرسي المستشار محمود مكي نائباً لرئيس الجمهورية ليصبح بذلك أول نائب مدني لرئيس مدني في مصر. ومعروف أن نائب الرئيس الجديد هو الشقيق الأصغر لوزير العدل الحالي المستشار أحمد مكي، وكان من ضمن المستشارين الذين تمت محاكمتهم بتهمة إهانة القضاة بعد قيامه بنشر «القائمة السوداء لتزوير انتخابات العام 2005» خلال عهد حسني مبارك. وقد بدأ مكي حياته المهنية ضابطاً في الأمن المركزي، ثم التحق بالنيابة العامة، وتدرج في مناصبه حتى تولى منصب نائب رئيس محكمة النقض.

من جهة ثانية، أصدر مرسي قراراً بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل، الذي أصدره المجلس العسكري قبيل إقفال الصناديق في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية في حزيران الماضي.
وأجرى مرسي تعديلاً على الإعلان الدستوري الذي صدر بعيد الاستفتاء على التعديلات الدستورية في آذار العام 2011، ومن ذلك جعل المادة 25 من هذا الإعلان تنص على أن «رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية، ويسهر على تأكيد سيادة الشعب وعلى احترام الدستور وسيادة القانون وحماية الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية وذلك على الوجه المبين في هذا الإعلان والقانون، ويباشر فور توليه مهمات منصبه كامل الاختصاصات المنصوص عليها في المادة 56 من هذا الإعلان».
وكانت المادة 56 من الإعلان الدستوري تعطي المجلس الأعلى للقوات المسلحة حق التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة، وتعيين الأعضاء المعينين في مجلس الشعب، ودعوة مجلسي الشعب والشورى للانعقاد، وحق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها، وتمثيل الدولة في الداخل والخارج، وإبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وغيرها من الاختصاصات.
وجاء في التعديل الذي أصدره مرسي انه «إذا قام مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسية لعملها، شكل رئيس الجمهورية خلال 15 يوماً جمعية تأسيسية جديدة، تمثل أطياف المجتمع المصري بعد التشاور مع القوى الوطنية، لإعداد مشروع الدستور الجديد خلال 3 أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض مشروع الدستور على الشعب لاستفتائه في شأنه خلال 30 يوماً من تاريخ الانتهاء من إعداده، وتبدأ إجراءات الانتخابات التشريعية خلال شهرين من تاريخ إعلان موافقة الشعب على الدستوري الجديد».
وفي كلمة ألقاها من جامع الأزهر في إحياء ليلة القدر قال مرسي إن «ما اتخذته من قرار ليس موجهاً لأشخاص بأعيانهم ولم أقصد توجيه رسالة سلبية لأحد، وإنما قصدت، والله أعلم بما قصدت، مصلحة هذه الأمة ومصلحة الشعب»، مضيفاً «لم أقصد أن أهمّش أحداً أو أطغى على أحد، أو أهيمن على أحد». وتابع «أبنائي في القوات المسلحة أريد لهم كل الخير.. أريد لهم أن يتفرغوا لمهمة مقدسة لدينا جميعاً وهي حماية الوطن، لكن نمضي معاً نحو آفاق جديدة».

وأحدثت الخطوة السياسية التي أقدم عليها مرسي صدمة وإرباكا على المستوى السياسي بالنظر إلى طابعها المفاجئ، وبسبب الضبابية التي ما زالت تحيط بخلفياتها وطريقة اتخاذ القرار بشأنها.
وفي هذا الإطار، قال مصدر سياسي مطلع  إن «قرارات مرسي أتت في ظل استغلال بعض أعضاء المجلس العسكري للأحداث في سيناء بغرض الترويج لفكرة ان مرسي غير قادر على التعامل مع التحديات الأمنية، وربما استغلال هذا الأمر للقيام بانقلاب عسكري ضد الرئيس المنتخب»، ما يعني أن القرارات أتت بمثابة «خطوة استباقية لسحب كل الأدوات التي تخول القادة العسكريين القيام بهذا الأمر».
وتتقارب هذه الرواية مع ما كتبه الإعلامي البارز حمدي قنديل عبر موقع «تويتر» بأن «الرئيس قام بانقلاب مدني استباقاً لانقلاب عسكري ربما كان مقررا له 24 آب أو بعده بقليل»، في إشارة إلى التظاهرات التي دعت إليها قوى سياسية في مصر ضده لإسقاط حكم «الإخوان».
لكن مصادر عسكرية نفت بشكل غير مباشر هذه المعلومات، حين أكدت أن القرارات اتخذت بالتنسيق مع المشير طنطاوي وبقية أعضاء المجلس العسكري، وهو ما أكده صراحة اللواء العصار في حديث إلى وكالة «رويترز» للأنباء.
وفي قراءة أولية لقرارات مرسي، قال مدير التحرير في صحيفة «الشروق» المصرية وائل جمال  إن ما جرى يعني أن «مرسي هو من بات يحكم مصر بشكل فعلي من الناحيتين القانونية والدستورية»، موضحاً أن «مجرد اتخاذ قرارات من هذا النوع وبهذه الطريقة يعني أن كافة الصلاحيات المرتبطة بإدارة ما تبقى في المرحلة الانتقالية قد باتت بيده».
ويشدد جمال على أن القرار الأهم الذي اتخذه مرسي يتمثل بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل، في ما يشكل «تحوّلاً مهماً في العملية الانتقالية»، باعتبار أن الإشراف العسكري على هذه المرحلة قد انتهى دستورياً، وأن كافة القضايا المتبقية في هذه المرحلة، كانتخابات مجلس الشعب وعمل الجمعية التأسيسية للدستور قد أصبحت تحت إشراف رئيس الجمهورية مباشرة.
وإذ يرى جمال أنه من المبكر تقديم تصوّر كامل بشأن خلفية هذا الحدث، وخصوصاً موقف المجلس العسكري، يشير إلى أن عدم رصد أي بادرة اعتراض من قبل قادة الجيش يوحي بأن الأمور قد حسمت لمصلحة مرسي، من دون أن يستبعد وجود ترتيبات معينة بين الطرفين في هذا الشأن.
في المقابل، قال القيادي في الحزب الشيوعي المصري عصام شعبان  إن «ما حصل لا يغير شيئاً في السياسة المصرية، إذ يبدو أن ثمة تفاهمات معينة قد تم ترتيبها بين مرسي والمجلس العسكري، وزوال شخص لا يعني زوال سياسات أو تغيير وضعية المؤسسة العسكرية».
وأضاف شعبان «ربما القرارات لم تكن على هوى المجلس العسكري، لكن خروجه الآن من السلطة مكسب للطرفين، فالمجلس لن يحاسب» على ما قام به خلال المرحلة الماضية، مشدداً على ان ما جرى بالأمس «تغيير شكلي حفظ ماء الوجه لمرسي وطنطاوي وعنان»
وأوضح شعبان «يبدو أن القرار استند إلى أرضية للتفاهم المشترك بين المجلس العسكري والرئيس ودوائر دولية ومحلية». ويضيف ان «القرارات لا تعني حدوث تغيير حقيقي في بنية النظام السياسي القائم، فرحيل حسني مبارك لم يؤد إلى زوال نظامه، وكذلك إحالة عنان وطنطاوي لا تعني انتهاء شكل السلطة العسكرية».

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...