مخاوف من تسونامي أسعار جديد
الوجوه باهتة متعبة مرهقة وكأن اصحابها لم يناموا منذ زمن... مشكلات ظهرت في الآونة الأخيرة، بسيطة في أشكالها وسماعها..
قوية التأثير في انعكاساتها.. لكن ليست مسؤولية الحكومة ولا مسؤولية أحد.. ويبدو أن سببها الحر الشديد الذي أفسد التوقعات والطموحات...!
الأسعار وارتفاعها الجنوني الذي طال كل المواد والسلع هو الشغل الشاغل للناس وبات هذا الارتفاع لا يطاق أمام تطمينات بين الحين والآخر.. فما أكثر ما امتلأت به الأوراق من هموم المواطنين ومتاعبهم وماأقل ردود الفعل والنتائج وكأنما هناك اتفاق على التجاهل.
فالأسعار أخذت منحى الصعود منذ أكثر من عام بشكل بات يرهق الأسر وخاصة محدودة الدخل وما أكثرها سلع ومواد غذائية وكافة المستلزمات المعيشية والخدمية حلقت اسعارها عالياً وتوقعات وصرخات جديدة تتنبأ بحصول ارتفاعات أخرى بعد القرارات الجديدة وتوقع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية قريباً..
موضوع الأسعار ليس وليد الساعة أو المصادفة انما هو موضوع قديم حديث وبات الشغل الشاغل في أحاديث الرأي العام.
عدة عوامل ساهمت في اشتداد وتفاقم الأمر ومعظمها معروف حسبما أكدته الجهات المختصة يمكن أن نلخص بعضاً منها:
ـ قلة المادة من جانب واحتكار قسم من التجار لمواد وسلع غذائية تصيداً للأرباح أمام تقاعس أو عدم شجاعة تدخل الجهات التموينية.
ـ طلب كبير وتصدير كميات كبيرة للخارج ساهم في إيجاد خلخلة في العرض والطلب.
ـ الظروف الجوية من عدم تساقط الأمطار إلى موجات الحرارة الزائدة خلال هذا الصيف.
ـ دخول وافدين وزائرين مع قدوم الآلاف من الاخوة العراقيين أصحاب القوة الشرائية الكبيرة والتي تزيد أضعافاً عن القوة الشرائية عند المواطن السوري.
وهناك عوامل أخرى غير هذه وكلها أدت إلى ارتفاع غير مسبوق للأسعار ولجميع المواد والسلع والآن نحن على مشارف العام الدراسي الجديد وكلنا يعرف تكاليف مستلزماته وأعبائه المادية وقرب شهر رمضان فإن الأسعار مرتفعة وبات المواطن يئن من حدتها. فبقدر ما كانت الحرارة مرتفعة فالأسعار ساخنة جداً أمام محدودية دخول الأسر فكيف ستكون الصورة بعد إقرار التعديلات الجديدة على أسعار المشتقات النفطية...؟!
وبعيداً عن ذلك نحاول فيمايلي رصد الأسعار الحالية مقارنة عما كانت في العام السابق لنبين مدى الارتفاع الحاصل... وقبل سرد الأرقام نشير وباختصار شديد إلى أن الأسعار في ارتفاع مستمر وطالت كل مناحي الحياة من المسكن والمشرب والنقل والمواد والسلع ويزداد الخوف البادي على وجوه الكثيرين من تفاقم الأمر أكثر حدة..!!
فمثلاً كان سعر كغ فروج حي، صيف عام 2006 ـ 68 ليرة سورية ارتفع هذا الصيف إلى 80 ـ 93 ليرة سورية والفروج المذبوح والمنظف كان العام الماضي بـ 88 ل.س سجل ارتفاعاً هذا الصيف ليسجل 100 ـ 120 ل.س للكلغ، ومبيع فروج مشوي كان العام الماضي 155 ليرة سورية نجده هذا الصيف 215 ليرة سورية (حسب نشرات التموين) وربما يكون أكثر بكثير من هذا السعر فيباع في المحال بـ 250 ليرة سورية.
وكان صحن البيض العام الماضي يباع 105 ـ 110 ليرات سورية وصلت أسعاره هذا الصيف إلى 185 ليرة سورية.
وسعر كيلو البندورة في موسمه ما بين 15 ـ 20 ليرة سورية كان العام الماضي بحدود 10 ليرات سورية وسجلت البطاطا هي الأخرى ارتفاعاً آخر تجاوز الـ 30 ليرة سورية بينما كانت أسعارها معقولة الموسم الماضي.
وحققت البامية مفاجأة الموسم، إذ وصلت بورصة أسعارها إلى حدود الـ 130 ليرة سورية واللوبية بـ85 ليرة سورية والفاصولياء بـ 80 ليرة سورية بينما كانت أسعارها العام الماضي لا تتجاوز الـ 30 ليرة سورية وبخصوص أسعار السمون والزيوت فقصتها قصة فهي محكومة بأسعار البورصة العالمية كون معظمها مستورداً من الخارج فزادت أسعارها عن العام الماضي بنسبة 25% ففي العام الماضي كان سعر كيلو السمن الحيواني بـ350 ليرة نجد اليوم سعره بـ 375 ليرة سورية والسمن النباتي من 90 ليرة إلى 125 ليرة. وقفز سعر كيلو الرز المصري من 30 ليرة إلى 40 ليرة سورية هذا الصيف والشاي من 150 ليرة العام الماضي إلى 175 ليرة هذه الأيام. وكيلو اللحمة الهبرة ـ بلدي من 325 ليرة إلى 415 ليرة سورية (نشرات التموين) فيما للأسواق والمحال أسعارها الخاصة بها..!! وكذلك طال الارتفاع البن أيضاً والحديد بزيادة ألفين ليرة سوريةعلى كل طن والخشب بأنواعه.
وعند سماع كلام الناس نشعر بالمرارة بسماع معاناتهم مع الارتفاع الحاصل فالكل يعبر بطريقته لكن القاسم المشترك بينهم (الله يستر) كل شيء عم يزيد سعره وكل يوم مفاجأة جديدة بسعر جنوني..!
خضراوات غالية وهي في عز موسمها والفاكهة للفرجة واولادنا يتحسرون ونحن عاجزون عن الشراء..!
لقد قال أبو شفيق (أب لـ 7 أولاد) راتبي بالشهر سبعة آلاف ليرة ومجبر أن أشتري الحاجيات لكن كل موسم أحرم أولادي من الفاكهة واللحوم بسبب الارتفاع الحاصل للأسعار..!
وقال محمود النادر: توقعوا أياماً صعبة فالأسعار لن تعود ولن تستقر أبداً والأيام المقبلة ستثبت ذلك...! فارتفاع سعر الوقود من أهم المسببات لارتفاع اسعار كل المواد والسلع..!
أرملة (أم لـ 4 أطفال) قالت وبمرارة بادية على وجهها: تكاليف الحياة والمعيشة باتت صعبة، ولا تتفاجأ إذا قلت لك انني وأطفالي لم نأكل اللحمة منذ ثلاثة شهور...!
وحول الارتفاع الحاصل وتدخل الجهات المعنية يشير مدير التجارة الداخلية بدمشق السيد محمود المبيض بأننا نتعامل مع المتلاعبين بالأسعار بعد ورود شكوى من أي مواطن حول عدم التزام صاحب المحل أو المخالف بالأسعار المحددة وينظم الضبط اللازم ويخالف. وعناصرناتبذل جهوداً كثيفة خاصة في هذه الأيام نظراً لتحرك الأسواق والحركة والارتفاع الحاصل على الأسعار. وبرر الارتفاع بقلة المواد المعروضة ولتأثر الأسواق أيضاً بحركة إخراج المواد والسلع إلى العراق ودخول الآلاف من الوافدين الجدد إلى مدينة دمشق وضعف القوة الشرائية للمواطن السوري.
ونوه إلى إمكانية ارتفاع الأسعار أكثر خلال الأيام المقبلة ودور التموين بات مقتصراً على المراقبة، فمعظم أسعار المواد والسلع محرر. دخول أسعار البيض والفروج أشار إلى أن السبب الكامن وراء ارتفاع اسعارهما هوقلة الكميات وتأثر المنتجين بالحرارة وارتفاع أسعار العلف لكنه توقع استقرار أسعار البيض خلال الأيام القادمة.
وحالياً كثرت الشكاوى وعناصرنا كثفت أعمالها في أسواق الخضر والفواكه من جانب وأسعار البيض والفروج من جهة ثانية وأسعار الدفاتر والمستلزمات المدرسية من جهة أخرى وعمليات الاحتكار هنا وهناك. والطلب المتزايد أمام قلة المادة المعروضة وحركة التصدير النشطة.. كل ذلك أسباب ضاغطة لاشتداد الأسعار أكثر وأكثر.
وحول تأثر الأسعار بموضوع إعادة الدعم وارتفاع أسعار المشتقات المتوقع خلال الأيام المقبلة فإن الوقائع وحركة الأسواق تدل وبوضوح تام أن التأثر سيكون حاداً ويعاني منه معظم الشرائح الاجتماعية.
وبهذا الصدد يؤكد الباحث الاقتصادي د. عصام الزعيم ان أسعار السلع ستفوق السعر الحقيقي لارتفاع المحروقات بسبعة أضعاف. فالفجوة كبيرة في الأجور والأسعار ولم نستطع ردمها حتى اليوم وسيؤدي ذلك إلى معاناة جديدة للفقراء واضعاف الانتاجية أيضاً بقي أن نشير إلى أن واقعاً جديداً سيحل في الأسواق... واقع سيلحق الضرر بأصحاب الدخول المحدودة.. فتسونامي الأسواق يتهيأ لعصف الآلاف من الأسر... فالجيوب فرغت قبل حدوث أي عاصفة فكيف سيكون الحال بعد أيام... الله يستر..!
هني الحمدان
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد