مابين المرسوم 49 ومشروع قانون العمل الجديد...
سوق العمل في سورية ومئات الالاف من العاملين في القطاع الخاص تحديداً تترقب ويترقبون بكثير من الحذر والخوف وايديهم على قلوبهم ماستتمخض عنه المناقشات والمباحثات الماراثونية حول مشروع قانون العمل الجديد.. قلق وتخوف مبررين، خلفتهما سنوات طويلة من التجربة القاسية والمعاناة لن يخفف حدتهما سوى الاتكال على اصحاب الشأن والقرار لاعادة وتحقيق- قدر الامكان- العدالة والتوازن لميزان العمل.
القضية ودون شك اخذت وقتاً طويلاً من الشد والمد ومورست فيها بعض الضغوط بهدف ايجاد بيئة ومناخ عمل صحيحين انطلاقا من مراعاة حقوق ومصالح طرفيها العامل ورب العمل ومع ذالك مازال الوضع مشوشاً مبهماً في ظل تضارب المصالح الخاصة والعامة والشديدة الخصوصية وان ارضاء ارباب العمل اصبح غاية صعبة الادراك مهما سهلت وأعفت وقدمت لهم الحكومة من ميزات استثمارية وضريبية وضع للاسف اوصلنما وعذراً لسقف مطالبة متدن على طريقة لايموت الذئب ولايفنى الغنم!؟
- ومع تسليمنا بان الامر غير هين وانه لابد من وضع نهاية منطقية لهذه الدوامة يصبح من الحكمة اتخاذ قرارات فاصلة دون النظر الى اي اعتبارات سوى المصلحة العامة، قرارات يمكن ان يعتبرها «البعض» جريئة ولاتنسجم مع مصالحه متناسياً ان جرأتها تكمن في صوابيتها وعدالتها ويرفضها لمجرد انها تحد من اطلاق يده للتحكم بقوة عمل العامل وظروف عمله ولقمة عيشه وبالتالي مصيره.
امور عاناها كل من عمل في القطاع الخاص كما عانى ويعاني منها الكثير من العاملين يومياً لاممن يتلقى العصي لاكمن يعدها.
- فمشروع قانون العمل الجديد فيه العديد من المواضيع التي يتحفظ عليها الكثير وتشكل في حال اقرارها متناقضات ستعيد العامل لدوامة المشكلات والمعاناة مع اصحاب العمل واولها ونحذر منها، جعل العقد شريعة المتعاقدين لان هكذا عقود وفي بديهيات علم القانون تقتضي وجود طرفين متكافئين الى حد كبير اي ندّين وهذا غير محقق لان العامل هو الحلقة الاضعف بكل المقاييس وعلى كافة الصعد.
- كما ان العقد شريعة المتعاقدين واضافة لما سيعطيه من سلطة لرب العمل وبالتالي وضعه للشروط التي يرتئيها والتي ستكون على حساب العامل تنسق موضوع عدم الاستقالة المسبقة وشروط وجزاءات التهرب من تسجيل العاملين في التأمينات الاجتماعية وحتى تحديد ساعات الدوام وطبيعة العمل ومدة العقد والراتب وتترك لرب العمل مساحة قانونية واسعة ومداخل ومخارج ليصول ويجول كيفما شاء وتبقى عصا صاحب العمل سلطة من خلال شروط الاستخدام في حال ارتكب العامل كذا وكذا وفي حال خالف او اساء لكذا وكذا مهددة العامل بالطرد.. وبالقانون!!؟
- وعلى الرغم من الموافقة من قبل الاتحاد العام للعمال على المشروع الا ان التنظيمات النقابية للعمال رأت بأن الغاء المرسوم 49 لعام 1962 المتعلق بموضوع العمالة في القطاع الخاص امرا غير مقبول مطالبة بتعديل بعض بنوده وبما يتلاءم مع التطور الحاصل في القطر وبشكل يراعي مصالح الجميع.
- جمال المؤذن رئيس نقابة عمال السياحة والخدمات في دمشق اكد ان المرسوم 49 والذي تشتكي منه غالبية اصحاب العمل ويعتبرونه بانه ينصر العامل عليهم امر مجافٍ للواقع ومنافٍ للحقيقة واكبر دليل على ذلك ان لجان التسريح في دمشق وريفها وهي اكبر لجان على مستوى القطر من اصل الـ 100 دعوى تسريح مقدمة لها في عام 2007 فقط 30 دعوى منها كانت لصالح العمال والباقي لصالح اصحاب العمل. كما أكد انه على الرغم من وجود هذا المرسوم فهناك آلاف العمال يسرحون سنويا متسائلاً كيف سيكون الامر في حال الغائه؟
- المؤذن رأى في المرسوم اداة للحفاظ على حقوق العمال في القطاع الخاص لان ارباب العمل مع الاسف والكلام للمؤذن معظمهم لايهمه لامصلحة العامل ولامصلحة غيره وان اول مايبحثون عنه مصالحهم الشخصية والربح المادي وبأي طريقة كانت ولو كانت على حساب العامل ومعيشته.. وخزينة الدولة.
- المؤذن وفي المقابل انتقد مشروع قانون العمل الجديد الذي طرحته الحكومة ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية مبينا ماجاء فيه من تناقض فعلى سبيل المثال الغرامة التي نص عليها المشروع الجديد والقاضية بالتعويض على العامل في حال قام رب العمل بتسريحه بما يعادل اجرة او راتب 3-4 اشهر عن كل سنة خدمة وهذا غير موجود في اي دولة عربية، يؤكد المؤذن ان هذه المادة غير ملزمة لان المشروع الجديد يعود ويقول في مادة ثانية اذا لم يحصل العامل على ذلك التعويض عليه مراجعة القضاء اي المحاكم العادية وهذا قد يطول امد التقاضي فيها ويستغرق مابين 10-15 سنة.
وبمعنى اخر ان العامل سيلجأ للقضاء العادي للحصول على تعويضه الذي نص عليه المشروع الجديد وليس للرجوع الى العمل والطعن بالتسريح وصحته؟!
- بينما وبحسب المرسوم 49 ولجان التسريح المختصة والتي تعتبر قضاء استثنائياً سيتم الفصل في دعوى التسريح خلال مدة لاتتجاوز الاشهر المعدودة ويتمثل فيها كل الاطراف اصحاب العمل والعامل والقاضي والنقابات وللكل الحق في ابداء ملاحظاته وعلى اساس ذلك تصدر اللجنة حكمها اما بخلاف ذلك فسوف يترك الحبل على الغارب.
ورأى المؤذن ان خير وضع لذلك هو الاتفاق على اعداد عقد عمل نموذجي يمشي على كافة العمالة السورية وفي كل القطاعات السياحية والصناعية والزراعية وغيرها ويكون هذا العقد بمثابة الحافظ لمصلحة جميع الاطراف وبشكل لايؤدي لتحامل طرف على طرف اخر.
ولكن على مايبدو ان هذا لايلقى الرغبة نفسها عند اصحاب العمل والمستثمرين وهذا امر لايمكن التعاطي معه بتساهل.
قسيم دحدل
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد