لبنان:الاجتماع الوزاري العربي آخرفرصةللمساعي وهدوءحذرفي عين الحلوة
قالت مصادر سياسية بارزة في بيروت أن الاتصالات المصرية – السورية التي أجريت خلال الأيام الماضية لم تتوصل الى نتائج، لافتة الى أن القاهرة ركزت خلالها على أولوية انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية لضمان حضور أكبر عدد ممكن من القادة العرب الى القمة العربية في دمشق، وتمثيل لبنان برئيسه المنتخب فيها على أن يتم العمل في سرعة على تأليف حكومة وحدة وطنية.
وأوضحت المصادر أن القاهرة طرحت اعتماد أسلوب التدرج في تنفيذ المبادرة العربية، عبر البدء بانتخاب سليمان من سلة البنود التي تتضمنها هذه المبادرة، على ان يجري لاحقاً العمل على معالجة الخلاف على الحصص في حكومة الوحدة الوطنية وإقرار قانون الانتخاب على أساس القضاء.
وذكرت المصادر أن الجانب السوري أصر على عدم تجزئة المبادرة وعدم تقديم أي بند على الآخر، وأكد وجوب الاتفاق على الحصص في الحكومة قبل انتخاب سليمان رئيساً، على أن تضمن الأكثرية حصول المعارضة على الثلث + 1 داخل الحكومة أو على توزيع الوزراء 10 – 10 – 10 (بالتساوي بين حصص الأكثرية والمعارضة ورئيس الجمهورية...) على أن تحصل المعارضة على ضمانات في شأن التصويت عند الخلاف بإقناع ممثلي الرئيس الجديد عن الانحياز الى أي فريق.
وأكدت المصادر أن الاتصالات استمرت في الدوران في حلقة مفرغة في شأن الموضوع الحكومي، مقابل اقتراح الجانب المصري اعتماد التدرج في التنفيذ، خصوصاً أن الجانب السوري تعاطى مع أحد البنود التي أضيفت بمنطق التدرج أيضاً وهو المتعلق بالعلاقات اللبنانية – السورية إذ اقترح تأجيل تبادل السفراء بين البلدين الى حين إنهاء التوتر بينهما... وبدء ترسيم الحدود من الشمال الى الجنوب بدل مطالبة الحكومة اللبنانية بالمباشرة في هذه العملية من الجنوب وتحديداً من مزارع شبعا المحتلة.
وكشفت المصادر أن بعض الدول العربية طرح فكرة تأليف حكومة انتقالية برئاسة زعيم تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري تحصل فيها المعارضة على حقيبتين وزاريتين سياديتين تكون واحدة منهما إما الداخلية وإما المال على أن يتفق على الثانية لاحقاً. وأوضحت المصادر أن أياً من هذه الاقتراحات لم يطرح على الأكثرية.
لكن مصدراً في قوى 14 آذار أوضح أن الجانب المصري سعى بعد رفض دمشق اقتراحه التدرج في تنفيذ المبادرة العربية، الى التشاور مع الأكثرية حول اقتراح سبق للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أن اقترح ما يماثله بالنسبة الى الثلاث عشرات، يقضي بالعودة الى فكرة توزيع الحصص على أساس 13 للأكثرية و10 للمعارضة و7 لرئيس الجمهورية على أن يعين الأخير من حصته وزيرين محايدين يحظى واحد منهما بموافقة المعارضة والآخر بموافقة الأكثرية، مع شرط عدم إقدام أي منهما على التصويت في جلسات مجلس الوزراء خصوصاً في المواضيع التي يختلف عليها الجانبان. إلا أن قادة الأكثرية اعتبروا أن هذه تعيد إعطاء المعارضة الثلث المعطل في الحكومة بطريقة مواربة خصوصاً أن مجلس الوزراء يحتاج الى نصاب الثلثين كي ينعقد، وأن بعض المواضيع الأساسية المنصوص عنها في الدستور تحتاج الى أكثرية الثلثين في التصويت عليها وأن الحكومة تعتبر مستقيلة إذا فقدت أكثر من ثلث أعضائها. وعاد الجانب المصري عن اقتراحه بعد الملاحظات التي أبدتها الأكثرية عليه.
وعلى تضاؤل الأمل بإمكان إحداث تقدم في اتصالات ربع الساعة الأخير التي تجريها بعض العواصم العربية، سعياً لتفادي تصاعد الخلاف السوري – السعودي، وانعكاسه على القمة ومستوى التمثيل فيها، فإن المصادر المواكبة لبعض الاتصالات العربية تنتظر أن تنعكس صورة الموقف العربي في اجتماع وزراء الخارجية العرب التمهيدي لاجتماع القمة يوم الخميس في 27 الجاري في دمشق، قبل يومين من اجتماع القمة. فأجواء القمم العربية تتحدد عادة في خلال الاجتماع الوزاري التمهيدي الذي يعقد قبل وصول القادة العرب الى مكان انعقادها. وهو اجتماع يهيئ الصيغة النهائية للقرارات ويبحث في تذليل العقبات أو ترحيل الخلافات الى اجتماع الزعماء العرب على مستوى الصف الأول. وأشارت المصادر المواكبة نفسها الى أن مواقف بعض الدول الرئيسة المؤثرة من حضور القمة لم تتحدد في شكل نهائي والأرجح أنها تعطي فرصة لاتصالات ربع الساعة الأخير لعله يتم التوصل الى إنهاء الفراغ الرئاسي اللبناني، وأن هذا الموقف قد يتوضح من خلال الاجتماع الوزاري.
ويفترض أن تحدد الحكومة اللبنانية موقفها من حضور القمة على مستوى وزير أو سفير، في اجتماع لها بعد غد الثلثاء، بعدما يكون رئيس المجلس النيابي نبيه بري أجل الجلسة النيابية المقررة في اليوم نفسه لانتخاب رئيس الجمهورية كما ترجح معظم الأوساط، في ظل بقاء عدد من الوزراء على موقفهم الداعي الى مقاطعة قمة دمشق، مقابل تريث السنيورة ووزراء آخرين. ويحتاج قرار الحضور الى أكثرية الثلثين بحسب قول المصدر الوزاري، وهي غير متوافرة إذا بقي الوزراء الذين يمثلون رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط على دعوتهم الى المقاطعة بحجة أن غياب لبنان «سيكون مدوياً بسبب عدم انتخاب رئيس الجمهورية وسيدفع لتحميل دمشق وحلفائها المسؤولية». ويفترض أن يشمل قرار مجلس الوزراء الموقف من حضور الاجتماع الوزاري العربي الخميس المقبل في العاصمة السورية.
وتسعى الأوساط السياسية اللبنانية الى تسقط أنباء التحرك الروسي لدى دمشق بعد زيارة وزير الخارجية سيرغي لافروف لها قبل يومين. وتلقت أوساط رسمية لبنانية تقارير عربية عن خشية من اضطرابات أمنية في لبنان تطاول الاستقرار فيه، ورموز الأكثرية، خصوصاً إذا حصلت تطورات دراماتيكية في المنطقة وسط تصاعد الخلافات.
وكانت الاشتباكات التي وقعت ليل أول من أمس في مخيم عين الحلوى الفلسطيني بين عناصر من حركة «فتح» وآخرين من تنظيم «جند الشام» وتوقفت فجراً أقلقت الأوساط الأمنية لأن تنظيم «جند الشام» الفلسطيني الإسلامي المتشدد عاد الى الظهور بعدما كان أعلن عن حلّه في الصيف الماضي أثناء اشتباكات الجيش مع «فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد. إلا أن الجهود التي بذلتها الفصائل الفلسطينية مجتمعة أدت الى لجم الوضع الأمني.
وكان لافتاً أن وزارة الخارجية الروسية أبدت قلقها من هذه الاشتباكات. وقال المتحدث الرسمي باسمها ميخائيل كامينين ان «لا تزال عالقة في الذاكرة حركة التمرد التي أشعلها المتطرفون في مخيم «نهر البارد» صيف العام الماضي».
وأضاف كامينين أن الصدامات الأخيرة «تزيد الوضع تعقيداً في ظل الأزمة السياسية المتواصلة في لبنان». وحذّر من «أن تؤدي الصدامات التي تندلع بصورة متتالية بين مختلف الأحزاب والحركات المسلحة والتهديد باستخدام القوة الى نزاع مفتوح يصعب التكهن بتداعياته على لبنان والمنطقة». ونبّه الى أنه في ظل هذه الظروف «تلجأ مجموعات مختلفة في لبنان الى تعزيز قدراتها العسكرية». وقال: «إن روسيا تدعو بحزم الى التطبيق الإلزامي لبنود القرار الدولي 1701 وقرارات مجلس الأمن الأخرى التي تحظر تزويد المنظمات غير النظامية فوق الأراضي اللبنانية بالأسلحة».
وجدد كامينين التأكيد أن موسكو «دعمت وتدعم النظام الدستوري في لبنان ومؤسساته الشرعية وسيادة هذا البلد الصديق واستقلاله السياسي».
وليد شقير
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد