قرار بوقف صناعة السجاد اليدوي في إدلب
رغم التطور والتقدم التكنولوجي في صناعة وإنتاج السجاد بأشكال وألوان ونماذج متنوعة وأسعاره المنخفضة إلا أن السجاد اليدوي مازال يستحوذ على اهتمام الكثيرين لاقتناء ولو قطعة صغيرة رغم ارتفاع أسعاره.
وتعتبر محافظة إدلب من المحافظات الرائدة في صناعة السجاد حيث كانت تنتشر ست عشرة وحدة في كافة أرجاء المحافظة أهمها وحدة معرة النعمان التي بوشر العمل فيها منذ عام 1962/ وإذا ماعلمنا أن هذه الوحدات كانت تحتضن أكثر من /400/ عاملة من العاملات الماهرات في هذه الحرفة نعلم عدد الأسر التي تعتمد في رفع السوية الاقتصادية لحياتها المعيشية.
لقد جاء القرار الجائر والقاضي بإغلاق معظم وحدات صناعة السجاد اليدوي في محافظة إدلب ليتم إغلاق أربع عشرة وحدة وتبقى اثنتين فقط على خلفية دراسة واقع عمل وحدات صناعة السجاد انطلاقاً من واقع الربح والخسارة كما أوردها قرار الإغلاق ما شكل حالة من التشرد للعديد من العاملات الماهرات وتردي الحالة الاقتصادية لعائداتهم التي كانت تعتمد في معيشتها على الدخل الذي تكسبه من هذه الحرفة وجلوس هؤلاء العاملات على دفة البطالة ينتظرن الصناعات البديلة التي نص عليها قرار الإلغاء والتي لم تأت ولن تأتي لأن القرار بحد ذاته يلغي فكرة الصناعات البديلة عندما يشترط اقتصار دور الوحدات على التدريب فقط دون الخوض بتجربة الإنتاج وكأنها المحظور الذي لايمكن الإقتراب منه.
أما البنود الأخرى التي جاءت في ذلك القرار والتي تمثلت بإمكانية إعادة الأنوال إلى بيوت العاملات الراغبات بذلك وإقامة دورات تدريبية على الحاسوب وإيجاد حاضنات أعمال في الوحدات واستخدام كل وحدة لميزانيتها الداخلية في هذه المشاريع بقيت حبراً على ورق الغاية منها تسهيل مرور قرار الإغلاق وتجرع مرارته من قبل العاملات ورفع المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية التي وقعت على عاتق من اتخذ هذا القرار وتبرير ماحدث من خراب أو (تخريب) لهذه الهيكلية التي كانت بحاجة إلى رعاية وتطوير كونها تمثل إحدى الحرف التقليدية الهامة في محافظة إدلب, وكان من الأسباب الأساسية لإغلاق هذه الوحدات تكدس الإنتاج رغم خفض أسعاره أكثر من مرة وبنسب وصلت إلى مايقارب (30) بالمئة للتخلص من الكميات المكدسة في مخازن الوحدات المصنعة دون التفكير ولو لمرة واحدة بإيجاد أسواق خارجية يتم من خلالها تسويق الإنتاج وبالتالي المحافظة على استمرارية العمل لأننا نعلم جميعاً أن السوق المحلية لايمكن أن تستجر كافة الكميات المنتجة ليس لسبب بل لغلاء أسعارها حيث يتراوح سعر المتر الواحد مابين خمسة آلاف وثلاثة عشر ألفاً وخمسمئة ليرة سورية.
إن نظام التسعير المعتمد قد مضى عليه أكثر من ربع قرن دون أي تطوير حيث يتم احتساب سعر المادة الأولية التي تستجر حصراً من القطاع العام بأسعار تصل إلى أكثر من ضعف أسعارها في القطاع الخاص فسعر الكغ الواحد من الصوف لدى القطاع العام يصل إلى 340/ل.س بينما لايتجاوز /150/ ل.س لدى القطاع الخاص إلا أنه يحظر التعامل معه كما تضاف أجور العاملات الذي لايتجاوز /2000/ ليرة للمتر الذي تقضي العاملة أكثر من خمسة عشر يوماً في إنتاجه أما الإضافات الأخرى التي تشكل سبباً رئيسياً في ارتفاع سعر المتر من السجاد اليدوي والتي تصل إلى أكثر من /1400/ ليرة وتتمثل بالتأمينات والتدفئة والنفقات الإدارية ونسبة الربح ورغم ذلك تفاجئنا دراسات مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بأن هذه الوحدات خاسرة رغم كل هذه الإضافات التي لا تستفيد العاملات منها فكيف ولماذا وإذا ما كانت خاسرة بالفعل ألا يستوجب ذلك وقفة لإعادة النظر بمنهجية العمل والقرارات الناظمة من خلال هذه المسيرة الطويلة من عمر هذه الوحدات لتفادي النتائج المتردية التي وصلت إليها حال هذه الصناعة وصولاً لإغلاق الجزء الأكبر من مراكز الإنتاج؟
وأخيراً لابد من طرح السؤال الذي يطرحه كل من يعمل في هذه المهنة ومن وجدناه في تلك الوحدات الخاوية كيف تغامر وزارة الشؤون الاجتماعية بهذه الصناعة التقليدية القديمة؟ ولماذا نرمي بهذه الخبرات الماهرة إلى المجهول؟
وبدورنا نضم صوتنا إلى تلك الأصوات المطالبة برعاية هذه الصناعة انطلاقاً من ضرورة إعادة إقلاع هذه الوحدات برونق جديد وقوانين ناظمة متطورة ترعى حقوق العاملين فيها وإعادة النظر بنظام التسعير ليتناسب مع جهود المنتجين والمستوى المادي للمستهلك وإيجاد أسواق خارجية لاستيعاب الكميات المنتجة لكي لا تتكرر تجارب الماضي.
أحمد عثمان
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد