فرض التأمين الإلزامي على السيارات بعد أسبوع
قد يكون مطلع الاسبوع القادم حافلا بقرارات تأمينية مهمة، الا ان الاهمية قد تكون في مصلحة شركات التأمين اكثر منها في مصلحة المواطن، ومن تلك القرارات التأمين الالزامي على السيارات. وقد تكون الاعوام القليلة غير كافية لإصدار احكام حول مسيرة سوق التأمين في سورية بعد ان جذب اثنتي عشرة شركة تقليدية وشركتي تأمين تكافلي، إلا ان المكتوب من عنوانه كما يقال، فحتى الآن ما زالت مساهمة التأمين في الناتج المحلي الاجمالي لا تصل الى 1٪ واقساط التأمين على الحياة لا تتعدى 0.04٪ وهو رقم قابل للتجاهل في علم الاقتصاد.. هل المشكلة في ثقافة المواطن التأمينية أم لعلها في السلع والمنتجات التي لا تتناسب البتة ودخله؟
في محاولة لجردة حساب عن دور هيئة الاشراف على التأمين وشركات التأمين، التقينا الدكتور عبد اللطيف عبود مدير الهيئة فكان هذا الحوار.
< بعد نحو اربعة اعوام على الهيئة وعامين على شركات التأمين، بداية ما هي جردة الحساب حتى الآن؟
<< قد تكون الاولى جردة الحساب عن عمل الهيئة لانها المعنية وخاصة خلال السنوات الاولى من عمل الشركات او حتى قبل اقلاع الشركات حيث لم يكن في السوق سوى المؤسسة العامة للتأمين وبدأنا العمل فعليا عام 2005 علماً ان الهيئة احدثت عام 2004، المرحلة الاولى كان الاتفاق قائماً مع السيد وزير المالية لانه المعني ان تكون هناك بنية تشريعية وتنظيمية للسوق قبل محاولة قبول لاعبين جدد في القطاع الخاص للعمل في السوق، وهكذا تركز الجهد بشكل كامل على كتابة واعداد قانون للتأمين/ المرسوم التشريعي 43/. بعد ذلك فتحنا الباب امام قبول طلبات الشركات وفق المعايير التي حددها المرسوم وكانت المعايير قد استفادت من تجارب اسواق كبيرة سواء لجهة كفاية رأس المال او لجهة عدم السماح بدخول السوق بشكل غير منظم ما يصعب اصلاحه فيما بعد، ورسم جميع متطلبات السوق وشركات التأمين. كنا نتوقع عدداً محدداً من الشركات، لكن من تقدموا كانوا اكبر من التوقعات.
< عفواً للمقاطعة، كنت أعلنت مع بداية العمل في الهيئة انكم لا تريدون دكاكين للتأمين ، سواء من جهة السلع والعمل او من جهة رأس المال، الآن هل الشركات التي دخلت تعمل بعقلية المؤسسات ام بعقلية الدكنجي؟
<< اعتقد ان الشركات الموجودة ليست دكاكين ولا تمارس عملها بعقلية الدكنجي، عندما تقبل شركات تأمين برؤوس اموال متواضعة فهي لن تستطيع الحفاظ او الاحتفاظ بقدر كبير من الاخطار وبما انها لا تستطيع الاحتفاظ بهذا القدر الكبير فهي لا شك ستلجأ الى اسواق الاعادة ليكون عملها اقرب ما يكون للوكيل بالعمولة مع اسواق الاعادة.. والعكس صحيح، اي عندما تكون الشركات قادرة على تحمل الخطر ولو بشكل جزئي فهذا يؤدي الى شركات تأمين كما نطمح، ومهما كبّرنا رأس المال فلن تكون هناك شركة تأمين تحتفظ بكامل الخطر، لا في سورية ولا في غيرها.
حدود رأس المال كانت بداية 17.5 مليون دولار كحد ادنى، لكن بعد اول شركة قفز رأس المال الى ما يزيد عن ذلك نظراً للرغبة في التواجد في السوق واشتراطات الهيئة التي تعطي علامات على معايير محددة منها رأس المال.
< قلتم مرة عن اكتفاء السوق السورية من شركات التأمين او هكذا قرأه البعض هل حقاً وجود عشر شركات او اثنتي عشرة شركة كافية للسوق السورية الذي كان فيه - السوق- نحو خمسين شركة منذ خمسين سنة؟
** منذ ذلك التصريح حتى الآن لم نعط ترخيصاً لاي شركة جديدة، لدينا اثنتا عشرة شركة تأمين مرخصة بشكل كامل وهناك شركتا تأمين تكافلي احداها مرخصة من مجلس الوزراء، ولكن يعاد النظر في ترخيصها نظرا لاختلاف الشركاء وشركة اخرى مرخصة من الهيئة وتنتظر استكمال ملفها، طبعاً اضافة الى المؤسسة العامة للتأمين، اي لدينا في السوق خمسة عشر لاعباً.
ولدينا شركة اعادة واحدة، السوق بدأ بهذه الصورة حديثاً وهذا العدد يستأهل التوقف عنده وتراقب السوق قبل ان تقرر ان هذا العدد مناسب ام ان السوق تحتاج المزيد، ولكن لم يحصل ان اغلق باب الانتساب للسوق التأمينية انما بدأنا نراقب تطورات السوق، لانه ان لم يكن من انتاج ومنافسة وإلا كلما اوغلنا في التنافس دون انتاج فإنما ذلك يهدد الشركة وتهدد حامل الوثيقة.
- < قد يكون عام على عمل شركات التأمين غير كاف لأي تقييم، ولكن ماهي التغيرات من جهة مساهمة التأمين في الناتج المحلي الاجمالي او من جهة حصة الفرد تأمينياً؟
<< خلال العام الماضي لم تكن جميع الشركات قد مارست العمل فعليا بعضها بدأ عام 2007 وبعضها في النصف الثاني من عام 2006، لذا لا يمكن البناء من حيث زيادة المساهمة من خلال عام او عام ونصف العام، ما حققناه خلال عام 2007 هو زيادة في حجم الاقساط بمعدل 25٪ وهذه النسبة قد لاتعبر عن الطموح، لكنها استوعبت التنافس اولاً وهي في سنوات التأسيس والانطلاقة ثانياً، فلو أجرينا الدراسة على الوحدات المؤمنة لرأينا التطور اكثر من 25٪ بكثير، واعيد ان هذه النسبة تناسب الطموح لبعض الفروع لكنها دون التوقع بالنسبة لفروع اخرى، فتأمين الحياة نما بنسبة67٪ وهذا كنسبة جيد ولكن كحصيلة لا يزال دون التوقع ، والتأمين الصحي حقق 238٪، ولكن هذا لا يرقى الى الطموح وفي هذا الفرع بالذات وكذا التأمين الشامل على السيارات، وقد وضعنا السيد وزير المالية رئيس هيئة الاشراف على التأمين في صورة نمو كل فرع تأميني وعدم بلوغه حدود الطموح ونعتقد ان الاجراءات ستتخذ خلال فترة وجيزة.
أما عن مساهمة التأمين في الناتج المحلي الاجمالي فأعتقده لايزال دون 1٪ والهدف على المدى المتوسط ان يصل الى 2٪ وهذا اقل من المتوسط الذي تساهم به الدول غير النفطية.
< قد لاتتحمل اي شركة تأمين مهما كان رأسمالها اخطار التأمين لذا قد تكون الضرورة ملحة لوجود شركات الاعادة الا اننا لم نر الا شركة اعادة واحدة في سورية حتى الآن؟
** فعلا اعادة التأمين جانب حيوي في المعادلة، بل لا يمكن تصور صناعة التأمين دون اعادة التأمين لان هناك اخطاراً كبيرة ومصافي نفط تتجاوز قيمتها مليارات الدولارات وهناك صناعات بتروكيماوية، لذا لا يمكن لاي شركة وأيا كان رأسمالها ان تتحمل ما قد تنتج عنه هذه الاخطار، لذلك كل شركةلديها برنامج اعادة تأمين بشكل يضمن توزيع الاخطار اعتقد ان برنامج اعادة التأمين يحفظ الشركة ويحفظ المساهمين وحملة الوثائق، وخاصة عندما تكون تكلفة هذه التعويضات توجب الاسترداد من الخارج.
نحن نمارس بعض المعايير في اعادة التأمين كأن نشترط انه لا يجوز الاعادة مع شركة اعادة ليس لديها تصنيف و أقله /3B/ وقد نرفع هذا المعيار الى /A/ بل حتى وسطاء اعادة التأمين يجب ان يكونوا مميزين من قبل الهيئة ويكون الاسناد عن طريقهم، ثم نحن ندقق في سجل متطلبات تحويل اعادة التأمين ونوافق على هذا التحويل طالما انه في سياق اتفاقية الاعادة.
< الى أي حد أفلحتم في عودة اموال التأمين المهاجرة ونحن من كنا نوصف بالبلد الطارد للايداعات المصرفية ولأموال التأمين؟
<< هناك محفظة -ربما- بمئات الملايين كانت تأمينات سورية مهاجرة الى الدول الجوار وقد عادت الى سورية بل لا نزال نحس ان الكثير من شركات التأمين العربية والعالمية لديها طموح لتكون في السوق السورية، اما شركة تأمين او شركة اعادة تأمين اعتقد انه ورغم قصر فترة التجربة إلا انه ما قدم كان عامل جذب لاعادة ثقة الاموال التأمينية المهاجرة.
- < تأمين صحي وتأمين على الحياة وعلى السيارات والنقل البحري اعتقد ان هذه السلع كانت اصلاً في السوق السورية ولم نر حتى الآن سلعاً مختلفة، اذكر انكم وعدتم بسلع وفروع جديدة؟
<< الفروع التقليدية لا تزال فروعاً هامة رغم السلع والفروع الجديدة، بل تنتج ما يزيد عن تريليون ونصف التريليون دولار على صعيد العالم.
اما أهمية السؤال فهو حول فرع تأمين الحياة وما يتبع هذا الفرع لأن اقساط التأمين في العالم لا يزال 60٪ منها ناتج عن تأمينات الحياة، في حين لا تزال عندنا 0.04٪ وهذا الرقم قابل للتجاهل، لاشك ان تأمينات الحياة نمت بشكل كبير لكنها لا تزال بعيدة عن الطموح، التأمين يلزمه عمل على النفس الطويل وتصميم منتج في متناول اليد، فإن اقدم وثيقة تأمين صحي ثمنها 15 ألف ليرة لأسرة مكونة من خمسة افراد فهذا ما اعتقده كلفة حقيقية بالنسبة للمواطن ذي الدخل المحدود، فلو صغرنا المنتج وقلنا ان هذه الوثيقة تغطي العمليات الجراحية فقط وثمنها فقط ألفا ليرة فالمجتمع التأميني سيتوسع والشركات ستنمو ، فعلاً بدأنا بتنفيذ هذه الاستراتيجية المتعلقة بالمنتجات التأمينية الصغيرة. ودعني أشير الى ان التأمينات على الحياة هي التي تضع الوعاء الادخاري للاستثمار، لأنها تأمينات طويلة الاجل فأنت تدفع قسطاً وقد لايتحقق عبر عشرين او ثلاثين عاماً التعويض، لذا هذا القسط مهيأ للاستثمار، اعتقد ان في عام 2008سيكون هناك منتج تأميني حقيقي يلبي المتطلبات وبكلف قليلة وسيكون التأمين الصغير هو احد محاور ملتقى التأمين لهذا العام.
-< قد لا يمكن فصل دخل المواطن عن التأمين، أليس في عدم ملاحظة هذا الجانب واصدار وثائق ومنتجات صغيرة بأسعار قليلة تؤخذ على خطة عمل شركات التـأمين؟
<< التأمين من حيث كونه سلعة يشبع رغبة ويتأثر بمحددات السوق من عرض وطلب له سعر وله ايجاب ورفض، لكنه حاجة يتصف الطلب عليها بالمرونة، اي لو وضعنا سلسلة من اولويات احتياجات المواطن لابتعد التأمين ربما الى ما بعد خمسين، اولى الاولويات امام حقيقة دخل المواطن ولا يمكن التعويل على قفزات نوعية، الا ان هناك تجارب عالمية جديرة بالنظر والاقتداء كالتجربة الصينية، عندما تحرر التأمين في الصين كان مستوى دخل الفرد أقل من هنا، لكنهم عندما اتجهوا نحو التأمين الصغير استطاعوا ان يشكلوا محفظة تأمين لافتة.
قبل فوات الأوان
< بدأ البعض يقول عن حالات تنافس وصلت الى تآمر شركات التأمين مع وكلاء السيارات والمصارف وغيرهم، اين يبدأ دوركم كهيئة وما دور الاتحاد في الرقابة والردع؟
<< لا اعترض على الاشارة الى تنافس الشركات المحموم وغير المنضبط ، ولكن استبعد مسـألة التآمر، فالشركات لم تصل الى هذا الحد ولم يسمح لها بالولوج الى التآمر، أما عن السيارات فالتأمين هنا عمل منتج وسهل لأن طالب التأمين مرغم ان يأتي اليك، هذه الخاصرة الرخوة تساعد شركات التأمين على الاقتتال على المطرح، وقد تحرك الاتحاد لوضع حد لهذا ، ولكن الهيئة ايضا اتخذت اجراء حاسماً، فمن يأتي ليعمل في السوق السورية فيحق له تأمين الزامي بنسبة التأمين الالزامي الى التأمين السوري، اي هذا التأمين الالزامي يشكل 40٪ اي انك لا تستطيع ان تكتب في محفظتك اكثر من 40٪ وما يزيد سنلغيه وقد يصل الامر الى الايقاف عن الممارسة. كما ان الاتحاد السوري للتأمين يفترض ان اقر عدم وجود عملات لانه كلما كانت هناك عمولات فإنما سيتنشط التنافس المحموم، وبالتالي الاخطاء والمظاهر السلبية لممارسة التأمين، ولدى الهيئة ما تضمنه كرادع جراء اي ممارسة ضارة على صعيد دفع التعويض او حامل السهم.
< قيل عن قرارات ارسلتموها لوزير المالية تتعلق بالتأمين الالزامي على السيارات اثر اجتماع مجلس ادارة الهيئة منذ يومين ماهي مشاريع القرارات الجديدة؟
<< فعلاً كانت جلسة مجلس الادارة هامة وناقشت العديدمن القضايا واتخذت فيها قرارات لم تضع بعد، وتلك القرارات كانت تلامس قضايا مهمة مثل تأمين السيارات الالزامي في مرحلته الجديدة وفق قانون السير الجديد ومنها التأمين البحري وايضاً علاقة رئيس مجلس الادارة بالمديونية، واعتقد ان الاسبوع القادم سيشهد اصداراً لتلك الخلاصات التي اعتقدها مكملة للمناخ التأميني في سورية.
حاوره: عدنان عبد الرزاق
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد