غزة: انفراج في القاهرة.. لا يضمن هدنة دائمة

12-08-2014

غزة: انفراج في القاهرة.. لا يضمن هدنة دائمة

قاد إعلان وقف إطلاق النار لثلاثة أيام وقبول الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني به، إلى بدء المفاوضات في القاهرة للتوصل إلى تسوية بشأن قطاع غزة. وخلافاً للجولة الأولى من المفاوضات التي جرت في القاهرة قبل حوالي أسبوع ولم تحقق أي تقدم، فإن الخشية من استئناف القتال، خصوصاً بعد تجربة الهدنة السابقة، دفعت إسرائيل إلى إبداء مزيد من الجدية في التعامل مع المطالب الفلسطينية.
وتتحدث تقارير مختلفة عن حدوث تقدم في أكثر من جانب برغم إقرار الجميع بأن مهلة الأيام الثلاثة ليست كافية لإعلان اتفاق نهائي.طفلان فلسطينيان يحملان بقايا ذخيرة للجيش الإسرائيلي عثرا عليها قرب منزلهما المدمر في غزة أمس (أ ب أ)
وكانت دقائق ما قبل سريان الهدنة قد شهدت تصعيداً في الغارات الإسرائيلية وفي إطلاق الصواريخ الفلسطينية، إذ كان كل طرف يرغب في أن يرسخ في ذهن الطرف الآخر جاهزيته للقتال. وقد أطلقت «كتائب القسام» و«سرايا القدس» صليات من الصواريخ على مناطق مختلفة بينها بئر السبع وتل أبيب وأسدود، تأكيداً لفكرة أن لا شيء يردعها عن مواصلة القتال.
وأثار هذا الموقف خلافات داخل إسرائيل، ليس فقط في داخل الحكومة بل أيضاً بين الشارع والجيش. واضطر قائد الجبهة الجنوبية الجنرال سامي ترجمان في لقاء مع مستوطنين في كيبوتس ناحال عوز للإقرار بخطأ القيادة العسكرية في دعوة الجمهور للعودة إلى الحياة الروتينية. كما أنه عاد وأقر بأن الجيش لم ينجز مهمة القضاء على الأنفاق، وأنه لا يضمن عدم حدوث عمليات تسلل أو إطلاق صواريخ. بل بدا ترجمان متشككاً من إمكانية التوصل إلى اتفاق يوقف إطلاق النار دائماً.
وبحسب تقارير متنوعة، فإن انفراجة لاحت في الأفق أصلاً عندما ليّنت مصر من موقفها تجاه معبر رفح، وهو ما ساعد في العودة إلى طاولة المفاوضات. فقد أشارت أنباء إلى أن مصر أبلغت الوفد الفلسطيني استعدادها لإعادة فتح معبر رفح بانتظام إذا اتفق الفلسطينيون على تشغيله. وقيل إن الوفد الفلسطيني قدم لمصر ورقة عمل كاملة عن تشغيل المعبر بما يضمن تلبية بعض الاشتراطات المصرية ويضمن التشغيل السليم له. كما أن إسرائيل قدمت العديد من الأفكار والاقتراحات التي تبين استعداداً لتحريك الموقف الفلسطيني وإبعاده عن العودة إلى التهديد باستئناف القتال.
وشرحت «القناة الثانية» في التلفزيون الإسرائيلي وجهة النظر الإسرائيلية الجديدة، التي تقوم على أساس تقسيم حل مشكلة غزة إلى قسمين. القسم الأول يتعلق بمنح حركة حماس وفصائل المقاومة نوعاً من الإحساس بالإنجاز عن طريق الاستعداد للعودة إلى تفاهمات العام 2012 وتسهيل دخول المعونات الإنسانية وحل عدد من الجوانب الاقتصادية وصولاً إلى قبول فكرة عودة آلاف من عمال غزة للعمل في الأراضي المحتلة.
والقسم الثاني يتعلق بالتطوير الاقتصادي لغزة، بما في ذلك إنشاء ميناء وإعادة فتح المطار، وهو ما لا تنوي إسرائيل مناقشته إلا مع السلطة الفلسطينية برئاسة أبو مازن بعد عودتها إلى القطاع.
ومن المقرر أن يجتمع المجلس الوزاري المصغر اليوم لأول مرة منذ بضعة أيام في أعقاب احتدام الخلاف حول قبول الهدنة الجديدة من دون إجراء نقاش داخل الحكومة. وثمة في المجلس الوزاري من يرى أن سلوك الحكومة مهين لأنها تعمل بعكس القرارات التي تتخذها. ولذلك ثمة ميل اليوم إلى اتخاذ قرارات حازمة تقضي بأن هذه هي الهدنة الأخيرة القصيرة التي يمكن لإسرائيل أن توافق عليها.
وهناك رأي في الحكومة يرى أن على إسرائيل من الآن فصاعداً أن لا تقبل أي هدنة إلا إذا كانت مفتوحة أو تمتد على مدى زمني طويل.
وقد وصل الوفد الإسرائيلي برئاسة الجنرال عاموس جلعاد إلى القاهرة برغم قرار رسمي بعدم إجراء مفاوضات. وقد شدد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على أنه اشترط للمشاركة في محادثات القاهرة بوقف إطلاق النار.
وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن المحادثات في القاهرة تتركز في ثلاثة اتجاهات: ترتيبات مصرية فلسطينية لفتح معبر رفح، ترتيبات إسرائيلية فلسطينية لتوسيع نطاق الصيد البحري والتسهيلات على المعابر، والمفاوضات من أجل استعادة جثماني الجنديين شاؤول أورون وهدار غولدن اللذين أعلنت إسرائيل مقتلهما.
وكانت إسرائيل قد انطلقت طوال المفاوضات في القاهرة من واقع إحساسها بأن «مصلحة مصر في قمع حماس لا تقل عن مصلحة إسرائيل. لذلك فإنها تثق بأن مصر ستعمل على منع تعاظم قوة حماس. وهذا يعني فعلياً الشروع واقعياً بتجريد غزة من السلاح».
وأشارت المصادر إلى استعدادها لمنح حماس مكاسب تعرضها لجمهورها في مجالي نطاق الصيد وزيادة ساعات العمل في المعابر الإسرائيلية على حدود القطاع. كما أن إسرائيل مستعدة لتبادل جثماني الجنديين بأسرى فلسطينيين اعتقلوا في أيام الحرب الأخيرة وفي مقابل جثامين شهداء فلسطينيين. ومع ذلك يعتقد أن المفاوضات بشأن الجنديين ستجري بمعزل عن المفاوضات السياسية الجارية لحل الأزمة.
وهناك قناعة في الأوساط الإسرائيلية والفلسطينية على حد سواء بأن الجولة الحالية من المفاوضات الجارية في القاهرة حاسمة. وقد أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل أنه لن تكون هناك هدنة دائمة إلا إذا ضمنت الأطراف فك الحصار المفروض على القطاع. ولكن أوساطاً إسرائيلية تشدد على أن العودة إلى إطلاق النار تعني هذه المرة نهاية المفاوضات وزيادة احتمالات الخروج إلى عملية برية أوسع في القطاع.
ويبدو أن المفاوضات الجارية في القاهرة تحسّن من العلاقات بين إسرائيل ومصر. وأشار موقع «والا» الإخباري إلى أن مصادر مصرية أبلغت إسرائيل أن القاهرة بصدد إعادة السفير المصري إلى تل أبيب الذي كانت حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي قد سحبته أثناء عملية «عمود السحاب» في العام 2012.
وفي إطار التحركات الإسرائيلية، أعلن وزير المالية وزعيم حزب «هناك مستقبل»، يائير لبيد خطة سياسية تقوم على عقد مؤتمر دولي في مصر تحضره الدول العربية، وعلى تسليم القطاع للسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن لبيد عرض الخطة التي تقوم على مبدأ التعاون بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة، على نتنياهو. وتستند الخطة إلى مبدأي تجريد القطاع من السلاح والعمل على تطويره اقتصادياً ضمن أربع مراحل تبدأ بإعادة السلطة إلى القطاع وترسيخ أقدامها كجهة مسؤولة عن إعادة إعمار القطاع، والربط بين إعادة الإعمار وضمان أمن إسرائيل وتحديد خطوط تجريد غزة من السلاح والأنفاق.
ويقول لبيد إنه من دون أفق سياسي فإن كل محاولة للتوصل إلى تسوية بشأن غزة ليست سوى «عد تنازلي نحو الانفجار العنيف المقبل».

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...