سوق بطاقات الإنترنت في سورية
5 ساعة إنترنت بـ100 ليرة سورية تسعيرة لبطاقة معينة من المزود (س)، تشتري البطاقة، تمسح الأرقام مستخدماً قطعة نقد أو جسماً صلباً.. تنشئ اتصالاً جديداً بإدخال الأرقام المكتوبة، تُدخل رقم الاتصال الخاص بالمزوّد أولاً ثم اسم المستخدم وكلمة المرور، لن تحتاج أية إعدادات إضافية، وبعد ذلك، تضغط على الزر موافق وتطلب الاتصال بالإنترنت عن طريق الهاتف الثابت.
خطوات سهلة وطريقة استخدام لاتحتاج الكثير لتعلّمها، ويمكن لأي مستخدم جديد يريد تصفّح الإنترنت تطبيقها لكن مع تسجيل الدخول وبدء الاتصال تبدأ مشاكله وأعطاله العديدة التي لا تنتهي.. فمرة ينقطع الاتصال وأخرى تنسى ما تتصفّحه وتبحث عنه.. وأنت تنتظر.
وفي كل مرة ساعات ضائعة على المستخدم وضياع في معرفة سبب المشكلة هل للمزوّد علاقة.. هل المشكلة من المقسم.. أسئلة كهذه وأسئلة أخرى أكثر اختصاصية تتعلق بسوق بطاقات الإنترنت في سورية حاولت البحث عن أجوبة لها من المستخدمين أنفسهم ومن منافذ البيع وعند مزودي الخدمة، وفي المؤسسة العامة للاتصالات.
الأفضلية للعرض و السعر الأرخص
يتعامل معظم مستخدمي وموزعي البطاقات مسبقة الدفع لخدمة الإنترنت في سورية مع البطاقات الأكثر جودة وأقل تكلفة.. حيث يقول (جمال) مستخدم عادي للانترنت أنه في كل مرة يشتري فيها بطاقة إنترنت جديدة يسأل عن عدد الساعات التي تحتويها مقارنة بأخرى غيرها، وعلى أساس هذا الأمر يشتري، لكنه يقول أنه في كثير من الأحيان تترتب على نوعية البطاقة أو انخفاض سعرها رداءة في الاتصال، موضحاً إلى أنه في كثير من الأحيان يهدر ثمن البطاقة دون الاستفادة من كل ساعات الاتصال التي تحتويها..
من جانبه يقول (أبو ياسر) مالك لأحد الأكشاك، وبائع لبطاقات الإنترنت، إلى أن بيع مثل هذه البطاقات لايزال منخفضاً نسبياً مقارنة ببطاقات اتصال أخرى غيرها، ويبين أن الطلب عليها غالباً لا يتناسب مع الكميات الكبيرة للعرض من قبل مزودات مختلفة، ويضيف أنه ونظراً لمحدودية الطلب فهناك الكثير من العروض والتخفيضات لساعات الاتصال المقدمة من مختلف مزودات هذه الخدمة، بشكل مستمر، وبالنسبة إليه كموزع أو بائع لمثل هذه البطاقات فإنه يقول: إن الأفضلية عندما يريد الاختيار تكون لهامش الربح الأعلى الذي يعطيه له المزود وفي درجة ثانية لنوعية البطاقة المطلوبة مع إشارته إلى أن هناك أنواعاً من البطاقات مفضّلة عند المستخدمين.
المزوّدات.. وأسعار الساعات
في المؤسسة السورية للاتصالات يقدم المهندس نور الدين الصباغ مدير الإدارة التجارية بعض التوضيحات لآلية منح الرخص للمزودين لإصدار بطاقات خاصة بالاتصال بالإنترنت عن طريق الهاتف حيث يقول: يمكن الحصول على الترخيص اللازم لتقديم خدمة الإنترنت للعموم من خلال تقديم العرض اللازم للمؤسسة في إطار الإعلان الخاص بذلك، إلا أن المؤسسة أعلنت منذ فترة عن إيقاف هذا الإعلان لأسباب فنية، وسيتم إعادة الإعلان من جديد على ضوء الإمكانيات الفنية المتوفرة في شبكة تبادل المعطيات لاستيعاب مزودات خدمة جدد وقدرة السوق على استيعابهم، علماً إلى أنه يوجد حالياً عشرة مزودات خدمة إنترنت إلى جانب مزوّد المؤسسة، ولا يمكن تحديد عدد المشتركين في سورية كون معظم المستخدمين يستخدمون البطاقات مسبقة الدفع .
وبالنسبة لأجور هذه الساعات قال: تكون أجرة ساعة الإنترنت عن طريق مزود المؤسسة 18 ليرة سورية للساعة أي بمعدل (0.30) ليرة سورية لكل دقيقة، وترد هذه الأجور على فاتورة الاشتراك الهاتفي، أما بالنسبة لمزودات القطاع الخاص فتم تحديد أجر الساعة بمبلغ يتراوح بين (8 - 15) ليرة سورية تضاف إليها أجور مكالمات محلية ترد ضمن فاتورة الاشتراك الهاتفي، أي أن تكون تكلفة الاتصال النهائي للساعة الواحدة ضمن المجال (14- 21) ليرة، وبالتالي فإن تكلفة الاتصال لدى المؤسسة العامة ضمن المجال المحدد لمزودات القطاع لخاص، وتعتبر هذه الأجرة حداً وسطاً لتفسح المؤسسة جانب المنافسة في السوق.
أسباب بطء الشبكة
يعاني معظم المتصلين كما تمت الإشارة من بطء وانقطاع مستمر في الاتصال بالإنترنت عن طريق الهاتف أو ما يسمى بالحزم الضيقة، ويعزو مدير الإدارة التجارية نور الدين الصباغ هذا البطء إلى عدة أسباب حيث يقول: إن بطء الشبكة يعود إلى محدودية سعة بوابات الاتصال العادية، والمتعارف على تسميتها ببوابات الحزمة الضيقة، والحزمة الضيقة في كل دول العالم هذه إمكاناتها ولا تزيد عن حدّ معين وهي بحدها الأقصى 56 كيلو بت في الثانية، ويظهر هذا البطء في الاتصال بشكل عام من خلال الاستخدام في ساعات الذروة، وبنتيجة التنافس الكبير بين المزودين، وهذه المشكلة مؤقتة تقوم المؤسسة العامة بمعالجتها من خلال زيادة بوابات الحزمة العريضة ما أمكن ضمن إطار مشروع يتم العمل عليه حالياً ليتيح إمكانية استقبال شرائح أوسع من المستخدمين، والعمل على تنفيذ مشروع جديد بسعة كبيرة من بوابات الحزمة العريضة لتلبية احتياجات الزبائن من المستخدمين.
مشكلة المزوّد المتوقّف عن الخدمة
صدر منذ فترة قريبة إعلان من المؤسسة العامة بوقف عمل إحدى المزودات العشرة المعلنة عن الخدمة، ونظراً لكون البطاقات الصادرة عنه ما زالت في التداول تم سؤال المؤسسة العامة عن سبب توقفه عن العمل فأفادنا الأستاذ محمد البغدادي أن سبب التوقف لا علاقة له بسعر الساعة أو النزول عن الحدّ المفروض من قبل المؤسسة حيث لا يتم سحب الترخيص مباشرة في مثل هذه الحالات وبرّر سبب إلغاء مزود خدمة الإنترنت "تيرانت" بأن عليه ديوناً واستحقاقات للمؤسسة لم يدفعها ما أدى بداية إلى منعه من بيع خطوط الحزمة العريضة من فترة ستة أشهر ثم انتهى الأمر إلى إلغاء العقد، من جانب آخر تم سؤال إدارة المزود عن الموضوع حيث قدمت الإجابة التالية وفسّرت من خلالها سبب توقف المزود عن العمل بالقول: "إن الإشكاليات التي ظهرت في الأسواق بخصوص مزود "تيرانت" هي بسبب مفاوضات طويلة حصلت بين شركة المزود وشركة أخرى تحاول الاستحواذ عليه، ولكن عدم وجود سابقة لمثل هذا الموضوع في سورية تخص الاستحواذ على الشركات الخدمية وصعوبة أمور الاستلام والتسليم بين الشركتين أخذ وقتاً طويلاً ما وضع المزود بحالة تريّث وأدخله بإشكالات تخص العلاقات التنظيمية والعلاقات مع المؤسسة العامة للاتصالات التي قامت بدورها باتخاذ إجراءات تتفهمها إدارة المزود باتجاه إعلام المستخدمين والموزعين بضرورة التواصل مع المزود لحفظ حقوق المواطنين".
وصرّحت إدارة المزود بأن المفاوضات المذكورة وصلت مرحلتها النهائية وسيتم إعادة إطلاق الشركة بشكل جديد.
مزوّد واحد وأكثر من بطاقة
تعمد بعض مزودات خدمة الإنترنت إلى إصدار أكثر من نوع أو اسم من البطاقات المخصصة للاتصال ويفسر صاحب أحد المزودات الأمر بكون المسألة تدخل ضمن إطار المنافسة مع المزودات الأخرى وتتعلق أيضاً بالخدمات الصادرة عن المزود حيث تتميز كل بطاقة بميزات إضافية تختلف عن النوع الآخر فمنها مثلاً ما يضمن تصفّحاً آمناً بالنسبة للأشخاص أو الأهل الذين يرغبون بحظر أنواع معينة من المواقع عن أولادهم فيكون هذا النوع من البطاقات مناسباً لهم.
ومن جهة أخرى يوضح السيد محمد البغدادي الموظف في الإدارة التجارية في المؤسسة العامة الأمر حيث يقول إنه في بعض الأحيان يكون لكل مزود أكثر من اسم للبطاقات التي يصدرها وتتعلق المسألة بالمنافسة لا أكثر ولا أقل كأن يسمح المزود لجهة أخرى بوضع اسم جديد للبطاقة لقاء سحب عدد كبير من البطاقات، لكن هذا الأمر يتسبّب بمشاكل كثيرة في بعض الأحيان فمثلاً لنفترض أن ترخيص مزود معين (x) ينتهي بنهاية 2010 ويأتي لجهة أخرى ويعرض عليها أن يبيعها كمية كبيرة من البطاقات تختار لها اسماً جديداً وبسعر مخفّض جداً عن القيمة الفعلية للبطاقات.. ودون أن يشير إلى أن مدة انتهاء البطاقات قاربت على الانتهاء مما يتسبب بمشاكل كثيرة للجهة الجديدة من ناحية إمكانية تصريف البطاقات خلال مدة زمنية محدودة، لذلك صدر عن المؤسسة العامة قرار بالسماح لكل مزود بإصدار اسمين فقط وشرط الإشارة إلى اسم المزود الأساسي.
سوق المنافسة المحموم
يتحدث المهندس(حسام نشواتي) أحد المختصين في مجال قطاع الاتصالات وسوق بطاقات الإنترنت في سورية عن بعض الجوانب التي يشهدها عالم مزودات هذه الخدمة حيث يقول إن السوق ما زال في فترة ما قبل النضج فيما يتعلق بالخدمات عامة وكافة الأنشطة المتعلقة بخدمات الإنترنت بشكل خاص وبالتالي فإن آلية تعامل التجار والموزعين مع خدمات الاتصال تعتمد على كونها سلعة وليست خدمة، والمعروف أن هذا النوع من التجارة يتحقق ربحه بعد البيع وهذا هو للأسف الفخ الذي يقع فيه العاملون في هذا المجال فليس لديهم تصور حقيقي واقعي للكلف الحقيقية للخدمات باعتبار أن البيع والتحصيل المالي يتم قبل الخدمة وليس بعدها مما يفتح المجال للمضاربة ومحاولات الكثير من الموزعين والتابعين لأكثر من مزود أو جهة القيام بعمليات إغراق غير مدروسة أدت بالضرورة إلى وجود عرض أكثر من الطلب الحقيقي، وأدى إلى استخدام غير مرشد وتشوهات بالأزمنة والأوقات التي يتكثّف فيها الاتصال بالشبكة وزيادة الضغط عليها أكثر من قدرتها مما أوقع شبكة الاتصالات بأزمة حقيقية من ناحية التشغيل سببها عدم قياس قدراتها على التحمّل مقارنة بالبطاقات المطروحة في الأسواق، وأوقع السوق بإرباك كبير نتيجة كم العرض الهائل للبطاقات المطروحة من كافة المزودات مقابل استهلاك محدود.
ولتوضيح ذلك يمكن أن نأتي بمثال في بلدة معينة تستطيع بواباتها المربوطة بشبكة الإنترنت استيعاب 20 شخصاً متصلاً مثلاً في وقت واحد إلا أن البطاقات المطروحة في تلك البلدة تبلغ 300 متصل في وقت واحد (15 ضعفاً) مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل شركات الإنترنت تعتمد على ضخ كميات كبيرة من البطاقات وفق صلاحيات محددة أو محدودة وبالتالي يعجز السوق عن استهلاكها، وبالتالي وحسب المثال السابق فشراء 100 ساعة إنترنت بسعر ليرة واحدة للساعة تدفع مقابلها 100 ليرة.. لكن محدودية قدرة الشبكة والزمن الممنوح لاستخدام المئة ساعة لا يستطيع المستخدم خلاله استهلاك إلا ثلاث أو أربع ساعات فقط وهنا تدفع سعر الساعة ليس ليرة سورية بل 25 ليرة سورية. وأضاف "النشواتي" بالقول: إن التدقيق بسعر الساعة المطروح تجارياً بسعر حقيقي أعلى بكثير في حال تم الربط بين قدرة الشبكة على التخديم ومدة صلاحية البطاقة وكمية البطاقات المطروحة في الأسواق مع الإشارة إلى أن هذا الكلام لا يطبّق على البطاقة الواحدة لكن على السوق بشكل عام، أي أن كم البطاقات المطروحة لدى الموزعين ونقاط البيع وجيوب المستخدمين هي أضعاف قدرة السوق على الاستهلاك وقدرة الشبكة على التحمّل.
حلول مقترحة
المهندس (حسام) رأى أن الحل لما يحصل من عمليات فوضى في سوق بطاقات الإنترنت يأتي على عدة مراحل إذ يقول إنه لا يمكن بحال من الأحوال إغلاق باب المنافسة من قبل المؤسسة وإن مرت بحال أو مرحلة من التدهور فالمنافسة حالة صحية وتعود بطبيعة الأحوال على المستهلك بالفائدة، ومن جانب آخر فالسوق بما يتعلق في هذه المسألة كفيل بتنظيم نفسه، والمرحلة الأخرى للحل تأتي عن طريق تدخّل يتم من قبل المؤسسة على كافة مزودات الخدمة بما يضمن حقها وحق المستخدمين وينظّم عمل الشركات بطريقة التزود بالإنترنت بشكل لاحق الدفع مع كلفة اشتراك تدفع لمرة واحدة وهذه الآلية تضمن حق الشركة وحق المواطن وحق المؤسسة في آنٍ معاً دون الوقوع في دوامة الأزمة المالية وإن ترتّب على هذا الأمر
ارتفاع طفيف في سعر الساعة لكن الأمر يكون بالنسبة للمستخدم ضمن إطار الساعات الفعلية، أي أنه يدفع ما يستخدمه من ساعات فقط.
الدفع عن طريق البطاقات
تقوم بعض مزودات الإنترنت بتقديم خدمات إضافية كإصدار بطاقات معينة لتسديد الاشتراكات من خلالها بالنسبة للمشتركين في بوابات الحزمة العريضة (ASDL) ويرى المهندس حسام أن مهمة الدفع الالكتروني يجب أن تتم عن طريق البنوك المرخّصة فقط، أما مزودات الخدمة فإصدارها لبطاقات بلاستيكية ذات قيمة معينة يوقع السوق بمشاكل عديدة لا تستطيع مؤسسة الاتصال كجهة منظمة لهذه العمليات ضبطها ويجب على وزارة المالية التدخّل بهذا الشأن وإلا فإن الخبراء يتوقعون ضياع الملايين من الليرات على بطاقات بلاستيكية لا قيمة لها ومرد ذلك إلى ضعف الخبرة المالية لشركات الإنترنت وعدم اختصاص المؤسسة بهذا الشأن أو وجود خبرات تدرس هذا الأثر المالي.
نتيجة ورأي
يمكن القول وبحسب أجوبة عديدة ومن مصادر مختلفة أن مشاكل الاتصال بالإنترنت تتعلق بشكل كبير ببنية الشبكة (الأعطال 90% من الشبكة و10% من تجهيزات المزود) التي قالت المؤسسة العامة أنها تعمل على تطويرها وحلها.
أما بالنسبة لموضوع الأجرة فمن المعروف أن خدمات الإنترنت بأي شكل كانت مقدمة في عدة دول مجاورة بأسعار أقل بكثير من المتوفرة لدينا لكن الإجابة التي قدمتها المؤسسة العامة كانت أنه تم اعتماد أجور خدمة الإنترنت بناءً على الكلفة الحقيقية لها، وهي مناسبة عند المقارنة بالدول المجاورة، علماً أن المؤسسة تقدم خدمة الإنترنت عبر خطوط الحزمة العريضة بأجر محدد ثابت بغضّ النظر عن ساعات الاستخدام وهذا يتلاءم مع متطلبات شرائح المجتمع المهتم بهذه الخدمة.
محمد محمود
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد