سنّ الرشد «الافتراضي» 16 عاماً: أوروبا تفكّر بطرد المراهقين عن الانترنت

بموازاة النموّ السريع للتطبيقات ومنصّات التعبير في الفضاء الافتراضي، ينمو هاجس على قدرٍ عالٍ من الأهميّة، يتعلق بأمن الانترنت والمستخدمين، إن على مستوى الخصوصية أو على المستوى الأمني. وتعدّ شريحة المراهقين بين الأكثر عرضة لـ «مخاطر» الانترنت إن جاز التعبير، مع ما تتيحه مواقع التواصل الاجتماعي من فرص التعرض للعنف أو السرقة أو الاستغلال الجنسي، في انتهاكات توضح الجانب المظلم من الشبكة. يضاف إلى ذلك الاستغلال المنظم للمراهقين عبر مواقع التواصل، لناحية استقطابهم وتجنيدهم لصالح التنظيمات المتطرّفة وفي مقدمها «داعش».
كل ذلك يشغل المشرّعين الأوروبيين ويدفعهم لإيجاد حلول، وحماية الأطفال من الاستغلال على الشبكة. في اليومين الماضيين، ظهرت دعوات لمنع استصدار قانون أوروبي يرفع السن القانونية لمستخدمي موقع التواصل الاجتماعي من 13 إلى 16 . إن أقرّ ذلك القانون في البرلمان الأوروبي، لن يعود بمقدور من هم دون السادسة عشرة التسجيل على منصّات التواصل، من دون موافقة صريحة من الوالدين. ذلك ما يعدّه الكثيرون انتهاكا لحقّ استخدام الانترنت والسوشل ميديا لعموم المستخدمين ولفئة المراهقين منهم خصوصاً.
بشكل عام، كانت ردود الفعل إزاء مشروع القانون المزمع مناقشته سلبيّة ورافضة لذلك التقييد القانوني المتوقّع أن فئة نشطة من المستخدمين (تقدّر بالملايين) من الوجود على مواقع التواصل الاجتماعي. ومع أن دراسة حديثة أظهرت أن 71 في المئة من المستخدمين اليافعين والمراهقين يستخدمون أكثر من موقع واحد على شبكات السوشل ميديا، مما يؤمن لهم وصولاً متعدّداً ومتنوّعاً بحسب المنصّات، إلّا أنّ معارضي المشروع يقولون إنّ جرائم مثل التحرّش، والقرصنة، والسرقة، كانت تتمّ قبل وجود «انستغرام» و «سناب تشات» وغيرها من التطبيقات والمواقع الأكثر انتشاراً بين الشباب والمراهقين.
يرى معارضو القرار أنّ نتائجه مؤذية لأنّ مواقع مثل «تويتر» و «فايسبوك» كان لها دور إيجابي ومؤثِّر في إنقاذ حياة مراهقين عند تعرّضهم لحوادث، لذلك فإنّ أيّ قانون يحدّ من وصولهم إلى شبكات التواصل، هو «سياسة لإسكاتهم». مع العلم أنّ معظم مستخدمي مواقع التواصل» المؤثرين» في إرساء العبارات الشائعة، وفي الترويج للأغاني والأفلام والكتب، هم من المراهقين الذين يشكلون النسبة الأكبر من متابعي الفنانين والفنانات.
على «هافنغتون بوست»، كتب لاري ماجد، الرئيس التنفيذي لمؤسسة ConnectSafely.org مقالة فنّد فيها أسباب احتمال فرض مشروع قانون كهذا، وقال إنّه على المشرّعين الأوروبيين ـ بدلاً من ذلك ـ تشجيع «انخراط الشباب في مواقع السوشل ميديا لمناقشة قضايا حساسة، مثل الإرهاب والتغير المناخي، وإيجاد الحلول لها». وأشار أن شبكة الإنترنت باتت اليوم تمثل «شريان حياة» للناس، وحتى مع ما يُكشف من جرائم تتعلق بوجود المراهقين والأطفال على مواقع التواصل، إلا أنه لا يمكن التغاضي عن الدور الفاعل الذي تلعبه السوشل ميديا في كشف الكثير من الحالات وتجنب حصول الكثير من الحوادث.
وقال ماجد إن الموضوع يطرح في توقيت سيّء يمرّ العالم فيه بأزمات كبيرة، تحتاج حشد هؤلاء الشباب وتوعيتهم لدعم القضايا البيئية وتحسين الرعاية الصحية وإصلاح التعليم والعديد من القضايا الهامة الأخرى، لا سيما أنهم يعتمدون على هذه المواقع كمصادر تفاعلية لصنع الأخبار ونشرها. وأشار في مقالته إلى رسالة مفتوحة وجهها خبراء ومنظمات أوروبية مختصة بأمن الانترنت للمشرعين الأوروبيين طالبوا فيها بتعليق مناقشة مسودة المشروع الذي سيكون ضرره أكبر من نفعه.

فادي الطويل

المصدر: السفير