سعيد حورانية في الذكرى الثالثة عشرة لوفاته
صادف الرابع من حزيران هذا العام الذكرى السنوية الثالثة عشرة لوفاة الأديب والقاص المتميز/سعيد حورانية/ صاحب مجموعة/وفي الناس المسرة/ الصادرة عام 1952 والتي بشرت بميلاد كاتب وعالم قصصي جديد في سورية.
ولد/سعيد حورانية/ في حي الميدان بدمشق عام 1929 في أسرة ميسورة الحال...عرف بشغفه الكبير للقراءة منذ صغره، الامر الذي أيقظ في نفسه أسئلة كثيرة جعلته يعيش مرحلة مضطربة فكرياً الى ان اختار وجهته النهائية بعد قراءة مجموعة من الكتب تتحدث عن الاشتراكية والصراع الطبقي والعدالة الاجتماعية.
فاز في سن مبكرة بالجائزة الاولى في مسابقة /النقاد/ عن قصته الصندوق النحاسي/ وكانت أول قصة كتبها في الاتجاه الواقعي الذي تميز به لاحقاً والطريف في قصة المسابقة هذه انه شارك بها باسم مستعار هو/تشيخوف/ فحجبت اللجنة الجائزة عنه وطلبت من كاتب تلك القصة ان يدل اعضاءها على المكان الذي سرق منه القصة.
وكان /سعيد حورانية/ شاباً متمرداً على تقاليد وعادات مجتمعه مما سبب له الكثير من المشاكل والصدامات مع الوالد والاهل التي اضطرته للعيش وحيداً بعيداً عنه أربعة أعوام حتى تخرج من المعهد العالي للمعلمين عام 1953.
دفعه وعيه وحماسه الوطني للانخراط في الحركة الوطنية في أواخرعهد الشيشكلي فتسبب ذلك في نقله كمدرس من السويداء الى دير الزور ثم انخرط في رابطة الكتاب السوريين مع عدد من الكتّاب فنجحت وانتشرت على مستوى الوطن العربي وساهمت بعد ذلك في إقامة رابطة الكتاب العرب بمشاركة كتاب كبار مثل حسين مروة ومحمد دكروب وآخرين من مصر ولبنان والعراق وكان/حورانية/ رئيس فرع سورية في هذه الرابطة.
في بيروت التي لجأ اليها هرباً من بطش السلطات آنذاك كتب /سعيد حورانية/ أهم مجموعاته القصصية /سنتان وتحترق الغابة/ وشتاء قاس آخر1964 بينما كان يعمل ليعيش مدرساً للغة العربية في مدرسة /الفرر/.
وبسبب وشاية ألقي القبض عليه فعثر في غرفته على هوية مزورة وكتب ممنوعة ومخطوطات فحكم عليه بالسجن لمدة عام غير ان اكبر صدمة في حياته كانت عندما علم ان رجال الشرطة الذين اقتحموا غرفته اخذوا منها 52 قصة قصيرة ومخطوط رواية اسمها/ بنادق تحت الغش/ واحرقوها جميعاً.
وحول هذه الواقعة الأليمة يقول...كان هذا أفظع شيء حدث في حياتي على الاطلاق..تصوروا ان شرطياً صغيراً يمكنه ان يمحو لك جهد سنوات.
في عام 2004 اصدرت وزارة الثقافة له بمناسبة ذكرى وفاته العاشرة الاعمال القصصية الكاملة وتضمنت حواراً مهماً يقدم فيه/سعيد حورانية/ نفسه خير تقديم.
يرى/محمد كامل الخطيب/ في مقدمة الاعمال الكاملة ان سعيد حورانية ادخل في أسلوبه القصصي على صعيد الشكل ككل تقنية قريبة من التكنيك السينمائي فاستخدم ببراعة ما يسمى بالمونتاج المتوازي حيث يتوازى حدثان مترابطان يقدمان حدثاً واحداً للحدثين يستخلص دلالة القصة ككل كما استخدم أحياناً بشكل واع وناضج عملية الترميز.
ويضيف/الخطيب/ ان حورانية قدم الى جانب عملية الترميز في القصص قصصاً تكمن قوتها في مباشرتها وشدة ملاصقتها للواقع حتى ان القارىء لا يستطيع التمييز أحياناً هل الواقع فن أم الفن واقع؟
خلال عام 1992 أصيب سعيد حورانية بسعال تحسسي ولما راجع الأطباء تبين انه مصاب بسرطان الرئة في البداية ثم استئصال احدى رئتيه ثم راح يذوب بصمت الى ان توفي في الرابع من حزيرن عام 1994.
خير الله علي
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد