دمشق ترفض اتهامات واشنطن والأخيرة تغطي حكومة السنيورة
نصّب البيت الابيض الاميركي نفسه، امس، ناطقاً رسمياً باسم فريق سياسي لبناني، فقرر وضع دعوة قوى المعارضة، وعلى رأسها حزب الله الى قيام حكومة وحدة وطنية بالحوار وإلا عبر خيار التظاهر السلمي الديموقراطي، في خانة انتهاك سيادة لبنان والقرارات الدولية بالحد الادنى، متحدثاً عن معلومات سرية بشأن أدلة متزايدة على ان ايران وسوريا وحزب الله تعد خططاً للاطاحة بحكومة الرئيس فؤاد السنيورة، فيما كان الاخير يتولى لليوم الثاني على التوالي، الرد على المواقف السياسية التي أطلقها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بينما التزم فريق الاكثرية عموماً، وأقطابه خصوصاً، الصمت إزاء الكلام السياسي الذي أطلقه نصر الله.
ولم تغب مناخات طاولة التشاور التي دعا اليها الرئيس نبيه بري يوم الاثنين المقبل ولمدة أسبوع واحد، عن ساحة النجمة، وعن بعض القنوات العربية والدولية، في ظل معلومات متواترة من أكثر من مصدر عن تبدل ما في الموقف الاميركي، بما لا يعكس بالضرورة الموقف الذي أطلقه حرفياً البيت الابيض، امس، وهو موقف يتناغم الى حد كبير مع موقف المملكة العربية السعودية والرئيس بري لجهة الخشية من خيار الشارع من جهة والدعوة للحفاظ على الحكومة الحالية برئاسة السنيورة من جهة ثانية، ولكن مع فتح باب البحث الجدي أمام أحد خياري التعديل أو التوسيع الحكومي بما يضمن الحفاظ على البيان الوزاري الحالي ولا يفرط ببعض الاستحقاقات المطروحة أمامها ولا سيما المحكمة الدولية ومؤتمر باريس3.
وكان السفير الاميركي جيفري فيلتمان العائد من واشنطن ليس من إجازة بل من محطة تشاور مع عدد كبير من المسؤولين حول مستقبل الوضع السياسي في لبنان، عبّر في اللقاءات التي أجراها في بيروت عن ضرورة التهدئة السياسية والتعامل بجدية مع طروحات المعارضة وخاصة العماد ميشال عون سعياً الى تسوية ما. وهذا الامر سيظهر جلياً خلال اللقاء المقرر اليوم في الرابية بين فيلتمان والعماد عون الذي كان قد تلقى قبل فترة دعوة رسمية لزيارة المملكة العربية السعودية، فيما تدرس بعض العواصم العربية الاخرى جدياً إمكان توجيه دعوات مماثلة له في الاسابيع المقبلة.
ولم يغب مضمون مقابلة السيد نصر الله مع تلفزيون المنار، امس الاول، عن اللقاء الذي عقد، امس، بين الرئيسين بري والسنيورة، في مقر المجلس النيابي في ساحة النجمة، على هامش الجلسة النيابية التشريعية. وقالت مصادر اطلعت على مضمون الاجتماع بأنه شكّل مناسبة لكي يصب رئيس الحكومة جام غضبه على مضمون المقابلة وما تضمنته، متسائلا أكثر من مرة ماذا يريد السيد وهل يريد تخريب البلد ولمصلحة من منطق التخوين؟ وكان جواب الرئيس بري ان نصر الله انما يعبّر بكلامه عن مراراته من بعض المواقف إبّان الحرب الاخيرة، مبدياً تمسكه
بخيار التشاور وبجدول أعماله ومدة الاسبوع التي حددها له.
وقالت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع ان السيد نصر الله كان صريحاً خلال اجتماعه الاخير مع السفير السعودي عبد العزيز خوجة، وهو عرض للسيناريو نفسه الذي طرحه في المقابلة مع المنار، متمنياً على المملكة الاستمرار بلعب دور طيب على الصعيد اللبناني، وقال له اذا كان هناك حرص عربي ودولي على استمرار الرئيس السنيورة رئيساً للحكومة فلا مانع لدينا، واذا كان هناك رغبة بالابقاء على الحكومة الحالية، فنحن لا مانع لدينا، لكن شرط ذلك إما التوسيع أو التعديل الحكومي، وما دام فريق الرابع عشر من آذار ونحن والعماد عون نعتبر الرئيس نبيه بري يقف موقفاً وسطاً وهو ضمانة للجميع، فليكن وزراء أمل في حكومة الوحدة جزءاً من الثلث الضامن.
وأضافت المصادر أن بعض الدوائر بدأت بطرح الاسماء المرشحة لالطيران من الوزارة الحالية باعتبار ذلك مخرجاً مشرفاً للجميع ويمكن أن يجعل الجميع بمنأى عن خيار الشارع، وإلا فإن الامور ستسلك المسلك الذي صار واضحاً للعيان أمام الجميع ومفاده أن جهة سياسية تعتبر انه لن يكون بمقدور أحد أن يلزمها باستمرار السلطة السياسية الحالية.
وبانتظار محصلة المشاورات التي يجريها السفير السعودي بعيدا عن الاضواء، فإن الانظار متجهة الى طاولة التشاور وخيارات ما بعدها التي صارت شبه أمر واقع سياسياً.
وأعلن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الياس المر في حديث الى محطة المستقبل، امس، انه سيطلب من مجلس الوزراء تكليف الجيش بحفظ الامن في العاصمة ومواكبة التظاهرات التي يمكن أن تشهدها العاصمة بدعوة من قوى المعارضة لإسقاط الحكومة، مشيراً الى ما ذكره السيد نصر الله من أن الشغب ممنوع وكذلك التخريب أو التدمير أو السلاح.
وانطلق المر من ذلك للتأكيد ان الجيش سيتصدى بشدة لأي محاولة شغب أو تخريب أو قطع طرقات حول المقرات الرسمية مثل مجلس النواب أو السرايا أو المقر المؤقت لمجلس الوزراء، مضيفاً أن من سيحاول تدمير العاصمة بالشغب سينفذ لعبة اسرائيلية وسيطعن الجيش في ظهره.
يذكر ان جلسة مجلس الوزراء المقررة، اليوم، مهددة بالانفراط، إلا اذا تم إيجاد تسوية في اللحظة الاخيرة لجدول أعمالها، بعدما أبلغ رئيس الجمهورية المعنيين رفضه للاقتراح المطروح للهيئة الناظمة للاتصالات لاعتبارات عدة، فيما تمسك كل من الرئيس السنيورة ووزير الاتصالات مروان حمادة بالاقتراح الذي يقضي بتعيين كمال شحادة رئيساً للهيئة وكل من محاسن عجم ومروان متى وباتريك عيد وعماد حب الله أعضاء.
من جهته، حذّر البيت الابيض من وجود ادلة متزايدة على ان ايران وسوريا وحزب الله تعد خططا للاطاحة بحكومة السنيورة. وصرح المتحدث باسمه توني سنو في بيان رسمي ان واشنطن تشعر بقلق متصاعد بشأن الادلة المتزايدة على ان الحكومتين السورية والايرانية وحزب الله وحلفاءهم اللبنانيين يعدون خططا للاطاحة بالحكومة اللبنانية المنتخبة ديموقراطيا برئاسة السنيورة.
وسأل الصحافيون المتحدث سنو عن طبيعة هذه الادلة، فرفض الافصاح عنها، موضحا ان هذه المعلومات سرية ولكن موثوق بها، واضاف ثمة مؤشرات الى ان احد اهداف الخطة السورية منع الحكومة اللبنانية الحالية من الموافقة على محكمة دولية تحاكم المتهمين بالضلوع في اغتيال الرئيس الحريري.
ونبّه سنو الى ان اي محاولة لزعزعة الحكومة اللبنانية المنتخبة ديموقراطيا بوسائل مثل التظاهرات المدبرة واللجوء الى العنف او عبر التهديد المباشر لاعضائها، تمثل في الحد الادنى انتهاكا واضحا لسيادة لبنان وللقرارات الدولية 1559 و1680 و1701.
وشدد سنو على ان دعم لبنان يتمتع بالسيادة والديموقراطية والازدهار هو احد العناصر الرئيسية في السياسة الاميركية في الشرق الاوسط. واضاف ان اي محاولة لمنع تشكيل المحكمة ستفشل في كل الاحوال لان المجتمع الدولي يستطيع اقامتها مهما حصل داخل لبنان. وتابع ان الولايات المتحدة مصممة على التعاون مع شركائها الدوليين والحكومة اللبنانية الشرعية لتشكيل هذه المحكمة سريعا بحيث تتم محاكمة جميع المسؤولين عن اغتيال رفيق الحريري وسائر الوطنيين اللبنانيين منذ عام 2005.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان تصريحات نصر الله من بين الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة قلقة بشأن نوايا الحزب والأطراف الاخرى حيال لبنان. وأضاف نريد أن نجعل من الواضح تماما أن الولايات المتحدة تقف بقوة مع حكومة السنيورة.
وعما يمكن لواشنطن أن تفعله كي تمنع انهيار حكومة السنيورة، أوضح ماكورماك أن واشنطن ستفعل كل ما هو بمقدورها لتدعمه سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا. وتابع نحن لن نتدخل في السياسة الداخلية للبنان. ما لا نريد أن نراه هو تدخل الآخرين في سياسة لبنان الداخلية وأخشى ان ذلك هو ما يثير قلقنا.
وعلّق الرئيس نبيه بري على بيان البيت الابيض بالقول من الحب ما قتل. اهو دفاع عن لبنان ام دفع به الى الفوضى الخلاقة؟ اهو حرص على الحكومة ام تحريض عليها؟ على كل نطمئن البيت الابيض ان اللبنانيين لديهم من العراقة الديموقراطية ما يجعلهم يحتكمون للحوار والتشاور وليس لنصائح حماة اسرائيل التي تخرق القرارات الدولية كل يوم وطائراتها لا تفارق اجواءنا ودائما تحت سماء القرارات الدولية وآخرها القرار 1701 دون ان يصل هدير محركاتها الى سماء البيت الابيض.
ومن واشنطن، نفى السفير السوري عماد مصطفى الاتهامات الأميركية لبلاده، مطالبا الادارة الاميركية باحترام سيادة الدول الاخرى. وقال مصطفى لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي ان الولايات المتحدة تزعم انها تدعم سيادة لبنان، مضيفا أن لبنان بلد حر وسيد قراره والاطراف السياسية اللبنانية قد تتفق أو تختلف وهذا شأنها.
وتعليقا على اتهام الولايات المتحدة لسوريا بتهريب السلاح لحزب الله وانتهاك القرار ,1701 رأى مصطفى ان مصداقية الحكومة الأميركية الحالية باتت منخفضة، لافتا إلى ان جميع لقاءاته مع أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين اجمعت على فشل سياسات واشنطن فى الشرق الاوسط.
واصدرت السفارة السورية في واشنطن بيانا ذكرت فيه انه بالاشارة الى تصريحات البيت الابيض المتعلقة بالاتهامات السخيفة ضد سوريا، فان سفارة سوريا في واشنطن تنفي جملة وتفصيلا هذه الادعاءات التي لا اساس لها.
واعتبر البيان ان ما يحصل في لبنان هو أمر سياسي داخلي بحت مضيفا ان سوريا تحترم بشكل تام سيادة لبنان ولا تتدخل في شؤونه الداخلية. وطالب البيان واشنطن بوقف تدخلها في الشؤون اللبنانية وبأن توقف تحريض الشعب اللبناني ضد بعضه البعض وضد دول اخرى.
وجدد الرئيس السنيورة الرد على كلام نصر الله حول تغيير الحكومة أو توسيعها، فاعتبر اثر مغادرته مجلس النواب، ان الكثير من النقاط التي اثارها ليس فيها تجن فحسب، بل هي غير دقيقة على الاطلاق، اضاف يجب ان يكون هناك شفافية. ان ما كانت تقوم به الحكومة بالتعاون مع الرئيس بري هو اننا كنا ننقل افكارا، ولكن هذا لا يعني تبني هذه الافكار. كان هناك تواصل ونقل للافكار من دون موافقة الحكومة عليها.
وحول تغيير الحكومة أو توسيعها قال رئيس الحكومة: نحن ذاهبون الى جلسة تشاور. وكلنا ندرك أن أخذ الامور الى حافة الهاوية ليس من مصلحة احد. ولا أحد يظن أنه سيخرج رابحا، فالبلد كله خاسر ولا مصلحة لاحد في ان تكون البلاد ساحة لصراع الاخرين. يجب ألا يضع أحد الآخر امام الحائط ويقول له اتخذ قرارا وإلا. المطلوب تقبل الآخر.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد