خلافاً لكل شيء: ازدهار سوق السلاح في العراق

04-04-2006

خلافاً لكل شيء: ازدهار سوق السلاح في العراق


بأظافر مثلومة ومطلية سحبت نهروان الجنابي خرطوشة ثم زلقتها إلى داخل السبطانة قائلة وهي تحشو مسدسها الجديد غلوك «هكذا... كما ترى».
أما بالنسبة لأكرم عبد الزهرة فيبقي مسدسه جاهزا خلال ساعات عمله في مقهى الانترنت. كذلك هو الحال مع حيدر حسين بائع الكتب البغدادي الذي اشترى للتو بندقية أوتوماتيكية وراح يعلِّم زوجته كيفية استخدامها.

ظل العراق ولفترة طويلة مملوء بالأسلحة، لكن بعد تفجير الروضة العسكرية في سامراء أواخر فبراير الماضي انفجر التوتر الطائفي، وأصبح العراقيون يشترون أسلحة أكثر من السابق، كذلك فهم أصبحوا يحملونها ويخزنونها مضيفين الى ذلك مستوى أعلى من التأزم القائم في شوارع بغداد جراء كثرة الأسلحة النارية فيها.

ونتيجة لذلك ارتفع في الشهر الماضي سعر بندقية كلاشنيكوف أيه كاي ـ 47 من 112 دولارا إلى 290 دولارا. وهذه البندقية مسموح امتلاكها هنا، حسب عدد من باعة الأسلحة. كذلك ارتفع سعر الرصاصة من 24 سنتا إلى 33 سنتا.

كذلك هو الحال مع القنبلة اليدوية التي تعد غير مشروعة فارتفع سعرها إلى الضعف وأصبحت الآن تباع بسعر 95 دولارا. وارتفاع الأسعار هو دليل على أن سوق الأسلحة أصبح حيويا جدا.

كان حسين عبد الخالق من «جيش المهدي» يحرس رصيفا وكان بالقرب منه شرطي غير مبال بخرق هذا الفتى لجملة قوانين، إذ كان يحمل بندقية كلاشنيكوف بدون أن تكون لديه رخصة ويحمل معه أكثر بكثير من 50 رصاصة مسموحا بها، إضافة إلى أن عمره لم يصل الخامسة والعشرين فهو لا يتجاوز السابعة عشرة. قال عبد الخالق «دعهم يحاولون أخذها مني».

كل ذلك جعل الزعماء العراقيين قلقين بشكل متزايد من اتساع سوق الأسلحة. وقال حيدر العبادي أحد مساعدي رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري «نحن جمعنا كل الأسلحة الثقيلة لكن علينا أن نجمع الأسلحة الخفيفة أيضا من الناس».

لكن الحقيقة هي أن الساسة العراقيين ظلوا متقاعسين تجاه حل المليشيات أو نزع السلاح عن أيدي الجمهور العادي. فالزعماء الشيعة الذين يسيطرون على الحكم حاليا يعتمدون على المليشيات للبقاء في السلطة. وأصبحت الأسلحة متجذرة في الحياة العراقية إلى حد أنها موجودة في كل مكان مثلما هو الحال مع النخيل.

كان العراق تحت حكم صدام حسين واحدا من أكثر البلدان تسلحا وكان الموالون لحزب البعث يحصلون على بنادق من الحكومة، وفي الصيف كانت تقام معسكرات للصبيان البعثيين للتدرب حول كيفية القتال. وهناك صورة للرئيس المخلوع والتي تعد إحدى الصور المحببة له تظهره وهو يطلق رصاصة من بندقية صيد بيد واحدة.

بعد إسقاط صدام حسين تبخرت أجهزة الأمن وهذا ما فتح الباب لسيل هائل من النهابين وخاطفي السيارات واللصوص. وأصبحت بغداد مكانا يرتدي فيه الشرطة الأقنعة بينما يرتدي المجرمون ملابس الشرطة.

قال بائع الكتب حيدر حسين الذي يعلم زوجته الرماية «ربما أنا أمزح. لكن امتلاكي لبندقية يجعلني أشعر بأمن أكبر». ولم يحاول الحاكم المدني الأميركي الذي جاء إلى العراق بعد سقوط بغداد منع العراقيين من حمل الأسلحة بل هو أبقى القانون السابق الذي يسمح لكل شخص يبلغ من العمر 25 سنة فما فوق مع «سمعة وشخصية حسنتين» أن يمتلك سلاحا ناريا وهذا يشمل بندقية الكلاشنيكوف أيه كاي ـ 47 أكثر الأسلحة الأوتوماتيكية شعبية من حيث القتل.

ومع تزايد نسبة الجريمة وهجمات المتمردين برز شعور بغياب القانون وراح يتغلغل عبر أنحاء الوطن وتزايد عدد الناس الذين يسلحون أنفسهم. وبدأ الموظفون يضعون تحت آباطهم قرابات جلدية لمسدساتهم. أما النساء المسنات فأصبحن يضعن بنادق كلاشنيكوف تحت أسرتهن. لكن التفجير الذي وقع في الروضة العسكرية بسامراء أثار نوعا آخر من القتل ونوعا آخر من الخوف، وهذا ما دفع الناس بالتوجه لشراء الأسلحة بمعدلات أكبر بكثير من السابق. وقد أصبح الانتقام الطائفي ظاهرة جديدة من العنف. 

المصدر: «نيويورك تايمز»

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...