خزان سورية المائي ينزف ومصادر التلوث تزداد
إن أهم المعضلات التي تواجه البيئة بكل مكوناتها, هي خطر التلوث جراء طرح النفايات الصلبة والسائلة في مجاري الأنهار والبحيرات وغيرها من نفايات تلوث السواحل,وتمثل مخلفات الصرف الصحي المصدر الأساسي لعملية التلوث هذه, وتزداد الأزمة اتساعاً بالنسبة لتلك المصادر التي تشكل مصدراً للاستخدام البشري من مياه شرب ومياه ري...الخ.. مما يحتم الإسراع في وضع الحلول الناجعة لحماية هذه المصادر, وذلك من خلال مراقبة تلك المخلفات التي تصل إليها...
وتأمين محطات المعالجة اللازمة ومراقبة نواتج هذه المحطات قبل أن تذهب من جديد إلى المصدر المائي.
التلوث واسع الطيف والعبث بالبيئة كبير...!! وقد أكد محافظ اللاذقية بمناسبة احتفالية جمعية الساحل السوري لحماية البيئة (بيوم الساحل) في 24 من العاشر من 2007 على أهمية نشر الوعي البيئي للحفاظ على البيئة واستمرارها للأجيال القادمة, وذهب المحافظ في هذا الاتجاه بشكل صريح حيث قال بضرورة المحافظة على نظافة وجمالية سواحلنا وحمايتها.. من عبث العابثين...!
هنا لو سمح لنا محافظ اللاذقية هل يمكن أن نعرف من هم العابثون..؟! إذا يجب أن تتضافر جميع الجهود لحماية مياهنا البحرية, من التلوث سواء بالنفط ومخلفاته, أو بمياه الصرف الصحي, أو من مخلفات السفن.! والتي تعتبر مراقبتها مسؤولية الدولة..!! وأغلب مصادر التلوث من المؤسسات الحكومية.!
وأكد بالمناسبة السيد عيسى علي مدير فرع الهيئة العامة للاستشعار عن بعد في المنطقة الساحلية أن كشف المسح الحراري للساحل السوري دل على وجود ينابيع مياه حلوة تقدر غزارتها بغزارة نبع السن.! وأضاف إن هذا الينابيع معرضة للتلوث كغيرها.! .
وبالعودة إلى ما قاله المحافظ عن عبث العابثين في البيئة, نرى من خلال كافة المعطيات أن مسؤولية التلوث تتحملها المؤسسات الحكومية..! إذا هم (العابثون). وهنا نقول كيف يترك لهذا القطاع أن يعبث بموارد الوطن كل هذه السنين..! وكيف يترك له أن يخرب أهم الموارد في التنمية المستدامة..!!.
وكيف يؤكد محافظ اللاذقية بعد هذا كله أن تحقيق التنمية المستدامة الساحلية ممكن, لكون عناصرها مؤمنة.! من نظام سياسي يحقق المشاركة الفعالة للمواطنين في صنع القرار ونظام اقتصادي واجتماعي وإنتاجي وتكنولوجي وإداري, موجه لتحقيق هذا الهدف.
كلام جميل.. مبشر.. لكنه كلام وحسب.. لأنه من غير الممكن تحقيق هذا الهدف الذي نطمح إليه جميعاً وعبث العابثين مستمر.! وحسب ما سبق ذكره هو بمعرفة المسؤول الأول في المحافظة.؟
حسب المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في اللاذقية, فإن جميع مصادر المياه في المحافظة بحاجة إلى الحماية من التلوث ولا سيما الصرف الصحي. حيث تتوزع المصادر المائية في المحافظة إلى سطحية وجوفية.
والمصادر السطحية أهمها السدود وهي:
سد 16 تشرين: الذي يبلغ حجم التخزين الإجمالي نحو (210/ م.م.3 غير أن هذه الكمية من المياه تتعرض للتلوث المستمر بسبب صب مياه الصرف ا لصحي فيها عبر مصبات علنية هي: (مصب حارة الجامع - مصب شير الخراب - مصب كفرية - مصب دغريون - مصب ربيعة والقرى التابعة لها - مصب مرج الزاوية والقرى التابعة لها - مصب بلدية البهلولية - مصب مصبات الجنديرية والزوبار).
سد الثورة: ويبلغ إجمالي تخزينه 98/م.م,3 وهو يتعرض للتلوث من مصبات الصرف الصحي (مصب بلدية بستا - مصب بلدية حبيت - مصب بلدية الدرباسية - مصب بلدية كمين).
سد بللوران على نهر بللوران رافد لنهر قنديل: ويصل حجم تخزينه إلى نحو 17/م.م3 سنوياً, يستجر منه نحو 5/ م.م3 لمياه الشرب كل عام.
سد الحويز: وحجم تخزينه الحالي نحو 13/م.م3 سنوياً, ويجري العمل لرفع الطاقة التخزينية للسد ليصل إلى 16/م.م3 سنوياً, يصب فيه الصرف الصحي لكل من (مصب بلدية غنيري - مصب بلدي قصابين - مصب بلدي القلايع ) الصحي.
سد صلاح الدين: بحجم تخزين إجمالي يصل إلى 11/م.م3 سنوياً, وتصب عليه كافة مخلفات الصرف للقرى والتجمعات المجاورة.
سد الحفة: كذلك الأمر يتعرض للتلوث من مصادر الصرف الصحي لبعض التجمعات السكنية الواقعة فوق الحوض الصباب, وهي مصب بيرين ومصب أوبين.
وهنا الأمر الفظيع حيث تجمع المياه الملوثة في مجار رسمية وتوجه إلى الأنهار والوديان أي إلى الأماكن التي يجب حمايتها.!؟
وهي نهر الكبير الشمالي, ونهر فاقي حسن , ونهر بللوران, ونهر وادي قنديل, ونهر القش, ونهر الروس, ونهر الرملية.
وحسب مؤسسة مياه اللاذقية, فإنه يلاحظ على نوعية مياه هذه الأنهار, ارتفاع قيمة العصيات الكوليفورمية والتتريت والفوسفور, كما لوحظ من خلال التحاليل الكيميائية والجرثومية, تلوث مجاري هذه الأنهار وذلك بسبب مصبات الصرف الصحي والأسمدة الزراعية, وفي موسم عصر الزيتون يلاحظ وجود طبقة زيوت تؤدي إلى موت الأسماك ضمن المسامك المنشأة في الأنهار بسبب صرف هذه المعاصر.
أما الآبار والينابيع وهي مصادر المياه الجوفية, فهي حسب مؤسسة المياه بحاجة ملحة إلى الحماية من خطر التلوث من خلال تنفيذ محطات معالجة للصرف الصحي. إضافة إلى تنوع مصادر التلوث الأخرى (مياه الجفت - مخلفات المصانع - مكبات القمامة).
كما هو معروف فإن مصادر المياه آنفة الذكر جميعها موجودة في ريف المحافظة, وفي حديث سابق للسيد محافظ اللاذقية عام (2004) أكد لنا في حينه: أن الصرف الصحي في ريف المحافظة كان يقتصر على جمع المياه المالحة المنزلية في خط جر يؤدي إلى أقرب مصب (وادي أو سرير نهر) وذلك بحسب ما تسمح فيه طبوغرافية المنطقة حيث تقوم مديرية الخدمات الفنية بدراسة هذه الخطوط, وتنفذها البلدية المعنية من موازنتها أو بإعانة من الموازنة المستقلة, وأشار إلى أن ذلك الأسلوب يخلق العديد من المشكلات الأخرى.!؟
وتابع سعياً لحل هذه الأزمات تم في عام 2002 توقيع عقد مع الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية لإعداد دراسة صرف إقليمي شامل, ويتضمن العقد دراسة (42) محوراً و (32) محطة معالجة.
وأشار حينها أيضاً إلى أن الواقع يقول إنه تم إنجاز ما يقارب ال 70% من مضمون العقد, ويجري تسليم المحاور تباعاً ووفقاً لتقدم الأعمال.
يؤكد د. م, سامر أحمد المدير العام للشركة العامة للصرف الصحي, أن وزارة الإسكان والتعمير, أبرمت عقدين مع الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية, لدراسة (29) محطة معالجة في ريف اللاذقية لتستقبل الصبيب من المحاور التجميعية لمصبات القرى البالغ عددها لتاريخه (47) محوراً.
وانطلاقاً من أهمية الإسراع في هذا الأمر وحرص الوزارة على ذلك فقد تم الاتفاق مع الشركة الدارسة, على العمل لإعداد وتسليم أضابير المحطات جاهزة للإعلان مفتاح باليد/ بدون دراسة تفصيلية/ لتقوم شركات عالمية متخصصة أثناء تقديم عروضها للتنفيذ بإعداد الدراسات التفصيلية, تحت اشراف مختصين من الوزارة والجهات التابعة لها, للتأكد من اتباع الطرق المناسبةلكل منطقة من حيث المعالجة, والكلفة المترتبة على كل طريقة.!؟
ويشير السيد المدير العام إلى أن الشركة عملت على ادراج المحطات للتنفيذ ضمن الخطط السنوية وفق الأهمية وتبعاً للمحاور التي تم تنفيذها لنتمكن من وضعها بالاستثمار ووصل مصبات القرى التي بدأت مشكلات الصرف الصحي تتفاقم لديها.
حيث تم لحظ 17 محطة ضمن خطة العام 2007 وهي: (محطة اللاذقية - م جبلة - م البرجان - م الشامية - م القرداحة - م البسيط - م عين الحور - م الغنيمية - م بسنديانا - م الحويز - م حمام القراحلة - م الرويمية - م الشبطلية - م السفرقية - م المزيرعة - م طرجانو - م البودي).
ويؤكد السيد المدير العام أنه تم تشكيل لجان فنية ومالية للتعاقد مع جهات القطاع العام لتنفيذ بعض هذه المحطات (جبلة - البرجان - الشامية - القرداحة - حمام القراحلة).
وتم الإعلان عن تنفيذ بعضها (اللاذقية - الشبطلية - بسنديانا - الغنيمية) وأضاف إن ابرام العقود سيتم فور الانتهاء من إجراءات الاتفاق على الأسعار وإجراءات المناقصة.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسة العامة للمياه في اللاذقية قد عقدت لتنفيذ أربع محطات للقرى الصحية وهي: (الحارة - حبيت - بحمرا - مرج معيربان) وأن نسبة التنفيذ بلغت نحو ال (65%) والعمل يسير بوتيرة جيدة, ومن المتوقع انجازها ووضعها بالاستثمار مع بداية شهر نيسان عام 2008/ لتعمل على تخديم سكان هذه القرى.
من خلال كلام محافظ اللاذقية آنف الذكر إنه منذ العام 2002 وسعياً لحل تلك الأزمات وقع عقد مع شركة الدراسات لإعداد دراسة صرف إقليمي شامل, ويعود المحافظ في العام 2004 للقول إنه تم إنجاز ما يقارب (70%) من مضمون العقد. واليوم وبعد سرد واقع الحال الذي يشير إلى أننا ننتظر ولادة أول محطة معالجة في ريف المحافظة.! وإلى أن مشاريع القساطل العشوائية مستمر؟! ويمضي سريعاً إلى مجاري الأنهار وأحواضها لتلويثها. وما زلنا نقول ونقول فقط؟ هل يعقل أن تبقى محافظة مثل اللاذقية (خزان سورية من المياه) عرضة لكافة أنواع التلوث؟! ولماذا لا نسمع إلا الكلام والخطط. وفي الوقت ذاته يدفع أبناء الريف رسوم صرف صحي! والطامة الكبرى في مشاريع الصرف التي تنفذها البلدية! لن نقول شيئاً لكن تلك المشاريع الرائدة موجودة! ولن تغلب أحداً في الكشف عن فضائحها من سوء تنفيذ, إلى سوء في نوعية القساطل المستخدمة.. إلى... إلى..والسؤال الأهم كيف ستعمل محطات المعالجة المنتظرة دون مياه مالحة؟! لن تعمل إلا بعد تنفيذ مجار جديدة غير التي تنفذ حالياً! والماء يكذب الغطاس.
نهلة اسماعيل ونعمان برهوم
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد