خالد الأسعد ينتظر دفناً لائقاً في تدمر..هكذا نكّل «داعش» به وطلب الموت وقوفاً
وضع طارق الأسعد، نجل عالم الآثار السوري خالد الأسعد، نصب عينيه العثور على جثة والده الذي أعدمه تنظيم «داعش» بقطع رأسه في تدمر في وسط سوريا، بغية دفنه بشكل لائق في المدينة الأثرية التي أحبها كثيراً.
وأعدم «داعش» خالد الأسعد في آب الماضي، بعد ثلاثة أشهر من سيطرته على تدمر. وقد نجح الجيش السوري، بدعم جوي روسي، قبل أيام من استعادة المدينة وطرد «داعش».
ويروي طارق (35 عاماً)، في مقهى متحف دمشق، «قام داعش بإعدام والدي بقطع رأسه. وضعوا رأسه على الأرض تحت جثته التي علّقوها على عمود كهربائي في ساحة تدمر الرئيسية». وأضاف «أخذ شخص ما رأسه ودفنه، فيما دفن شخصان آخران الجسد، وغايتنا أن نعود إلى تدمر ونجمع الرأس بالجسد وندفنه في مكان يليق به».
وينوي طارق التوجه قريباً إلى مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي التي استعادها الجيش السوري الأحد الماضي بعد عملية استمرت 20 يوما. ويقول «نشعر وكأن روح والدنا تحوم فوق تدمر وتحيي تحريرها». ويضيف «ابنة أختي مريم البالغة من العمر عشر سنوات حلمت بان جدها يجلس في حديقة ويقول لها: أنا سعيد أنا سعيد».
وشغل خالد الأسعد منصب مدير آثار تدمر لمدة 40 عاماً، بين العامين 1963 و2003، ويعد من الرياديين في علم الآثار في سوريا. وقد اكتشف بنفسه مقابر أثرية عدة واشرف على أعمال حفريات عدة وترميم آثار في المدينة.
والمواقع الأثرية في مدينة تدمر المعروفة باسم «لؤلؤة الصحراء»، واحدة من ستة مواقع سورية أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) على لائحة التراث العالمي للإنسانية. وقد شكلت تدمر وجهة سياحية بارزة قبل الحرب، ففيها أكثر من ألف عمود وتماثيل ومعابد ومقابر برجية مزخرفة.
ويعد خالد الأسعد مهندس انضمام تدمر «لؤلؤة الصحراء» إلى لائحة التراث العالمي. وحين اقترب مقاتلو «داعش» من تدمر في أيار في العام 2015، نجح أولاد خالد الأسعد وبعض الحراس في إنقاذ 400 تمثال وقطعة أثرية.
وفي 20 أيار، وقبل عشر دقائق من دخول التنظيم إلى المدينة، خرجت آخر شاحنة نقلت قطعا أثرية من متحف تدمر. وتعرض وليد الأسعد الذي خلف والده كمدير لآثار تدمر للتعذيب والاعتداء على يد عناصر في «داعش»، وهو حالياً يسير مستنداً على عكاز.
ويروي طارق «كان الجهاديون يبحثون عن طنّين من الذهب، وكان شقيقي يقول لهم إن لا وجود لهما. وللضغط عليه من اجل الاعتراف، قاموا بتدمير تماثيل بينها تمثال اللات الموجود داخل المتحف». ويضيف «لم يتوقف شقيقي عن القول: هذا هو الذهب الذي تبحثون عنه».
وبعد سقوط تدمر، انتقل خالد الأسعد إلى مكان يبعد مئة كيلومتر عن تدمر، ولجأ إلى قصر الحير الشرقي، إلا أن رجالا ملثمين لحقوا به إلى ذاك المكان في 20 تموز «بهدف تدريسه الشريعة». ثم حكم على خالد الأسعد بالإعدام. وقبل تنفيذ الحكم، طلب الأسعد أن يزور متحفه للمرة الأخيرة. بعدها، أخذه التكفيريون حافي القدمين إلى وسط المدينة وقطعوا رأسه.
ويقول طارق «طلبوا منه أن يجثو على ركبتيه لتنفيذ الحكم، ولكنه قال لهم لا أموت إلا واقفا مثل أعمدة تدمر ونخيل تدمر».
وعلق التكفيريون جثة الأسعد على عمود كهربائي، ووضعوا عليها لافتة صغيرة تتهمه بأنه موال للنظام السوري وبأنه مثّل سوريا في «مؤتمرات تكفيرية» وبأنه «مدير أصنام تدمر».
ويروي طارق أن القتلة تركوا جثة والده ثلاثة أيام مع حراس، ثم اخذوا الجسد وقاموا برميه في مكب للنفايات خارج المدينة. ويضيف أن اثنين من أصدقاء والده راقبا الشاحنة، وانتظرا مغادرة التكفيريين ليأخذا الجسد ويدفناه بطريقة لائقة.
(ا ف ب)
إضافة تعليق جديد