خارطة طريق الناتو الجديدة بعد قمة لشبونة

19-11-2010

خارطة طريق الناتو الجديدة بعد قمة لشبونة

Image
 صاروخي

الجمل: تشهد العاصمة البرتغالية لشبونة خلال اليوم الجمعة وغداً السبت انعقاد فعاليات قمة حلف الناتو، وتشير التقارير والتحليلات الجارية إلى أن قمة لشبونة الحالية سوف تشكل لحظة انعطاف حاسمة في مسيرة تطور حلف الناتو: فما هي أهمية هذه القمة؟ وما هو جدول أعمالها؟ وما هي تداعيات نتائجها المتوقعة على مستقبل دور الحلف في المسارح الإقليمية الدولية؟
* جدول أعمال قمة لشبونة: ماذا تقول المعلومات؟
أشارت التقارير الجارية إلى أن قمة لشبونة سوف تتطرق إلى مناقشة عدد من البنود ذات الأهمية القصوى لمجرى مسيرة حلف الناتو، وسوف يتضمن جدول أعمال قمة لشبونة البنود الآتية:
•    ملف المفهوم الإستراتيجي : تقول المعلومات بأن الأمين العام للحلف الجنرال فوغ راسموزين قد قام بإعداد مسودة لخطة عمل الناتو وفقاً لأهداف وغايات المفهوم الإستراتيجي الجديد للحلف، إضافةً لذلك، فقد أعدت مجموعة من الخبراء بقيادة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين ألبرايت تقريرا لمساعدة وإسناد خطة راسموزين، وأضافت المعلومات بأن التوافق بين محتوى تقرير أولبرايت ومحتوى مسودة راسموزين قد بلغ حوالي 98%، على أن يتم تسوية الخلافات المتعلقة بالـ 2% المتبقية خلال مداولات القمة.
ظل حلف الناتو خلال الفترة من عام 1992 وحتى عشية قمة لشبونة الحالية يعتمد مفهوماً إستراتيجياً يقوم على أساس اعتبارات فرضية الدفاع عن الأرض التي توجد فيها دول الأعضاء، ولكن، على أساس اعتبارات المفهوم الجديد، فإن الذي سوف يتغير لن يكون مفهوم الدفاع عن الأرض، وإنما الإضافات الجديدة المتعلقة بالرد على السؤال القائل كيف تتم عملية الدفاع عن الأرض؟ وبحسب أولبرايت ومسودة راسموزين، فإن الدفاع يجب أن يتصدى للمخاطر الجديدة: الإرهاب، الدول المارقة، اسلحة الدمار الشامل، وهذا معناه أن على حلف الناتو أن يسعى لتوسيع نطاق عملياته بحيث يقوم باستهداف الإرهاب أياً كان وفي أي مكان، واستهداف الدول المارقة أياً كانت وفي أي مكان، وأن يستهدف من يسعى لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، أياً كان وفي أي مكان.
•    ملف أفغانستان: سوف يخاطب الرئيس الأفغاني حامد كرزاي فعاليات قمة لشبونة يوم غداً السبت، ولكن من أجل مطالبة حلف الناتو لجهة القيام بتحويل المسؤولية للقوات الأفغانية بحلول نهاية عام 2014، وإضافةً لذلك تقول المعلومات بأن قمة لشبونة سوف تنظر في أمر تحديد دور الحلف المستقبلي في أفغانستان.شعار حلف الناتو
•    ملف روسيا: تقول التقارير بأن الرئيس الروسي ميدفيديف سوف يحضر قمة الناتو المنعقدة حالياً في لشبونة، وذلك لأن مجلس الناتو-روسيا سوف يعقد اجتماعاً على هامش هذه القمة، وأشارت المعلومات إلى أن مجلس الناتو-روسيا الذي تم تشكيله في عام 2002 على خلفية الشراكة بين الطرفين سوف يناقش الجوانب المتعلقة بموضوع شبكة الدفاع الصاروخي، وتشير بعض التوقعات إلى احتمالات أن توافق روسيا على مبدأ التعاون مع حلف الناتو في موضوع شبكة الدفاع الصاروخي وموضوع إرسال القوات الروسية إلى أفغانستان.
•    ملف شبكة الدفاع الصاروخي: تقول المعلومات، بأن موضوع شبكة الدفاع الصاروخي قد شهد المزيد من الخلافات بين أمريكا والاتحاد الأوروبي، بحيث ظل الأوروبيون يطالبون بضرورة وضع شبكة الدفاع الصاروخي تحت تصرف حلف الناتو باعتباره الكيان المؤسسي الرسمي المعني بالتعاون الأمريكي-الأوروبي بشؤون الدفاع عن أوروبا، وظل الأمريكيون يرفضون ذلك ويطالبون حصراً بضرورة أن تستضيف أوروبا شبكة الدفاع الصاروخي مع الالتزام بعدم تدخل حلف الناتو في كل ما يتعلق بهذه الشبكة، وإضافة لذلك فقد هددت روسيا بنشر شبكة صواريخها على طول الحدود الروسية-الأوروبية، والان على ما يبدو فإن واشنطن أصبحت أكثر استعداداً للقبول بوضع شبكة الدفاع الصاروخي تحت تصرف حلف الناتو، إضافةً إلى احتمالات قبول روسيا التعاون مع حلف الناتو من خلال مجلس شراكة الناتو-روسيا.
برغم معطيات خبرة اجتماعات قمم حلف الناتو السابقة، وما انطوت عليه من خلافات وتباينات في وجهات النظر، فإن قمة لشبونة الحالية –وكما هو واضح- لا تنطوي على أي خلافات، وبالتالي، فمن المتوقع أن يتم تمرير بنود جدول أعمال قمة لشبونة كما هي.
* ما بعد قمة لشبونة: خارطة طريق الناتو الجديدة
المصادقة والموافقة  على بنود جدول أعمال قمة لشبونة بشكلها الحالي، هو أمر يشير إلى العديد من التطورات الجديدة البالغة الخطورة على مسار النظام الدولي المعاصر، وذلك بما معناه:
-    توسيع مسرح حلف الناتو بحيث تعمل قوات الناتو ضمن ولاية تتيح لها استهداف سائر أنحاء العالم.
-    توسيع الارتباط بين قوات حلف الناتو والقوات الأمريكية بحيث تصبح كل قيادة أمريكية إقليمية هي في نفس الوقت قيادة لقوات حلف الناتو.
-    توحيد مفهوم المخاطر بحيث يصبح ما يشكل خطراً للولايات المتحدة هو في نفس الوقت يشكل خطراً لبلدان الناتو وفقاً لمفهوم جديد: العدو واحد والقضية واحدة.
-    إدماج قواعد الاشتباك التي يعتمدها حلف الناتو ضمن قواعد الاشتباك التي تعتمد القوات الأمريكية.
وإضافة لذلك نلاحظ أن تعريف المخاطر التي تهدد الناتو باعتبارها تتمثل في الإرهاب والدول المارقة وانتشار أسلحة الدمار الشامل هو تعريف ينسجم ويتطابق تماماً مع تعريف مجلس الأمن القومي الأمريكي للمخاطر التي تهدد مشروع الهيمنة الأمريكية، وبكلمات أخرى، فسوف يصبح على حلف الناتو الا لتزام بالبنود والأجندة الآتية:
•    محاربة الإرهاب، وفقاً للمفهوم الأمريكي الذي يتطابق مع المفهوم الإسرائيلي الذي يحصر الإرهاب في القوى العربية والإسلامية المناوءة لإسرائيل.
•    محاربة الدول المارقة، وفقاً للمفهوم الأمريكي الذي يحدد الدول المارقة بشكل يقتصر على: سوريا، إيران، كوريا الشمالية، فنزويلا، كوبا، السودان وزمبابوي وربما تتم إضافة المزيد من الدول طالما أن المقصود بمصطلح "مارق" هو كل من يرفض الهيمنة الأمريكية.
•    محاربة عمليات انتشار أسلحة الدمار الشامل، وفقاً للانتقائية الأمريكية التي تستثني إسرائيل وتغض النظر عن الهند وباكستان ولكنها في نفس الوقت تستهدف إيران.
وبرغم الإفراط العدواني اللذي يتضمنه مفهوم الناتو الإستراتيجي الجديد، فإن ما هو أكثر خطورة سوف يتمثل في المعلومات الإستخبارية الكاذبة التي سوف يتم إعدادها بواسطة أجهزة مخابرات بلدان الناتو، وتحديداً وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والمخابرات الفرنسية والبريطانية والكندية والتي تتعاون ضمن روابط الشراكة المخابراتية المفتوحة مع جهاز الموساد الإسرائيلي، وبكلمات أخرى، فإن سيناريو التضليل المخابراتي سوف يشهد حدوث المزيد من حلقاته، وهذه المرة سوف لن يتم التركيز على تضليل البيت الأبيض الأمريكي والبنتاغون، وإنما أيضاً على قيادة حلف الناتو  بما يتيح للبنتاغون إرسال القوات الأمريكية وبصحبتها قوات حلف الناتو.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...