حمص: الشروع في تسوية لحي الوعر

21-05-2014

حمص: الشروع في تسوية لحي الوعر

تخوض مدينة حمص تحديا جديدا، يتمثل في تسوية محتملة، لتخليص حي الوعر من حالة «اللاحرب واللاسلم» التي يعيشها، والتي تتخللها قذائف متبادلة، تذكر الطرفين بأن الرهان على التسوية السلمية يبقى هو الأبرز في الحي الأخير المتبقي تحت نفوذ المعارضة المسلحة.مسلحون يستعدون لاستهداف القوات السورية في مورك في ريف حماه امس الاول (رويترز)
تسوية الوعر لا مفر منها، بالنسبة إلى الطرفين. فالحي الذي يضم 25 مؤسسة حكومية و13 مدرسة، يقطنه 300 ألف ساكن، بينهم من هو من سكانه الأصليين، المنقسمين بين بدو وحضر، يزيد عنهم النازحون من مناطق أخرى داخل مدينة حمص وخارجها، إضافة إلى التنظيمات المسلحة التي تحتل الحي.
ويقول محافظ حمص طلال البرازي، إن التسوية، كما باقي التسويات التي حصلت، تحقق للطرفين مكاسب مهمة، بين أبرزها تفادي الحرب والخسائر البشرية والمادية، وهي خسائر ستكون كبيرة في حال وصلت الجهود إلى طريق مسدود، نتيجة الكثافة السكانية التي يعيشها الحي، واحتمالات النزوح الثاني للعديد من النازحين والسكان، إلى مدينة نصفها مدمر.
ويفضل المحافظ في هذه المرحلة التكتم على سير عملية التفاوض، رغم أنه يشير إلى تقدمها ووصولها إلى مراحل «مطمئنة». ووفقا لما يستطيع قوله في هذه المرحلة، فإنه يتوقع «شروطا أفضل من تلك التي جرت في حمص القديمة»، والتي بدورها كانت من أكبر التسويات التي جرت في تاريخ الحرب الدائرة، وتضمنت خروج 2200 مسلح من حمص القديمة، وتخليص 70 مختطفا من العسكريين والمدنيين في ريفي اللاذقية وحلب، إضافة إلى إيصال مساعدات غذائية لأكثر من قرية محاصرة في ريف حلب الشمالي، بينها نبل والزهراء.
لكن تعقيدات تبرز في الوعر، كما في كل ملف مشابه، وفقا لما يرويه أحد العاملين على ملف التسوية الأخيرة، من بينها الانقسام التقليدي القائم بين الفصائل المسلحة الموجودة، والتي يتبع قسم منها «لأوامر الممولين في الخارج»، فلا تناسبه مثل هذه الصفقات، وقسم آخر «مستفيد من الأزمة الإنسانية والاقتصادية في الحي»، ويحقق منها أرباحا مالية عبر التهريب، إضافة للخلاف الناتج من «الرؤية العقائدية لكل فصيل» بين من يعتقد انها «حرب حتى الموت»، وبين «من يفضل انسحابا تكتيكيا» كما جرت العادة، وصولا «لمن يئس تماما من فرص النصر».
ووفقا للمعلومات المتوافرة، فإن أبرز الفصائل العسكرية الموجودة في الحي تتمثل بـ«جبهة النصرة»، و«كتائب احفاد خالد ابن الوليد» و«البراء بن مالك»، و«أهل الأثر»، إضافة للفصيل الأبرز وهو «الجبهة الإسلامية». وأمس أكد مصدر رفيع المستوى صحة المعلومات عن كون «الجبهة الاسلامية» المفاوض الرئيسي في عمليات التبادل التي تتم.
ورفض المصدر اعتبار هذا الأمر «نجاحا للجبهة» رغم موافقته على أن «التفاوض معها هو اعتراف ضمني بوجودها». ووفقا لتوصيف الجهات الحكومية، فان الدولة تتعامل مع «ميليشيا خطف، تبادل السكان المدنيين بمقاتلين محاصرين لا أمل لهم في النصر». ولا يخفى على مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية أن «الجبهة الإسلامية» ممولة خارجيا، إلا أن تقييمها يبقى أن «الجبهة» تفاوض من «موقع ضعف، لا من موقع قوة».
من جهته، يعلق البرازي تعليقه الاعتيادي، حين تكون المفاوضات في ذروتها، مشيرا إلى أن «الأمور في خواتيمها»، وأنه لا يمكن إعلان نجاح مثل هذه الاتفاقات حتى تحقق كل جوانبها، مذكرا بالمعوقات التي حصلت في اتفاق حمص القديمة، والتي أدت إلى تأخيره أياما عدة، بعد تعثر وصول المساعدات إلى قريتي نبل والزهراء بسبب خلافات بين الفصائل الإسلامية حول الاتفاق.
ويفترض باتفاق حي الوعر في حال تقدم، أن يشمل مناطق أخرى، مثل الدار الكبيرة وتير معلة المجاورة لها بشكل رئيس. وفي هذا السياق ذكرت أمس صحيفة «الوطن» أن 400 مقاتل من تير معلة سيسلمون أسلحتهم في «الأيام القليلة المقبلة كبادرة حسن نية» تجاه الاتفاق الكبير، الذي لم تتضح معالمه بعد.
بدورها، تشكل الدار الكبيرة نقطة تجمع للمقاتلين في ريف حمص الشمالي، وتجاور مركزهم الأكبر في مدينة الرستن. وتشير معلومات إضافية الى أن بلدة تلبيسة، المجاورة للرستن، أظهرت «بوادر انفراج» أيضا، لا سيما بعد تقدم قوات تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في محيطها.
ويمكن أن تتيح تسوية الوعر، في حال شملت مناطق أخرى من ريف المدينة الشمالي، فتح طريق حماه - حمص الدولي المغلق منذ عامين، كما أنها ستتيح الكشف عن مصير مئات المخطوفين والمفقودين، خلال فترة التوتر الكبرى للمدينة أواسط العام 2012.
وبانتظار تحقق تقدم في عملية التفاوض، يستمر الجيش السوري بمحاولة التقدم ضمن الحي، وصولا إلى مشارف الجزر السكنية السابعة والثامنة، مستهدفا تجمعات للمسلحين من البساتين المجاورة شكلت سابقا خط إمداد رئيسيا لها من مناطق الريف الشمالي. كما تستهدف المدفعية والطيران مناطق في محيط منطقة الحولة، المجاورة للرستن. كما أن الجيش صد أمس الأول محاولة اختراق في تلك المنطقة لمجموعة مسلحة آتية من الدار الكبيرة.
اما على مستوى التسوية الكبرى الثانية في عدرا ودوما في ريف دمشق، فثمة بوادر تشير إلى قرب تطبيقها، وفق ما قالت مصادر مشاركة في هذه العملية. وأمس الأول تقدمت الجهود خطوة إضافية بحصول خطوات «تعميق ثقة جديدة» تمثلت بتسليم المسلحين في دوما أحد الموقوفين. ويفترض باتفاق عدرا - دوما أن يسمح بتحرير 1500 أسرة مخطوفة لدى «الجبهة الإسلامية» مقابل الإفراج عن 1500 معتقل لدى السلطات.

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...