حقّ الإنسان في حرية الرأي والمعتقد في المسيحية
"لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته او عقيدته، وحرية الاعراب عنهما بالتعليم والممارسة واقامة الشعائر، ومراعاتها، سواء أكان ذلك سرا ام مع الجماعة".
"لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الانباء والافكار وتلقيها واذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية".
ورد في المادتين المذكورتين اشارة واضحة الى حق الشخص في حرية التفكير وابداء الرأي، ولكن الامر الذي اقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة السنة 1948 وعبّر عنه الاعلان العالمي لحقوق الانسان هو تراكم انتهى اليه الفكر البشري منذ ان نشط عقل الانسان. حسبي في هذا المجال ان اذكر، على سبيل المثال لا الحصر، فلاسفة اليونان الكبار والديموقراطيات والشرائع عند الشعوب القديمة والاديان، وفي منتصف القرن العشرين وعى الضمير العالمي، في منظماته الأممية، قيمة الانسان وحريته، فأتت الصيغ التعبيرية عن هذه الخلاصة بالشكل الذي عكسه النص المعاصر.
لقد حاول الفكر البشري ان يستقرىء الطبيعة الانسانية ويجلوها. فليس الاعلان العالمي لحقوق الانسان الا قراءة فصيحة لطبيعة الانسان كما وعاها الانسان منذ كان الانسان. وهذا ما يؤكده الدكتور شارل مالك، وهو ممن ساهموا في وضع الاعلان، لما يقول: "يستطيع المرء أن يلاحظ في تعاليم الاعلان عودة جزئية، وإن مضمرة، الى القانون الطبيعي، وفي امكاني أن ادلكم على عبارات في الديباجة والمادة الاولى – من نوع "الاعتراف" بالكرامة "المتأصلة" والحقوق "الثابتة" ومن نوع "يولد" الناس احرارا وقد "وهبوا" عقلا وضميرا – تنطوي على مقدار كبير من مذهب القانون الطبيعي. وقد ورد في الديباجة: "لما كان الاعتراف بالكرامة المتاصلة في جميع اعضاء الاسرة البشرية، وبحقوقهم المتساوية الثابتة، هو اساس الحرية والعدل والسلام في العالم" كما ورد في المادة الاولى: "يولد جميع الناس احرارا متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلا وضميرا، وعليهم ان يعامل بعضهم بعضا بروح الاخاء".
وبداهة اشير الى ان المسيحية في طبيعتها تعلّم ان كل خير او صلاح في العالم انما هما من لدن الله لأنه وحده مصدر الخير والصلاح. من هنا كان القانون الطبيعي هو ايضا وليد الهام علوي عبّر عنه العقل الانساني سواء وعى اصحابه مصدره العلوي ام لم يعوه. الم يرد، على لسان بولس الرسول في رسالته الى اهل رومية مثل هذا التعليم لما اكد ان الدينونة انما تجري بموجب اعمال الخير حتى مهما كان معتقد صاحبها: "الوثنيون الذين بلا شريعة، اذا عملوا بحسب الطبيعة ما تأمر به الشريعة، كانوا شريعة لأنفسهم، فيدلون على ان ما تأمر به الشريعة من الاعمال مكتوب في قلوبهم، وتشهد لهم ضمائرهم وافكارهم... لذا من الضرورة بمكان، في موضوعنا الآن الذي سيتناول المسيحية وحق الانسان في حرية ابداء الراي والمعتقد، ان نعود الى النظرة المسيحية الاصيلة الى الانسان وحريته.
وقبل الغوص في تبيان هذه النظرة، لا بد من التنويه بالآتي: "لا يظنن واحدنا اننا واحدون في المسيحية تشريعا صريحا يبين الحقوق والواجبات بدقة وقوننة. ولا نجد اعلان مبادىء ونصوصا جامدة ثابتة. المسيحية، اساسا، حياة في المسيح ومعه وتخلّق بأخلاق الله، وهي استلهام مستمر للفكر الذي للمسيح يسوع، والتقاط للالهامات الالهية ازاء الوقائع المتجددة، مستفيدين مما تسلمناه من السلف في هذا المضمار.
ولكن هذا لا يعني خلو تاريخ الكنيسة المسيحية من التشريعات. ثمة تشريعات عديدة وفي موضوعات عديدة ألهم الروح الالهي بها، فخطها الآباء القديسون وأقرتها المجامع المسكونية والمحلية. اما المصادر التي استند عليها التشريع في المسيحية فهي الكتاب المقدس والكيفية الرسولية، اي الطريقة التي قاد الروح الإلهي، وهو الحي الدائم، الرسل والآباء والمعلمين الى فهم الكتاب المقدس وتجسيد الحياة الإلهية في راهن الامس وهو نفسه يقود البشر المستنيرين اليوم وغداً والى الابد.
وفي العودة الى الكتاب المقدس، نجد اشارة واضحة الى أهمية الانسان الفائقة مع الاقرار الصريح بمعطوبيته. نقرأ في المزامير: "ما الانسان يا رب حتى تعرفه وابن الانسان حتى تفكّر فيه؟ إنما الانسان شبه هباء وأيامه كظل عابر". وهذا الكائن نفسه يغبطه الرسول بولس اذ يورد في الرسالة الى العبرانيين قولاً يعلي من شأنه: "ما الانسان فتذكره؟ وما ابن الانسان فتنظر اليه؟ حططته قليلاً دون الملائكة وكلّلته بالمجد والكرامة وأخضعت كل شيء تحت قدميه... وأخضع له كل شيء". إن العودة الى رواية الخلف في سفر التكوين تؤكد لنا أن الانسان مخلوق على صورة الله ومثاله: "وقال الله: لنصنع الانسان على صورتنا كمثالنا وليسلّط على أسماك البحر وطيور السماء... فخلق الله الانسان على صورته، على صورة الله خلقه".
ولما حاول الآباء القديسون (أمثال القديسين إيريناوس واثناسيوس وكيرللس ومكسيموس وبالاماس وغيرهم...) أن يعطوا تعريفاً واضحاً للصورة الإلهية والمثال في الانسان شدّدوا على أن الصورة إنما وضعها الله في الطبيعة الانسانية، ويبقى على الانسان أن يسعى ويجتهد ليحقق المثال. الصورة الإلهية كامنة "في الملكات العليا لديه: الفكر والعقل، ونجد ايضاً ان صورة الله في الانسان هي في الحرية الممنوحة له، في ملكة الاختيار الحرّ الداخلية التي بفضلها يغدو الانسان الصانع الحقيقي لأفعاله وقراراته".
من هنا نردد مع القديس مكسيموس المعترف: "اذا كان الانسان صورة الطبيعة الإلهية، واذا كانت الطبيعة الإلهية حرّة، فالصورة هي ايضاً كذلك. ويتساءل القديس غريغوريوس بالاماس وفي تساؤله الجواب الفصيح: "... ولكن لأية منفعة ملكنا هذه السمة العاقلة اذا كانت لن تتضمن قوة الاختيار والقرار الحر؟".
الانسان أراده الله حراً منذ الازل ويحترم حريته التي خلقها فيه لأنه يحترم نفسه في الانسان. ميّزه عن سائر الكائنات الحية التي خلقها قبله، وأراده كائناً محباً، عاملاً، مفكراً، حراً حكيماً، صالحاً، مسبحاً وممجداً... وباختصار أراده إنساناً متألهاً. إن المسيحية تؤمن ان: "الإله صار انساناً ليصير الانسان إلهاً"، على حد تعبير أثناسيوس الاسكندري. وفي هذه الصيرورة يستعيد الانسان بالتالي صورته الاولى.
هذه الحرية احترمها الله في علاقته مع الانسان. فهو لم يفرض ذاته عليه وإنما عرض عليه حبّه وخطب ودّه"، وانتظر منه رداً، واحترم هذا الرد في السلب والايجاب. لقد كانت علاقته بالناس استجابة لعلاقتهم به: "وأكون إلههم ويكونون شعبي" جملة ترددت كثيراً في الكتاب المقدس. ولمّا شاء الله أن يخلص البشر عرض الخلاص بواسطة جبريل على الانسانية الممثلة بالعذراء مريم وانتظر جوابها، فأتى: "أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك".
واستمر هذا الاحترام للحرية الشخصية أثناء حياة يسوع الناصري على هذه الارض. ولقد ورد عند الانجيليين الثلاثة متى ومرقس ولوقا الآية التالية: "ثم قال يسوع لتلاميذه: من أراد أن يتبعني فليزهد في نفسه ويحمل صليبه ويتبعني... وذكر متى على لسان السيد قوله: "فاذا أردت أن تدخل الحياة فأحفظ الوصايا". وثمة صورة جميلة للإله الملتمس محبة الانسان يوردها يوحنا الانجيلي في كتاب الرؤيا: "هاءنذا واقف على الباب أقرعه، فإن سمع أحد صوتي وفتح الباب، دخلت اليه وتعشيت معه وتعشّى معي". إن الله أعطى الارادة الحرّة للانسان فيمكنه بذلك أن يرفض الله.
وفي القانون 61 من قوانين الآباء الـ217 الذين اجتمعوا في قرطاجة سنة 419 نقرأ: "... لأنه لكل انسان ان يمارس حقه من حرية الارادة وهي هبة من الله...".
الحرية الانسانية في المسيحية هي هبة من الله ونعمة منحدرة من لدنه لأنه حيث يكون روح الرب، تكون الحرية. هي في الجبلة الانسانية وليس امراً يكتسبه اكتسابا من نظام او امير أو ملك او رئيس، او أيّ تشريع دنيوي من صنع الانسان ونحته. دور الانسان الوحيد ان يعي ذاته كائنا خلقه الله حرا وعليه بالتالي ان يؤهل نفسه والاخرين على ممارسة هذه الحرية. وكما ان من طبيعتي الحرية لأنني امل صورة خالقي، كذلك كل انسان ايضا يحمل هذه الصورة فينعم بالحرية نفسها لانه مخلوق على صورة الله ومثاله. وكانت لنا هذه الحرية لتعتقنا من عبودية الفساد وتحملنا على مشاركة ابناء الله في حريتهم ومجدهم على حد قول رسول الامم بولس.
من هنا تؤكد المسيحية ان الحرية الاساسية مرتبطة بالطهارة، وهي وليدة التشبث بالحق والثبات في كلام الله: فقال يسوع لليهود الذين آمنوا به: "إن ثبتم في كلامي كنتم تلاميذي حقا تعرفون الحق والحق يحرركم". فالحرية هي في التحرر من الأنانيات والأهواء، من النفس "الامارة بالسوء". من هنا العبودية العمياء هي تلك التي تكون للخطيئة حسبما افصح المسيح لما أجاب تلاميذه: "الحق الحق أقول لكم: كل من يرتكب الخطيئة يكون عبدا للخطيئة". وحسبما يوصينا الرسولان بطرس وبولس، الاول في قوله: "سيروا سيرة الاحرار، لا سيرة من يجعل من الحرية ستارا لخبثه..."، والثاني في تنبيهه اهل غلاطيه: "إنكم قد دعيتم الى الحرية بشرط واحد هو ان لا تجعلوا هذه الحرية فرصة للجسد...". حرية الانسان تعني فيما تعنيه تجدده الدائم وتوبته المستمرة.
والانسان الحر تواق الى المعرفة، ومستعد للخيار بين أمور مختلفة بقرار مستقل، ويتحمل المسؤولية المترتبة على هذا القرار.
الله حررنا. فكيف نستجيب للارادة الالهية؟
ان حق الانسان بحرية الرأي والمعتقد هبة من الله خصّ الانسان بها. هكذا رأيناه. ولكن هذا الحق الإلهي يقابله واجبات يقوم بها الانسان. نحن نعلم اننا لا نستفيد من أية نعمة نازلة من السماء ما لم نقبلها بإرادة حرة. والقبول الأكيد للحرية المعطاة من لدنه تعالى يكون:
1 - في الاقرار بان الآخر حر ايضاً: إذ "الحرية تفترض وجود الآخر في فرادته وبالتالي في مشاركة يقول المطران جورج خضر في كتاب حديث الاحد، ويرى ايضا ان "الحرية قدرة ليست ذات مضمون ولكن بدونها لا ينتقل المضمون من عقل الى عقل... وهي توق الى ان يتخطى الانسان نفسه. ومن يحمل عبء الحرية يقبل الناس اجمعين احراراً وذلك من منطلقاته الايمانية وتعبيراً عن التزامه هذه المنطلقات. ويقبلهم ايضا عقولا يقظة يخاطبها بود واحترام، يحاورها بانتباه وإصغاء، ليترفع الكل بواسطة هذا الحوار المتواضع المحب. ولولا الحرية الشخصية لتحوّل الحوار الى مواقف متاريس وآراء جوامد وموروثات نحجّرها أصناماً تُعبد.
2 - في الاستعداد للخيار بين أمور مختلفة بقرار مستقل. الانسان الحر مدعو الى التفكير العقلاني بمنطق سليم، ويقبل بجرأة فائقة ما يقوده اليه عقله ولو خالف المألوف والموروث وما اعتاد عليه ا و نقله اليه الأدنون. يقرر بالاستقلال التام بين الامور التي تعرض له ويتخذ الموقف الذي يراه مناسبا وهو بالتالي يتحمّل مسؤولية خياره. وتبلغ حرية الانسان مداها الأقصى إذ بإمكانه، واسمحوا لي ان استعمل تعبيرا قريباً من الذي ورد في الكتاب المقدس، ان يكون الله نزيله او طريده.
3 - في تحمل المسؤولية المترتبة على هذا القرار الحر. وطبيعي ان ينتج عن أي خيار نجاح او فشل، فيتحمل الحر مسؤولية ما يقرر. هذا ما تقتضيه العدالة فان توفّق يكلل ويثاب وإن فشل يعاقب.
وأوضح صورة عن مسؤولية القرار رواية سفر التكوين لما اختار آدم معصية الله ان طرد من الجنة فتحمّل نتائج قراره.
4 - في الجهاد الاكبر ضد النفس ومشتهياتها ومصالحها: فمن لا يعرف غيرية مطلقة لا ينعم بالحرية النعمة. ومن لا يتحرر من "اناه " يبق اسيرا ولو لم تكبل يداه ويكم فوه. من هنا كلنا في سعي لا يفتر كي ننعم بالحرية الصحيحة فنمارسها باستقامة.
5 - في السهر على ان تقودنا حريتنا دوما الى الخير: فنعمل على نقل المشيئة الاهلية وترجمتها في الواقع الراهن عدلا وسلاما واحتراماً للآخر وحباً ينسكب دون حد او حساب. وتجدر الاشارة الى ان ترجمة الحرية المسؤولة في الواقع المعيوش وفي الحياة العامة يقوم بها المسيحي انطلاقا من قناعاته الايمانية، بغية زرع السلام والعدل، ويعمل ذلك بالتكاتف مع سواه من مواطنيه دونما النظر الى معتقدهم.
فالحرية في المسيحية اعطيت للانسان لتقوده في الطريق المؤدية الى مشاركة الله في حياته، ولكن باستطاعته وبالحرية نفسها أن يسلك الطريق الاخرى البعيدة كل البعد عن السبل الى الله.
وبالعودة الى التاريخ نجد ان المسيحيين، وفي احايين كثيرة، غبرت وما زالت وتستمر، اساؤوا ويسيئون الى الحرية الهبة. وفي هذا السياق يأتي تساؤل الدكتور اسعد قطان على لسان احد الزعماء السياسيين الذين أموا بيروت مؤخرا حين اطلق صرخته المدوية عن: "معنى ان تنحسر الحرية حيث يزدهر الدين وأن يأفل الدين حيث تزخر الحرية" ولقد فات هذا الزعيم ان التمظهر الديني هو غير التدين الصادق. ثمة فرق كبير بين المسيحية والمسيحيين، وهذا يصح ايضا في سائر الاديان والرسالات، هي عندنا نحن المؤمنين منزهة اما خطايانا فهي كثيرة وكبيرة والمسيحية براء منها.
وينتج عن خطايانا ان مارس بعضنا التسلط والتحكم، استعبدوا واضطهدوا الافراد والاوطان، حاربوا الناهدين الى الحرية والثائرين على الموروث واصحاب الافكار الجديدة بالرغم من التعاليم الصريحة التي بينّاها.
ومن اجل تنقية هذا التاريخ صدرت الرسائل وعُقدت المجامع واتت الصرخات المذكرة بضرورة احترام صورة الله في الانسان باحترام حريته. حسبي ان أذكر في هذا المجال المجمع الفاتيكاني الثاني الذي عقدته الكنيسة الكاثوليكية في الستينات من القرن الماضي وفي اشارة صريحة الى الحرية الفردية يربطها بالصورة الالهية، وفي ايضا ادانة صريحة للحملات العسكرية التي قام بها الفرنجة في القرون الوسطى ولمحاكم التفتيش. وفي هذه العجلة ايضا عرفنا، في القرون الاولى، استغلالا لسلطة امبراطور بيزنطية من اجل اضطهاد من خالف الروم في بعض المعتقدات الدينية. فكانت المؤلفات التي لا تحصى والمقالات والدراسات العديدة التي فضحت مخالفة المسيحيين لمسيحيتهم، واعتقادهم بقيمة الانسان وحريته. ان هذا المسعى الاصلاحي النهضوي ازال، الى حد كبير، التشويه الذي الحق بالمسيحية واعاد بهاءها وسلط الضوء على التعليم التقويم.
من كل ما تقدم بدا واضحا ان المسيحية من حيث تعليمها ونظرتها الاصيلة الى الانسان لا تقر فقط بحقه في ابداء الرأي والمعتقد بل تحمله على ذلك ليحقق في ذاته القصد الالهي من خلقه. كما انها تقر ايضا، وبالقوة نفسها، بأن هذه الحرية مسؤولية يهيىء الانسان نفسه لها بالتطهر الدائم والجهاد الموصول ضد النفس. الحرية والطهارة متلازمان في المسيحية. فالحرية مسعى لا يفتر وحالة تتحقق. والمقصود بهذه الحرية تلك التي تصل بصاحبها الى الله. ولكن تجدر الاشارة الى ان الحرية ايضا مغامرة قد ترمي ممارسها في طريق الشر، هذا ايضا حق للانسان.
شفيق حيدر
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد