تونس: المشاورات الحكومية تزداد تعقيداً مع اسـتعادة «العريضـة» لمقاعدها الملغـاة
أعادت المحكمة الإدارية التونسية خلط الاوراق مجددا في توازن السلطة الجديدة مع قبولها الطعون القانونية المقدمة من قائمة «العريضة الشعبية» بزعامة الهاشمي الحامدي، والتي استعادت بذلك 7 مقاعد في المجلس التأسيسي وأصبحت في المرتبة الثالثة من الفائزين بـ26 مقعدا، مما ساهم في تعقيد المشاورات المتأخرة أصلا حول تشكيل الحكومة المقبلة.
قررت المحكمة الإدارية قبول جميع الطعون التي تقدمت بها قائمة «العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية» في 5 دوائر انتخابية هي سيدي بوزيد وصفاقس وجندوبة والقصرين وتطاوين، وإعادة توزيع المقاعد في هذه الدوائر. وقال القاضي في المحكمة الإدارية في تونس رياض الرقيق إن الأمور ستعود إلى نصابها إلى حين استكمال النظر في كافة الطعون. وبالتالي تسترجع العريضة 7 مقاعد، 3 في دائرة سيدي بوزيد ومقعدا وحيدا في كل من دوائر جندوبة والقصرين وتطاوين وصفاقس1.
وبعد إعلان قبول طعون العريضة الشعبية خرج المئات من أهالي سيدي بوزيد في مسيرات تتقدمها الفرق الموسيقية احتفاء بما اعتبروه نصرا وإنصافا. ويذكر ان «العريضة الشعبية» في سيدي بوزيد تقدمت حركة «النهضة» بحصولها على ثلاثة مقاعد مقابل حصول «النهضة» على مقعدين. من جهته أعرب الحامدي عن ارتياحه لقرار المحكمة الإدارية بإنصاف «العريضة» و«احترام إرادة الشعب» بحسب قوله.
وجدد الحامدي دعوته حركة «النهضة» إلى القبول بـ«العريضة» كشريك باعتبارها قوة شعبية تحتل المرتبة الثالثة مهددا في صورة عدم إشراكها في الحوار من اجل تشكيل ائتلاف حكومي قيادة المعارضة في المجلس التأسيسي عارضا على كل القوى داخل المجلس التأسيسي وغير المشاركة في الحكومة التعاون والتنسيق. وبذلك تكون «النهضة» حائزة حاليا على 89 مقعدا، و«المؤتمر من أجل الجمهورية» على 30 مقعدا و«العريضة» 26 مقعدا، و«التكتل» 21 مقعدا.
وقال الامين العام لحزب المحافظين التقدميين اكبر احزاب «العريضة الشعبية» اسكندر بوعلاقي انه يمد يده الى جميع القوى السياسية في تونس «لكن على اساس برنامجنا» وندد بـ«التعتيم الاعلامي والاتهامات التي لا اساس لها» ضد لوائح «العريضة». واوضح بوعلاقي ان حزب المحافظين التقدميين الذي حصل على ترخيص في منتصف تموز الماضي «هو الوعاء القانوني لانصار قائمات العريضة الشعبية». واضاف ان هذه القوائم «تضم اناسا من حزبنا وآخرين مستقلين لكن الجميع من اسرة واحدة والكل يسعى لتحقيق اهداف الثورة التونسية وفي مقدمتها الكرامة حيث انه لا ديموقراطية للجوعى».
وقال حول مفاجاة نتائج قائمات «العريضة»: «كنا نتوقع الحصول على خمسين مقعدا لكن الحمد لله حصلنا على 26 مقعدا» مضيفا بلهجة استنكار «الكثير من المحللين والسياسيين في تونس لم يعجبهم الامر كاننا لسنا تونسيين». وحول اتهامات لـ«العريضة» بانها قريبة من التجمع الدستوري الديموقراطي المنحل (الحزب الحاكم سابقا)، قال بوعلاقي «لا احد في قائماتنا من التجمع واتحدى ايا كان ان يثبت عكس ذلك». وأضاف ان «تعتيم كافة وسائل الاعلام التونسية على العريضة الشعبية وبرامجها ومرشحيها» وطلب من وسائل الاعلام هذه «ان تعتذر من الشعب التونسي على هذا التعتيم». وحول المشاورات الجارية بين القوى السياسية الفائزة في الانتخابات للتحضير للمرحلة الانتقالية الجديدة، قال الامين العام «لم نتفاوض مع احد ولا احد اتصل بنا لكن ايادينا ممدودة للجميع على اساس برنامجنا ومن اجل تحقيق اهداف الثورة التونسية». واضاف «اذا تم تبني برنامجنا فانا على استعداد للانسحاب من الحياة السياسية، اما اذا لم يحصل ذلك فسنكون في المعارضة وسنعد للانتخابات القادمة».
ويتمحور برنامج حزب «المحافظين التقدميين» حول عدد من النقاط هي الدعوة لدستور ديموقراطي وتوفير العلاج المجاني لكل التونسيين وتخصيص منحة بطالة لنصف مليون عاطل عن العمل. كما يتضمن تمكين من تجاوز 65 عاما من استخدام وسائل النقل مجانا وانشاء ديوان للمظالم وآخر للزكاة، ومؤسسة القيروان للسيرة النبوية، ومؤسسة القصرين للبحث العلمي.
وقال مصدر قريب من «النهضة» ان المشاورات بين القوى الرئيسية الثلاثة في المجلس التاسيسي دخلت «المنعطف الاخير» لكن موقع «العريضة الشعبية» كقوة ثالثة في المجلس «قد يخلط الاوراق مجددا». واوضح المصدر ان «المفاوضات بين النهضة والمؤتمر والتكتل احرزت بعض التقدم». واضاف انه «اصبح من شبه المؤكد تولي الامين العام للنهضة حمادي الجبالي رئاسة الحكومة وتولي زعيمي المؤتمر منصف المرزوقي والتكتل مصطفى بن جعفر رئاسة المجلس التاسيسي ورئاسة الجمهورية». الا انه اشار الى استمرار الخلافات بشان توزيع المناصب الحكومية والتنظيم الموقت للدولة الذي سيحدد خصوصا صلاحيات رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية حتى وضع دستور جديد من قبل المجلس الوطني التاسيسي. وتستمر المشاورات داخل الاحزاب وفيما بينها اليوم. بيد ان المصدر نفسه قال ان «استرجاع العريضة الشعبية مقاعدها في المجلس وتحولها الى القوة الثالثة داخله قد يخلط الاوراق مجددا».
ونقلت إذاعة «كلمة» التونسية عن مصادر مقربة من «النهضة» تأكيدها أن المشاورات حول توزيع الحقائب الوزارية تعترضها صعوبات أوصلتها إلى «مأزق حقيقي» نتيجة تباين وجهات النظر بخصوص الوزارات السيادية حيث ان «المؤتمر» مصر على الحصول على وزارة الداخلية والقضاء. وكشفت المصادر أن السبب الرئيسي للخلافات يتعلق بطبيعة الحكومة، إذ في حين تتمسك «النهضة» و«المؤتمر» بتشكيل «حكومة سياسية»، ترى الأطراف الأخرى أن البلاد في حاجة إلى «حكومة انتقالية» مهمتها تصريف الأعمال وإيجاد الحلول العاجلة لأبرز الملفات المطروحة وفي مقدمتها البطالة والفقر.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد