تسوية كاملة في مدينة التلّ
في الوقت الذي بدأت فيه بلدة خان الشيح تنفيذ بنود المُصالحة الخاصّة بها، نجحت جهود الوساطة في ضمّ بلدة التلّ لعملية المُصالحة، بعدما اتفقت فيها اللجان المختصّة أمس على بنود تسوية، تُعتبر من أهم التسويات الجارية في ريف دمشق، نظراً لموقع المدينة الهام.
وبدأت عند التاسعة من صباح أمس، إجراءات تنفيذ بنود المصالحة في مدينة خان الشيح في ريف دمشق الجنوبي الغربي، ابتداءً بفتح الطرقات وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط والخفيف، على أن يتمّ خلال الساعات المقبلة ترحيل عدد من المُسلّحين إلى إدلب، قدّرت مصادر عددهم بألفي مُقاتل مع أسرهم. ويلي ذلك دخول الجيش، وتشكيل لجان دفاع محلية من الراغبين بالبقاء في البلدة، ولكن تحت إدارة أمنية حكومية.
أما على الجهة الشرقية من العاصمة، فتمّ التوصّل لاتفاق تسوية بين لجنة المُصالحة في مدينة التلّ والجيش، يُحيّد المدينة بشكل تامّ عن الصراع، ويُعطي الحرية الكاملة لمؤسسات الدولة في العمل، كما يسمح للراغبين بالمُغادرة أو بتسوية وضعهم كما العادة باتباع إجراءات مُشابهة لما جرى في التسويات السابقة.
ووفقاً لمواقع المعارضة، شمل الاتفاق «السماح لمن يُريد الخروج من الشباب بسلاحهم الفردي لأي منطقة يختارونها، وتسليم السلاح الباقي بالكامل، وتسوية وضع المطلوبين رجالاً ونساءً والمُتخلّفين عن خدمة العلم، ضمن تسوية تستمر لمدة ستة أشهر يليها، إما الالتحاق بالخدمة العسكرية، أو مغادرة مدينة التلّ». ويشمل الاتفاق «المُنشقّين» عن الجيش ومؤسسات الدولة، عدا مَن ظهر في وسائل الإعلام، وفقاً للمصادر ذاتها.
وتضمّنت بنود التسوية «فتح طريق التل بالكامل وفتح طريق (بلدة) منين أمام المدنيين» مع «تشكيل لجنة من مئتي شخص لحماية المدينة يتمّ تشكيلها من قبل لجنة التواصل تعمل تحت أمرة الجهاز الأمني للدولة». ووفقاً للبنود السابقة أيضاً، تُحصَر مهام الجيش بالمدينة في البحث عن حملة السلاح المُخالف، وبالاتفاق مع لجنة المُصالحة الدائمة.
وتوقّعت مصادر محلية أن يقوم الجيش السوري بإعلان سيطرته على المدينة في الساعات المقبلة، وعودة سلطة الدولة الكاملة اليها، علماً أن مسار عملية التسوية المُتوقّعة في التل يُمكن أن يستمرّ حوالي أسبوع، نظراً لكبرها وحجم التواجد السكاني فيها، كما لموقعها.
وتمتد مدينة التل في الريف الشمالي للعاصمة السورية على سلسلة جبال القلمون، وتبعد عن مركز دمشق نحو 14 كيلومتراً. ويُقدّر تعداد سكانها قبل الأحداث السورية بحوالي 100 ألف نسمة، تضاعف خمس مرات مع نهاية العام 2016، بسبب النزوح إليها من بلدات الغوطة الشرقية وقرى القلمون.
واعتبر تقرير ميداني، أمس، أن المدينة «مُفتاح الغوطة من الجهة الشمالية من ناحية مدينة برزة، وتمتدّ مع وادي موسى باتجاه وادي بردى. كما أنها تُشكّل أحد المعابر الاستراتيجية للمُسلّحين من سلسلة القلمون باتجاه العاصمة، فضلاً عن كونها تُشكّل تهديداً رئيسياً على أوتوستراد دمشق ـ حمص، إذ تسيطر عليه من كافة اتجاهاته».
مع بداية الأحداث، قام الجيش السوري بعملية عسكرية في مدينة التل لتخضع بعدها للمصالحة على «قاعدة عدم التعرّض للطريق الدولي». إلا أن الجيش ضيّق، الشهر الماضي، الحصار على المدينة بعد «خروقات لبنود الهدنة»، وذلك عبر سيطرته على وادي موسى «معبر المُسلّحين الوحيد ومنع الدخول والخروج من المدينة، واستهدف عدداً من مواقع جبهة النصرة (التي تسيطر على المدينة)».
وفاجأت فعاليات في المدينة، الجمعة الماضي، الفصائل العسكرية المتواجدة بـ «تظاهرات تُطالب المُسلّحين بالخروج، لتبدأ بعدها مُفاوضات قادت للتسوية الحالية». ووفقاً لبنود التسوية «وافق المُسلّحون على تسليم الأسلحة الثقيلة والرشّاشات للجيش وخروج المُسلّحين بعد تأمين طريق لهم إلى خارج العاصمة، ليدخل الجيش المدينة وينتشر بداخلها خلال الساعات المقبلة».
واعتبر تقرير ميداني أن «انتهاء سيطرة (جبهة) النصرة على المدينة، سمح للجيش السوري بقطع أهم طرق إمداد المُسلّحين عن الغوطة الشرقية، وإغلاق بوابة من بوابات إمداد مُسلّحي وادي بردى، كما تأمين اوتوستراد دمشق ـ حمص نهائياً من التهديد الذي كان يُشكّل عبئاً على حركة المدنيين على الأوتوستراد».
ويُشكّل مدخل مدينة التل، أحد المداخل الرئيسية لدمشق من المناطق الوسطى، والشمالية، إلى جانب المدخل الرئيسي المُجاور لمدينتي حرستا ودوما، والذي يتعرّض لحالات قنص من مناطق سيطرة المُسلّحين بين وقت وآخر.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد