ترتيبات صارمةلكبح رغبةساركوزي في«مصافحة»بين الأسدوأولمرت
رأى ديبلوماسي فرنسي، ان تطور مشروع «الاتحاد المتوسطي» منذ التفكير به الى اطلاقه، بعد ظهر اليوم باسم «عملية برشلونة: الاتحاد من أجل المتوسط»، كان «عملية تعليمية» للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في أكثر من جانب. فقد أدرك ضرورة التنسيق مع المانيا وحلفائه الاوروبيين قبل اطلاق مشروع كبير كهذا، وتعلم الكثير من حساسيات النزاع العربي - الاسرائيلي وتفاصيله.
لدى بدء ترتيبات الإعداد للقمة المتوسطية، كان لدى ساركوزي «حلم»، ان يجمع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت والرئيس السوري بشار الأسد، فتكون القمة فرصة لـ «مصافحة تاريخية» تشبع نزعة الرئيس الفرنسي لتحقيق إنجاز كبير يشهد له به. لكن كان على مستشاري الاليزيه ان يعلموا رئيسهم: ان الوقت لم يحن بعد لحدث كهذا. وكان على ممثلي الدول العربية ان يقولوا بكل وضوح منذ بداية مناقشة المشروع: لا نريد المشروع منبرا للتطبيع المجاني مع اسرائيل.
واكتفى الديبلوماسيون الفرنسيون بـ «انجاز تاريخي» واحد: انها المرة التي سيجتمع فيها مسؤول اسرائيلي في هذا المستوى مع قادة عدد كبير من الدول العربية تحت سقف واحد.
لكن، نظراً الى ان ضبط ساركوزي ليس مضموناً، مع تجارب سابقة تفيد بإمكان مفاجأة إسرائيلية، مثل «مصافحة المجاملة» بين الرئيس العراقي جلال طالباني ووزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك في مؤتمر الاشتراكية الدولية في اثينا قبل ايام، ومبادرة باراك ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني بالتجول بين ممثلي الدول العربية في مؤتمر الدولي للسلام في انابوليس نهاية العام الماضي، فقد اتخذت كل الترتيبات لضبط ايقاع القمة المتوسطية التي تبدأ بعد ظهر اليوم في قصر الاليزيه في باريس.
وبحسب المعلومات المتوافرة، تشمل الترتيبات التي اتخذها الجانب الفرنسي دخول المسؤولين العرب الى قاعة المؤتمر من باب مختلف عن الباب الذي سيدخل منه القادة الأوروبيون، وأن يجلسوا بحسب ترتيب الحروف الأبجدية على طاولة مستديرة، لا مربعة ولا مستطيلة، للحؤول دون جلوس أي مسؤول عربي وآخر اسرائيلي وجهاً لوجه. ويعني ذلك ان اولمرت سيجلس بين ممثلي ايرلندا وايطاليا، والأسد سيجلس بين ممثلي السويد وتونس. ونجح ممثلو دول عربية في إقناع نظرائهم الفرنسيين بالتخلي عن فكرة الصورة العائلة للقمة كما تجري العادة في قمم كهذه.
وفي مأدبة العشاء الرسمية، مساء اليوم، حرص الجانب السوري على ان تكون طاولة الأسد في مكان بعيد من الطاولة التي سيجلس عليها اولمرت. وساهم في حلحلة بعض الأمور الاجرائية الاعتماد على ترتيب أقدمية الزعماء العرب لدى ترتيب الجلوس في بعض المناسبات الاخرى، بما فيها مأدبة الغداء التي ستجري بعد العرض العسكري غداً الاثنين. كما ان الرئيس اللبناني ميشال سليمان سيكون في الفندق الذي ينزل فيه الوفد السوري.
وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم ومدير قسم التشريفات في القصر الرئاسي السوري منصور عزام زارا باريس في شكل منفصل للتأكد من الاجراءات، ذلك ان الجانب السوري يشدد على ضرورة «عدم تقديم تطبيع مجاني» من الجانب العربي الى اسرائيل، وان حصول اللقاءات السورية - الاسرائيلية مرتبط بتقدم جوهري في مفاوضات السلام. إذ أن رئيسي الأركان السابقين حكمت الشهابي وامنون شاحاك التقيا لدى وصول الأمور الى ضرورة الاتفاق على مبادئ ترتيبات الأمن في منتصف التسعينات من القرن الماضي. كما ان باراك التقى وزير الخارجية السابق فاروق الشرع (نائب الرئيس السوري حالياً) لدى وصول الأمور الى حافة التوقيع على اتفاق السلام بعد تسلم باراك رئاسة الحكومة العام 1999.
ولاحظ مسؤولون سوريون أن اولمرت قال أخيراً إن «المفاوضات أهم من المصافحة» بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين، وان الذي اقترح مصافحة بين الأسد واولمرت هو الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز. كما ان الرئيس السوري شدد على وجوب اعداد أساس صلب لاجراء مفاوضات مباشرة، فالمصافحة مع اولمرت «ليست مثل احتساء كأس شاي».
وأوضح مسؤول سوري ان مبدأ وجود مسؤولين سوريين وإسرائيليين في قاعة واحد اعتمد منذ انطلاق عملية برشلونة العام 1995، لكن شرط ان تكون هذه اللقاءات في شمال المتوسط وألا تحصل لقاءات ثنائية، ما يفسر مشاركة الشرع في اجتماعات وزراء دول متوسطية في السابق. وقال إن وجود الأسد واولمرت هو استمرار للمبدأ، مع الاشارة الى انها أول قمة تعقد للدول المتوسطية.
إبراهيم حميدي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد