" تدفئة الأزواج" شرط للحصول على "تدفئة الحكومة"
حذرت ناشطة سورية بارزة من مخاطر مشروع توزيع مادة المازوت المدعومة على السوريين، مشيرة إلى أنه يحرم آلاف النساء السوريات من الحق في الحصول على المازوت المدعوم حكوميا وبالتالي عدم الحصول على "تدفئة حكومية" إذا لم يكن متزوجات.
وبدأ يوم 12-4-2008 توزيع قسائم مخصصة لمادة المازوت على العائلات السورية، تخولهم الحصول على ألف ليتر سنويا لكل أسرة . وأعلنت وزارة الداخلية السورية أن هذه العملية تهدف لمعالجة الخلل القائم في تهريب المازوت إلى الخارج، مشيرة إلى أن عدد الأسر السورية التي تستفيد من هذه القسائم بلغ خمسة ملايين ومائة ألف أسرة سورية وفلسطينية مقيمة.
وتتوقع الحكومة أن تؤدي هذه الإجراءات إلى "ترشيد استخدام الوقود من قبل المواطنين، إضافة إلى الحد من تهريب المازوت إلى دول الجوار حيث سيصبح سعر الليتر مساوياً تقريباً لسعره في دول الجوار ما عدا تركيا التي يصل سعره فيها إلى حوالي 70 ليرة سورية.
وينص القرار على أن من يحق له استلام هذه القسائم هو "الزوج الذي يحمل بطاقة عائلية، والأرملة التي لها أولاد وتحمل بطاقة عائلية أيضاً".
وفي حديث من دمشق، قالت الطبيبة مية الرحبي، الناشطة السورية والعربية البارزة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، إن مشروع قسائم المازوت المدعومة يحرم ثلاث شرائح نسائية من الحصول عليها، وهي: المطلقات، وغير المتزوجات ولديهن أخوة ذكور متزوجين، والأرامل اللواتي ليس لهن أولاد.
واستغربت الناشطة السورية أن ينص القرار على عبارة من قبيل" والأرملة التي لها أولاد وتحمل بطاقة عائلية أيضاً "، متسائلة " هل إذا لم يكن لديها أولادا يجب تبقى معرضة للبرد".
وقالت أيضا إن المرأة بعد وفاة أهلها تذهب البطاقة العائلية إلى الابن الأكبر، وهذا يؤكد أنها محرومة من حقها كمواطنة مستقلة.
كما أشارت إلى أن المطلقة التي ترعى وتطعم أولادها بات عليها الآن أن تؤمّن التدفئة لهم، بشراء المازوت بالسعر الحر، طالما أنها محرومة الآن من التدفئة الحكومية.
وفي سياق الموضوع، انتقدت د. الرحبي، النفقة التي تقرها المحاكم لأبناء وبنات المطلقات، قائلة: إذا تطلقت امرأة ما ولديها مثلا ثلاثة أبناء تحكم لها المحكمة بنفقة شهرية هي ألف ليرة (نحو 20 دولارا) التي لاقيمة لها أبدا .. هذه نفقة تافهة، والاسلام لم يحدد قيمة النفقة عبر العصور وإنما يتم تحديدها بما يكفي حياة كريمة للأولاد.
وعلقت الناشطة السورية مية الرحبي على القول إن النساء المحرومات من التدفئة الحكومية يجب عليهن الزواج للحصول عليه، بالقول " لا مانع أن توفر الحكومة لهن أزواجا .. ولكن ما يحصل الآن أنه لم يتوفر لهن لا المازوت ولا الأزواج".
وأرجعت د. الرحبي ذلك إلى عدم وجود "صيحفة مستقلة للمرأة" في السجل المدني ، بمعنى أنه لا خانة لها، فهي تتبع خانة أهلها وعندما تتزوج تنتقل لخانة زوجها، وعندما تتطلق ترجع لخانة أهلها وهذا يؤكد أنها ليست مواطنة مستقلة .
وقالت د. الرحبي إن الفريق الاقتصادي الذي أعد المشروع ادعى الاستناد لدراسات متطورة وخبراء مهمين فكيف تمر عليهم هذه الأمور. ورأت أن ما وقع على المرأة في هذا المجال سيكون "عاديا" في حال " اعتبرنا أنه استمرار لقوانين أخرى مجحفة بحقوق المرأة ".
وكانت الحكومة السورية وحدت سعر ليتر المازوت للعموم بنحو 7.40 ليرات سورية ، وبحسب الأرقام الرسمية الصادرة في موازنة عام 2008 تبلغ كلفة الدعم في هذه السنة 350 مليار ليرة سورية، أي ما يساوي 7.2 مليارات دولار أميركي.
حيان نيوف
المصدر: العربية نت
إضافة تعليق جديد