بحار من ليبرتي ....هكذا دمرت إسرائيل سفينتنا

16-11-2008

بحار من ليبرتي ....هكذا دمرت إسرائيل سفينتنا

أنني لا  أكتب هذه الشهادة عني فقط و لكن عن زملائي في الملاحة أيضا ، حول ما أخبروني عن أنفسهم.إنني أنظر في المرآة و هاأنا هم.
كنت بحارا في  العشرين من العمر، محبا للحياة ،يستمتع بمشاهدة العالم.كان لدي زملاء ملاحة رائعين و أسرة و أصدقاء.
لقد كنت شابا أميركيا يضج بالحيوية . و في الساعة الثانية من الثامن من حزيران عام 1967 تغيرت حياتي للأبد.
إذ ضربت  سفينتي ،يو ا س اس  ليبرتي ، بشكل متعمد و همجي من قبل ما نسميها حليفتنا ،إسرائيل، في هجوم استمر بقدر ما استمر هجوم" بيرل هاربول". كان مهاجمونا يعرفون تماما من يهاجمون ، لقد هاجم الإسرائيليون أصدقاءهم الأميركيين فقتلوا 34 من البحارة و المار ينز الشبان و الشجعان و جرحوا 174 آخرين . في هذا الهجوم الوحشي استخدموا صواريخا و مدفعية و نابالم و رصاصا مخترقا للدروع من عيار 50 و طوربيد ضد سفينتا العاجزة .فقد كانت سفينتا في المياه الدولية تقوم بما أمرتنا حكومتنا بالقيام به و لم نكن نشكل تهديدا لأي كان و خاصة إسرائيل.
استدعت حكومتنا السلاح الجوي لنجدتنا من سفينة الأسطول البحري الأميركي "ساراتوغا" في سلسلة من الأوامر من الأدميرال "جون ماكين" إلى "روبيرت ماك نامارا" إلى الرئيس جونسون  نفسه .
و تركنا هناك وحدنا مع الإسرائيليين ليفعلوا بنا ما تمنوا أن يفعلوه. فأطلقوا النيران على طوافات النجاة لضمان عدم وجود ناجين ,و لكي لا يبقى أحد حيا و هذا بحد ذاته جريمة حرب.
في ساعتي الهجوم   استخدمت حكومة إسرائيل الطائرات النفاثة و قوارب الطوربيد و طائرات هيليكوبيتر حاملة للجنود ضد سفينتا.و منحت طائرات الهيليكوبتر الإحساس بأنهم على استعداد لاقتحام سفينتنا و القضاء علينا.و غادروا بسبب رسالة خاطئة بأن المساعدة في الطريق .و الذي خلفه الإسرائيليون وراءهم هو سفينة بائسة تحمل أكثر من 800 ثقبا من الصورايخ و المدفعية .و آلاف الرصاصات المخترقة للدروع في جسدها مع النيران المندلعة من النابالم و فتحة بمقدار 40في 40 قدما من الطوربيد في الميمنة .لم نر أيه مساعدة من حكومتنا على مدار ثمانية عشر  ساعة بعد الهجوم في وقت كانت فيه المساعدة تبعد من 15 إلى 20 دقيقة فقط. لقد كان دليلا مخزيا ضد الولايات المتحدة و تورطها في الجريمة مع إسرائيل بحيث تتركهم يقتلوننا جميعنا و يلقون اللوم على مصر. و أفسدنا خططهم ،إذ لم نغرق كما خططوا و استطعنا تحديد هوية قتلتنا.
بعد عدة أيام من الاعتداء جاء الأدميرال إسحاق كيد إلى سفينتنا لأخذ الشهادات من البحارة الناجين و حصل على شهادتهم و أخبرناه ماذا فعل بنا أصدقاؤنا الإسرائيليون . و كان جوابه القاسي و البغيض هو أن نلزم الصمت و لا نردد أبدا أية كلمة عن هذا العمل الخائن من قبل حكومتنا و الإسرائيليين القتلة.
أوامر الأدميرال لم تأت من أحد سوى الأدميرال جون ماكين والد السيناتور جون ماكين . وكانت الأوامر تقتضي أنه إذا تفوه  أي منا بكلمة عن هذا الهجوم إلى أي أحد،بما فيهم أسرنا، فإننا سنسجن بقية حياتنا أو الأسوأ من ذلك، و بالطبع علمنا جميعنا أن الأسوأ يعني الموت.
عوملنا بهذه الطريقة من قبل حكومتنا في وقت خدمنا فيه وطننا بكرامة و شرف و شجاعة و طاقم ليبريتي هو واحد من أفضل الطواقم في التاريخ البحري .
و تشتت الطاقم و عندما انصرفت من الخدمة في الثاني عشر من كانون الأول عام 1967 لم أعد  ذاك الشاب ذي العشرين الذي لا تزال حياته أمامه ,إذ شعرت و كأنني في الخمسين دون مستقبل . تزوجت في ذاك الزمن و أنجبت طفلا و كنت أعيش يوما بيوم و أنا أحمل  وحش ليبيرتي على كاهلي ، لم أشعر بالأسى على نفسي و لكن لم أكن أيضا أحمل مشاعرا جيدة حول نفسي  .لم أستطع أن احدد ما هو الخطأ في . ذهبت إلى فيرجينا و أخبرتهم بمشكلتي بأفضل طريقة ممكنة . و اعتبروني إنسانا ناقما و لم يصدقوا ما قلته فيما يتعلق بما حدث لي .و قالوا بأنني اختلقت هذه القصة و لم يسمعوا عن ليبيرتي و أضافوا  بأن إسرائيل لا يمكن أن تفعل شيئا كهذا. و مرة ثانية خذلتني حكومتي.
وصلت إلى الحضيض فكنت ثملا طوال الوقت و سيئا مع أسرتي ليس فقط زوجتي و لكن أسرتي كلها :والدي أخوتي و أخواتي و كل إنسان.و كنت أقوم  بأي شيء مدمر لحياتي، أطارد النساء دوما و أقاتل كل من يريد أي شيء مني .لم يعد أحد يريد البقاء بقربي و خاصة زوجتي السابقة بعد ثلاثة عشر سنة من الجحيم. و لازمني أسلوب الحياة المدمر على امتداد عشرين سنة بعد الهجوم و بقيت جاهلا لكيفية  الخروج من حفرة  الجحيم التي حشرت  نفسي فيها .
ثم قرأت مقالا بقلم الضابط البحري ستان وايت ,و هو زميل في ليبيرتي ،و قد نشرت في "روكي ماونتين نيوز" و كنت على وشك الانهيار إذ اعتقدت أن أحدا لا يجرؤ على الحديث عن ليبيرتي .و علمت بأنني لم استطع بسبب الخوف من الرب الذي زرعته حكومتنا في روحي . ثم اكتشفت فيما بعد أن بعض الناجين التقوا و تحدثوا عن الإجحاف الذي لحق بهم .و شعرت بالراحة في اللقاء  ثانية مع زملائي و الاكتشاف من خلال زميلي "رون كوكال"بأن حياته كانت أيضا مثل حياتي و قالوا له أيضا أن يذهب ثانية إلى فيرجينا.فهم سيساعدونه الآن .و كنت كارها جدا لعمل ذلك و لكني فعلت و وجدت بابا جديدا مفتوحا أمامي . و اكتشفت بأنني كنت أعاني من اضطراب ما بعد الرضة النفسية
كيف استطاعت حكومتنا خيانة رجالها في الخدمة و السماح لإسرائيل بقتلهم ،تماما كما  لا يزالوا يفعلون حتى الآن, و ذلك بحمايتها؟التوضيح الوحيد المقنع أن كل منهما مذنب كالآخر.انه أمر مقرف و معادي لأميركا.
تزوجت ثانية منذ 25 سنة، و زوجتي لم تكن  تعلم أي  شيء عن ليبيرتي حين تزوجتها  و لكنها الآن تعلم .لكن كان من الصعب جدا بالنسبة لها العيش معي كما كان حال جميع زوجات و عائلات طاقم لبييرتي.إذ حملناهم كوابيسنا بشكل يومي ،ما حدث في ليبيرتي حطم أناسا طيبين محبين و عطوفين .انه أمر ملوع.لماذا لا تزال عائلاتنا تحبنا؟ لا أعرف و لكنهم يفعلون ، و يدركون الآن  كم من المهم الحديث عن هذا الجزء من التاريخ بصراحة  في الكتب( التي لم نذكر في أي منها)عوضا عن الحديث عن   الأكاذيب التي أجبرتنا حكومتنا و إسرائيل على تصديقها. إننا محظوظون جدا إذ لازلنا أحياءا و محبوبين من قبل عائلاتنا.


*بقلم فيليب ف تورني أحد الناجين من حادثة الاعتداء على ليبرتي

ترجمة رنده القاسم 
المصدر: الثورة    
 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...