المنطقة تسير باتجاه تسوية محتومة والانفجار مستبعَد

27-09-2011

المنطقة تسير باتجاه تسوية محتومة والانفجار مستبعَد

مرة جديدة، يؤكد دبلوماسي أوروبي أمام زواره الدائمين أنّ ظاهر ما يشهده الشرق الاوسط لا يمتّ إلى الحقيقة ولا يتصل بها، فالمنطقة تسير باتجاه تسوية محتومة يتمّ الاعداد لها بعناية فائقة. ويوضح أن النظام السوري ليس آيلاً إلى السقوط كما يعتقد البعض، ولا الدور التركي يتأرجح بين الاستمرار أو التوسع، ولا اتفاقية السلام المصرية – الاسرائيلية قابلة للتعديل، فالامور تسير وفق اجندة متفق عليها، واستنادا إلى توقيت دقيق وحساس من شأنه أن يضع الأمور في نصابها وأن يؤسس إلى مرحلة جديدة بعد تظهير التسوية المفترضة التي ستقلب وجه المنطقة وخريطتها السياسية دون الجغرافية.
ويكشف الدبلوماسي المعني عن اتصالات متقدمة ومتسارعة بين طهران وواشنطن من جهة وبينها وبين انقره من جهة ثانية، كما يؤكد أنّ تلك الاتصالات وصلت إلى مراحل مقبولة، فواشنطن تفاوض ايران على خروج مشرف للجيش الاميركي من العراق ومن دون أضرار، فضلا عن شق سياسي يتعلق بمستقبل الدور الاميركي في الخليج العربي في مرحلة ما بعد الانسحاب، وتركيا بدورها تتواصل مع ايران بشأن الملف الكردي الذي يتفاعل في شمال العراق، ناهيك عن امور استراتيجية تتعلق بالدور التركي في المتوسط ومدى استعداد ايران لتسهيل هذا الدور، مع الاشارة إلى ان الدخول اليوناني على خط غاز المتوسط من خلال النزاع القبرصي التركي يؤكد على اتساع رقعة التفاوض ووصوله إلى مراحل جد متقدمة.
ويلفت الدبلوماسي المذكور إلى أنه في وقت تستخدم فيه تركيا الورقة السورية في المفاوضات غير المعلنة مع ايران، تشترط الثانية تخفيف الضغط عن النظام السوري انطلاقا من تركيا التي تتحول يوما بعد يوم إلى اداة اميركية ضاغطة على  الملف السوري، وبالتالي فان الربط بات وثيقا بين كل الملفات المطروحة على بساط البحث والتي تشكل بمجملها لب الازمة. ويوضح أنّ ايران تعتبر ان سوريا تشكّل خط دفاعها الاول، كما انها الوسيط الاكيد والافعل في الشرق الاوسط، فضلا عن كونها الحاضنة الام لكل التيارات المقاومة المدعومة من ايران على غرار حزب الله وحركة حماس، بينما ترى تركيا انه بمقدورها ان تشكل محور الحركة في الشرق الاوسط عموما وفي المتوسط الزاخر بالغاز خصوصا.
ويدعو إلى قراءة الوضع في المنطقة بدقة متناهية، فالصدف غير موجودة في عالم السياسة حيث كل شيء يسير وفق اجندة سياسية وزمنية معدة سلفا، علماً أن انفجار الوضع في الشرق الاوسط اذا ما جاز التعبير جاء بالتزامن الكامل مع الحراك في العالمين العربي والاسلامي، وكذلك الامر فان انفجار الازمة السورية جاء في وقت يشتعل فيه المتوسط على خلفية ترسيم حدود الدول المعنية باستخراج الغاز الطبيعي واستثماره، كما اتى في عز المفاوضات السرية حول الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية المفترضة، فضلا عن كونه تزامن بالمطلق مع البرودة المفتعلة في العلاقات التركية – الاسرائيلية.
ومن جهة ثانية، يؤكد الدبلوماسي المخضرم على ضرورة قلب الصورة لاستخلاص حقيقة المشهد، فانفجار الازمة السورية اعقبه عودة العنف الدموي إلى العراق، وإلى اشتعال جبهة افغانستان ضد قوات التحالف لاسيما الاميركية منها، ناهيك عن عودة الورقة الكردية إلى واجهة الاحداث، وكل ذلك معطوفا على تهديدات مباشرة على جبهتي الجنوب اللبناني والجولان السوري، وهذا كله ان دل على شيء، فعلى صعوبة المفاوضات وليس استحالتها، كما على دقتها وتقدمها بحيث يصح القول ان التسوية تسير على وقع ساخن للغاية، ولكنه لن يصل إلى حدود الغليان الفعلي او الانفجار الذي يغير معالم المنطقة، وفق الدبلوماسي الأوروبي.

أنطوان الحايك

المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...