المال القطري والديموقـراطية المفقودة
يكشف محتوى البريد الإلكتروني لرئيس «المجلس الوطني السوري» برهان غليون الكثير مما يدور في «أروقة» الهيئة الأبرز في المعارضة السورية. المجلس ليس جسماً متجانساً بالتأكيد، لكونه مؤلفاً من مكونات عديدة، لا يربطها سوى العداء للنظام السوري. وهذا التنوع يضمر الكثير من التباين في العديد من القضايا: من آلية اتخاذ القرار إلى الهيكلية، ومن المطالبة بالديموقراطية في سوريا وغياب الانتخابات داخل المجلس والاستمرار بالتمديد للرئيس. ومن أبرز ما تكشفه هذه المراسلات، آلية صرف الأموال التي تأتي من حسابات قطرية، وتحول إلى تركيا بأوامر من برهان غليون واثنين من زملائه. وننشر عدداً من المراسلات التي وردت إلى البريد الإلكتروني لغليون وصدرت عنه. وبينها واحدة مع مراسلة القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي التي طلبت مقابلة غليون، إضافة إلى اثنتين تتعلقان بتحويل المال من قطر إلى إسطنبول، فضلاً عن رسالة طلب فيها الممثل الأبرز للإخوان المسلمين في المجلس، محمد فاروق طيفور، إعفاء الناطقة باسم المجلس بسمة قضماني من منصبها. كذلك تكشف إحدى المراسلات الحدة المذهبية في خطاب بعض المعارضين.
1- التمديد لغليون يُفقد المجلس صدقيته
يوم 4 نيسان 2012، بعث عضوا «المجلس الوطني السوري» المعارض أسامة شربجي وهيثم الحموي برسالة إلى زملائهم في المجلس، يطالبان فيه بإعادة هيكلة الجسم المعارض، وخاصة لناحية عدم فاعلية أعضائه، وضرورة الانتقال من التعيين إلى الانتخاب، والكف عن التمديد لرئيس المجلس برهان غليون.
بسم الله الرحمن الرحيم
موضوع إعادة هيكلة المجلس الوطني هو موضوع صعب ومعقد، لكنه ممكن فيما لو توافرت عند الغالبية النيات الصافية والمخلصة. تشكل المجلس الوطني على أساس التوافق بين كثير من الأطياف السياسية الحزبية والمستقلة، وقد امتد هذا التوافق إلى تشكيل الهياكل الإدارية والقيادية في المجلس.
ورغم أن هذا التوافق قد يبدو أمراً لا مفر منه، إلا أنه قد شكل عائقاً أمام اتخاذ القرارات بشكل أقرب إلى الديموقراطية داخل كيان المجلس، حيث إن معظم أعضائه أصبحوا غير فاعلين أبداً في صياغة أي قرار ولا في محاسبة الكادر الإداري في حال تقصيره. لذلك قد يكون الحل الأمثل في أن يصبح اختيار الأمانة العامة والمكتب التنفيذي على أساس الانتخاب من الهيئة العامة، لا بالتوافق. وبذلك تصبح القيادة مسؤولة أمام الهيئة العامة مباشرة، لا أمام الكتل التي اختارتها. على كل حال فإنه في حال اعتماد هذه الطريقة أو عدم اعتمادها، فإن هناك عدة مبادئ أساسية يجب الالتزام بها منذ الآن حتى يتحسن أداء المجلس الوطني:
1) توضيح تكتلات المجلس بشكل لا يقبل اللبس، على أن تذكر جميع أسماء الأعضاء و تكتلاتهم في موقع المجلس وتبدأ عملية إعادة الهيكلة انطلاقاً من الأسماء الموجودة حالياً على الموقع، ولا يجوز إضافة أي عضو جديد إلا وفق الآلية المعتمدة في النظام الداخلي.
2) وضع معايير وآلية واضحة لإضافة تكتلات وأشخاص جدد إلى المجلس الوطني، والإضافة تكون بناءً على الحاجة، لا على المحسوبيات والمعارف، على أن يبلّغ كافة أعضاء المجلس بإضافة أي عضو جديد فوراً.
3) التزام المكتب التنفيذي بانعقاد دائم حتى إسقاط النظام، وحتى يتحقق ذلك، لا بد من وجود أعضائه في مكان واحد وبحالة استنفار شبه دائم، ولا يجوز للعضو مغادرة البلد إلا بمبرر أو بمهمة رسمية.
4) اعتماد آلية للتواصل الرسمي وللتبليغ بالمهمات والأحداث والبيانات والتصويت إلخ. (هل هي صفحة فيس بوك أم بريد الكتروني أم رسائل نصية على الهاتف؟).
5) آلية اتخاذ القرار يجب أن تكون واضحة وشفافة وإيجاد آلية تواصل وتصويت ميسرة تقنياً لجميع أعضاء المجلس، في هذه الحالة فإن ملهم الجندي يستطيع مساعدتنا لأنه عمل في منظمة ويبكس التي توفر هذه الخدمات. (Webex cisco).
6) يجب تدوين كل محاضر الجلسات النظامية حتى يرجع إليها في حال حدوث أي اختلاف أو تنصل من الاتفاقات.
7) تفعيل دور اللجنة القانونية في تلقي الشكاوي وبتّها، ويجب أن ينزل كل أعضاء المجلس بمن فيهم المكتب التنفيذي عند قرار اللجنة القانونية.
8) تشكيل لجنة مؤلفة من خمسة أشخاص مهمتهم تلقي الطلبات والاقتراحات والرد عليها ضمن مهلة زمنية لا تتجاوز الأسبوع، سواء كانت بالقبول الكلي أو الجزئي أو الرفض. لا يجوز إهمال أي طلب أو اقتراح من أحد. هذه اللجنة إما أنها ترفع الاقتراح للأمانة العامة والمكتب التنفيذي أو تقوم برد الطلب إلى صاحبها لمزيد من التوضيح.
9) يجب أن يتخذ المجلس استراتيجية واضحة للعمل للأشهر المقبلة، ويجب أن تعلن البنود العريضة لهذه الخطة.
10) يجب إشراك الهيئة العامة في العمل، ويجب التخلص من مشكلة الفردية في العمل. تبقى المسؤولية الرئيسية على عاتق الأمانة العامة والمكتب التنفيذي، لكن لا يمكن إهمال بقية الأعضاء؛ فهم للمساعدة وتنفيذ الأوامر... على المكتب التنفيذي أن يوظف الناس ويعطيهم مهمات كالسفر واللقاءات وغيرها من الأعمال.
11) قضية تغيير رئيس المجلس أصبحت قضية حيوية وقضية صدقية للمجلس؛ لأنه بغض النظر عن مناسبة الدكتور برهان لرئاسة المجلس، وبغض النظر عن أدائه، فإن التمديد المتتالي له أثار اللغط حول صدقية المجلس في إزاحة نظام دكتاتوري، وهو لا يستطيع إزاحة رئيسه الذي ليس له أي سلطة فعلية.
أسامة شربجي وهيثم الحموي
4/ 4/ 2012
2- طلب إبعاد قضماني
بسمة قضماني، الناطقة باسم «المجلس الوطني السوري»، هي أكثر أعضاء المجلس إثارة للجدل، منذ أن ظهرت تسجيلات مقابلتها مع قناة تلفزيون فرنسية، إلى جانب إسرائيليين، وعبرت فيها عن رأيها بأن الدولة العبرية ضرورة في الشرق الأوسط. ويوم 26 شباط 2012، أرسل نائب رئيس المجلس، محمد فاروق طيفور (نائب المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا)، رسالة إلى برهان غليون يطلب منه فيها إعفاء قضماني من موقعها كناطقة باسم المجلس. وهذه الرسالة لم تأت بعد انتشار تسجيلات مقابلة قضماني والإسرائيليين، بل بعد إعلانها قبولها بمغادرة الرئيس السوري وعائلته سوريا، ولو من دون محاكمة.
وفي ما يأتي، نص الرسالة:
الدكتور برهان أرجو التكرم بإيقاف الدكتورة بسمة على أن تكون ناطقة باسم المجلس لكثير من الأخطاء المرتكبة في الفترة الأخيرة إضافة إلى الأشرطة التي انتشرت عن مواقفها من إسرائيل، وأن تتوقف عن التصريح المؤذي للمجلس.
شكراً لكم مع تحياتي.
محمد فاروق طيفور
3- القناة العاشرة الإسرائيلية
يوم 14 تشرين الأول 2010، تلقت مساعدة رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون رسالة إلكترونية من مراسلة القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي إيمانويل إلباز، تطلب فيها الأخيرة إرجاء مقابلة مع غليون. وهذه الرسالة، سبقتها، بحسب ما ورد فيها، مكالمة هاتفية بين السيدتين. تُسهب المراسلة في الحديث عن المؤسسة التي تعمل فيها، فتقول إنها «معروفة في إسرائيل بمعاييرنا الصحافية العالية، وبكوننا الصوت النقدي والقوي والحديث للصحافة الإسرائيلية».
كذلك تحدّثت عن تاريخ القناة وعن كونها تضم مئات الصحافين وعدداً من المكاتب في أبرز عواصم العالم. في اليوم التالي، أحالت مساعدة غليون الرسالة على رئيسها، فصدر منه الرد الآتي:
السيدة العزيزة إلباز،
البروفيسور غليون يشكركم على رسالتكم. يبدو لنا أنّ من الصعب في الوقت الحالي (إجراء المقابلة) بسبب ضيق الوقت والمواعيد. لكننا لن نتأخر عن إبلاغكم بالوقت المناسب.
تحياتي الحارة،
بروفيسور غليون
4- مليون دولار كل خمسة أيام
في مراسلات رئيس المجلس برهان غليون، ثمة عدد من الرسائل التي تُظهر جزءاً من هذا التمويل وحركته. فللمجلس حساب في قطر، يتحكّم بالتحويل منه عضو المجلس أسامة القاضي. ويجري التحويل من الحساب القطري إلى الحساب التركي بأوامر من غليون تحظى بموافقة زميليه محمد فاروق طيفور وسمير النشار.
وفي ما يأتي رسالتان بفارق زمني لا يتجاوز 5 أيام، يطلب في كل واحد منهما تحويل مبلغ مليون دولار:
Tuesday, March 06, 2012 عزيزي أسامة
ينبغي تحويل مليون دولار بأقصى السرعة على حساب المجلس في إستنبول لتوفير الإغاثة العاجلة
مع موافقة سمير وفاروق وأنا
وإعلامنا بالأمر
سلامات
Sunday, March 11, 2012
أرجو تحويل مليون دولار من حسابنا في قطر إلى حسابنا في إستنبول
مع موافقة سمير نشار وفاروق طيفور
برهان غليون
5- «إدانة الطائفة»
فيما تؤكد عدد من مراسلات أعضاء «المجلس الوطني» التي تصل إلى بريد رئيسه برهان غليون أهمية استقطاب «المكون العلوي» إلى صفوف معارضي النظام، يظهر في عدد من الرسائل نفَس مذهبي عند عدد من الأعضاء في أكثر من بريد إلكتروني، وأبرزها سلسلة من المراسلات التي جرت بين أعضاء المجلس ومكتبه التنفيذي في تشرين الثاني 2011.
بدأت تلك المراسلات برواية عن اختطاف 10 نساء داخل سوريا، قبل أن يوجه عضو المجلس، خالد كمال، رسالة إلى زملائه مطالباً «برهان غليون الآن بإدانة الطائفة العلوية وأن يطالب بفك أسر الحرائر اللواتي اختطفن اليوم على أيدي العصابات من الطائفة العلوية». زميله في المجلس، هيثم رحمة، كان أقل حدة، إذ اتهم «النظام القذر وأعوانه من الطائفة العلوية وغيرها» بعمليات الخطف المذكورة، مشيراً إلى أن هذه الأعمال لن يوقفها «تهديد المجلس الضعيف المحبط الذي لا يقوى على إصدار بيان يضع الأمور في نصابها».
الأخبار
إضافة تعليق جديد