اللادولة في العراق
المشهد السياسي واضح، وأكثر إيضاحًا منه المستقبل في ظل الصراع المكوناتي والحزبي، وعلى النحو التالي:
١- الكرد بعد المفاوضات الحثيثة؛ لإقرار الموازنة مقابل سيل من الاقتراحات لتسليم النفط إلى الاتحادية؛ يرسمون مشهد اللادولة، لأنه كل المقترحات باءت بالفشل.
بعد سيطرة البارزاني على القرار الكردي، لا نعتقد أنَّ ملامح الدولة العراقية تكتمل، لا سيّما السيد مسعود يترسخ في عقله السياسي العملي الانفصال السياسي بعد الانفصال الاقتصادي، وهو يسير بخطى حثيثة نحو اللادولة، خصوصًا وهو يترقب تطورات إقليمية ودولية في المنطقة؛ قد تفتح له الأبواب نحو دولة نفطية كردية: (سورية، والإقليم) يكون هو النواة فيها.
٢- المكون السني موقف قادته منشطر، ومتنازع، إلا أنه يتجه إلى الأقلمة الكلية والمناطقية.
(الأقلمة الكلية) هي أنّ أغلب القيادات السنية تتجه إلى (فيدرالية سياسية) يكون القرار السني بها خارج تأثيرات القرار الاتحادي، ويكون ارتباطهم بالحكومة الاتحادية؛ لأجل المال والوزرات التي تسخر لمصالحهم الخاصة.
أما (الأقلمة المناطقية) فخلاصتها أنَّ السنة يتجهون إلى أنْ يحتل كل منهم مدينته، وعلى وفق الآتي:
أولًا: السيد الحلبوسي، يركز على الأنبار؛ بالاعتماد على: الإمارات، الكويت.
ثانيًا: السيد أبو مازن ومن معه، يتجهون إلى تأسيس إقليم صلاح الدين؛ بالاعتماد على: السعودية.
ثالثًا: النجيفي، يتجه إلى الموصل؛ بالاعتماد على: تركيا.
رابعًا: الآخرون بقيادة الحزب الإسلامي وسليم الجبوري، توجهوا إلى ديالى؛ بالاعتماد على: قطر.
ومِنْ ثَمَّ فإنَّ قادة السُّنَّة كلهم يتجهون إلى اللادولة.
٣- الشيعة تحت واقع مختلف تمامًا، إذ إنَّ واقعهم هو الآتي:
أولًا: الأحزاب الكبيرة منشطرة، ومتواصلة بانشطارها، وإن أظهرت الاتفاق.
ثانيًا: القرار السياسي الآن بيد حكومة الكاظمي، أمّا القيادات البقية فتقف متفرجة.
ثالثًا: (الجوكر) يحاول السيطرة على محافظات الجنوب.ومِنْ ثَمَّ فإنَّ هذا مشهد بارز وواضح نحو اللادولة.
٤- القواعد الأميركية تجد مساحات لوجودها في ظل الخلافات وسيطرة الكاظمي على القرار، وهي ماضية نحو ترسيخ اللادولة.
وهنا عدد من النِّقاط:
أولًا: أميركا ودول الخليج، أدركوا أنهم لا يمكن لهم ترسيخ احتلالهم في العراق؛ إلا في ظل اللادولة.
ثانيًا: المكونان السني والكردي، كذلك يتأثران بالمشروع الأميركي الذي يتجه بالعراق نحو اللادولة، فضلًا عن ترسيخه لمشاريعهم.
ثالثًا: المكون الشيعي، قولًا مع الدولة، إلا أنهم يرسخون اللادولة؛ من خلال صراعاتهم، وخلافاتهم، ومصالحهم، وهم بوضع لا يمكنهم الاتفاق على برنامج يخلق الدولة، وإن ادعوها في خطابهم، والقدر المتيقن من ممارساتهم نحو اللادولة؛ أنهم لم يتفقوا على برنامجٍ موحدٍ وضوابط، وشروط، وأسس... بل بعضهم يرى الدولة عبارة عن القدر الذي يحقق مصالحه.
رابعًا: الباقي من الدولة، هو مشروع (خط الكاظمي)؛ الذي يمضي نحو اللادولة، أو الدولة العلمانية.
خامسًا: محافظات الجنوب تهيمن عليها تظاهرات اللادولة: تشل حركتها، تقطع الطرق فيها، تحرق الجثث، تتجذر فيها، تطالب بإسقاط الحكومات المحلية التي تمثل بقايا الدولة؛ لفرض واقع اللادولة!، لكن يعتقد بعضهم أنَّ السلاح الفالت هو اللادولة!، وينسى أنّ الأطراف كلها تسعى إلى إنهاء الدولة!.
قد يعتقد بعضهم أنَّ هذه رؤية متشائمة، وأرجو أنْ تكون متشائمة، ولكن!، دلُّوني ولو بدلالة واحدة على الدولة؛ حتى ندلّكم على دولة لا تتمكن من إقرار موازنة، ولا تدين احتلالًا يقتل شعبها!.
محمد صادق الهاشمي
إضافة تعليق جديد