العراق يحتج على «تحريض» سعودي: الكلمة الباطلة أفتك من السلاح
توتر جديد سُجّل في العلاقات السعودية - العراقية، على خلفية تصريحات وصفت بـ «الطائفية» و «التحريضية»، أدلى بها السفير السعودي لدى بغداد ثامر السبهان، بعد أقل من عشرة أيام على تسليمه أوراق اعتماده الديبلوماسية، دعا فيها قوات «الحشد الشعبي» ذات الغالبية الشيعية الى ترك ميادين القتال لـ «تجنب تصعيد التوترات الطائفية»، مشيراً إلى أن سنّة العراق غاضبون على السعودية بسبب «تخلّيها» عنهم.
تصريحات السفير السعودي أثارت ردوداً غاضبة على المستويين الرسمي والشعبي، واستدعت قيام وزارة الخارجية العراقية باستدعاء السبهان وتسليمه مذكرة احتجاج، فيما طالب «الحشد الشعبي» بطرده.
أما رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي فرد على تصريحات السفير السعودي، من دون أن يسمّيه، إذ قال إن الكلمة «الباطلة» أشد من السلاح الفتاك، وإن «الكلام السام» يثير الطائفية ويسبب القتل.
وفي حديث إلى قناة «السومرية»، امس الاول، قال السبهان «إن رفض الأكراد والأنبار دخول الحشد الشعبي الى مناطقهم يبين عدم مقبولية الحشد الشعبي من قبل المجتمع العراقي»، متسائلا «هل تقبل الحكومة العراقية بوجود حشود سنية كالحشود الشيعية الحالية وبنفس التسليح، ولماذا يوضع السلاح بيد الحشد الشعبي فقط؟».
واتهم السبهان ايران بـ «التدخل في الشؤون العراقية الداخلية بوضوح وإنشاء ميليشيات مسلحة»، مشددا على ضرورة «إيجاد حل جذري للبيئة التي ساهمت بظهور داعش والإرهاب».
ولفت السبهان الى أن «الجماعات التي تسببت بالأحداث التي شهدها قضاء المقدادية لا تختلف عن داعش»، متسائلاً «أين دور الحشد الشعبي مما جرى في المقدادية؟».
وكان السفير السعودي يشير إلى أعمال العنف التي وقعت في مدينة المقدادية في محافظة ديالى قبل أسبوعين، والتي شهدت استهدافاً لمساجد تابعة للوقف السني وعدد من المدنيين من الطائفة السنية، على اثر انفجار سيارتين مفخختين في أحد مقاهي المدينة.
وحول مطالبة وزير الخارجية البحريني خالد بن احمد آل خليفة بحل «الحشد الشعبي»، قال السبهان ان «من يستمع الى خطب الجمعة لسماحة السيد (علي) السيستاني وتصريحات (زعيم «التيار الصدري») السيد مقتدى الصدر يستشعر خطر المرجعيات الدينية الشيعية من ذلك».
إلى ذلك، قال السبهان، في معرض نفيه لوجود تدخلات سعودية في العراق، «إنني لمست غضباً من قبل جميع من قابلتهم من السياسيين والاخوة السنة في العراق على المملكة العربية السعودية»، مشيرا الى انهم «قالوا لي: أنتم غبتم عنا وجعلتمونا نواجه مصيرنا وحدنا».
وتساءل السبهان «لماذا يوجد غضب سني علينا اذا كان هناك تدخل من قبل السعودية في شؤون العراق الداخلية؟»، مشددا على ان «المملكة لا تدعم مكوّناً على حساب آخر، وهي دائما مع الحكومات وليس الأشخاص أو الطوائف».
وأثارت تصريحات السفير السعودي ردود فعل غاضبة على المستويين الرسمي والشعبي.
وأعلنت وزارة الخارجية العراقية عن استدعائها السبهان وسلّمته مذكرة احتجاج على تصريحاته.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد جمال في بيان، إن «وزارة الخارجية العراقية استدعت السفير السعودي لدى بغداد لإبلاغه احتجاجها الرسمي بخصوص تصريحاته التي مثلت تدخلا في الشأن الداخلي العراقي، وخروجا عن لباقات التمثيل الديبلوماسي، والحديث عن معلومات غير صحيحة».
وأضاف جمال أن «تشكيلات الحشد الشعبي تقاتل الإرهاب وتدافع عن سيادة البلد وتعمل تحت مظلة الدولة وبقيادة القائد العام للقوات المسلحة وتمتلك تمثيلاً برلمانياً يجعلها جزءا من النظام السياسي».
وأشار المتحدث باسم الخارجية العراقية الى أن «إبداء السفير رأيه للإعلام في ما يتعلق بطبيعة المواقف السياسية لبعض مكوّنات الشعب العراقي، يعد خروجاً عن دوره... تجاوزاً غير مسموح به في الأعراف الديبلوماسية»، لافتاً الى أن دور السفير السعودي يتمثل في «إيجاد المشتركات الكفيلة بتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي يحرص العراق على تعزيزها وتوطيدها وفق مبادئ الاحترام المتبادل وبما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين».
يذكر أن السفير السعودي ثامر السبهان قد سلم أوراق اعتماده لوزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري يوم الرابع عشر من كانون الثاني الحالي.
وبالتزامن مع استدعاء السبهان، أكد العبادي، في كلمة ألقاها أمام مؤتمر اتحاد البرلمانات الإسلامية المنعقد في بغداد، أن «الكلمة الباطلة في حالات تكون أشد من السلاح الفتاك»، مشيراً الى أن السلاح الاثني بات يستخدم في الصراع بين الدول.
واعتبر العبادي أن «هناك من الكلام السام الذي يبث هنا لإثارة النعرات الطائفية والقومية بين أبناء الأمة ويسبب القتل على الأرض».
وأضاف «نحن في العراق لا نميز بين مواطنينا على أساس الدين ولا على أساس المذهب ولا على الأساس الاثني ولا على أساس القومية»، مؤكدا أن «أبناء أهل السنة في الأنبار انخرطوا في الحشد الشعبي وقاتلوا مع القوات الأمنية ليطهروا المدينة من دنس الدواعش».
وكانت هيئة «الحشد الشعبي» قد طالبت الحكومة العراقية بـ «طرد» السفير السعودي.
وقال المتحدث باسم «الحشد الشعبي» إن موقف السفير السعودي «تجاوز كل الحدود واللياقات الديبلوماسية وهو ينم عن النيات المبيتة سلفا لإرسال سفير دولة تدعم الاٍرهاب ليكون ممثلا لها في دولة لا تزال دماء أبنائها تقطر من مفخخات إرهابهم ودواعشهم وبهائمهم البشرية المفخخة».
وطالب الأسدي الحكومة العراقية ووزارة الخارجية بـ «طرد هذا السفير ومعاقبته على تصريحاته الوقحة وتجاوزه على الشعب العراقي وحشده الشعبي المقدس وسوقه لأكاذيب مفضوحة وتحريضه المباشر على الفتنة بين مكوّنات الشعب العراقي».
من جهته، قال عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان العراقي خالد الأسدي إن «السفير السعودي ليس معنياً بالحديث عن الحشد الشعبي وأحداث المقدادية، وعليه أن يحترم العرف الديبلوماسي»، محذراً من أن «تكرار مثل هذا التدخل سوف يكون نداء لإعلان السفير غير مرغوب فيه ومطالبة المملكة العربية السعودية باستبداله».
وشددت النائبة عن ائتلاف «دولة القانون» عواطف نعمة على «ضرورة طرد السفير السعودي من العراق فوراً وتلقينه درساً في احترام البلد الذي يستضيفه، وفي حال بقائه سيلاقي ما لا يحمد عقباه».
وطالبت كتلة «بدر»، في بيان، الحكومة بطرد السفير السعودي، مشددة على أن «تصريحاته الأخيرة هي تدخل سافر بالشأن العراقي». وأضاف البيان أن «كتلة بدر سبق أن رفضت تسمية السبهان سفيراً كونه يمثل دولة أصبحت بنظر المجتمع الدولي مصدراً للإرهاب العالمي المتبني للفكر الوهابي».
في المقابل، اعتبر «اتحاد القوى العراقية» أن تصريحات السفير السعودي «طبيعية جداً وتحمل نيات طيبة»، معرباً عن استغرابه لـ «الحملة السياسية» ضده.
وأضاف «نستغرب هذه الحملة السياسية المعدة سلفاً ضد السفير السعودي رغم أن تصريحاته التي أدلى بها لقناة السومرية كانت طبيعية جدا وتحمل نيات طيبة للمملكة العربية السعودية تجاه جميع إخوانهم العراقيين بلا تمييز... وهي وصايا خادم الحرمين الشريفين، وتعكس سياسة المملكة الرسمية تجاه العراق».
وفي أول رد فعل سعودي على الموضوع، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير: تصريحات السفير السبهان لا تعبّر عن الموقف الرسمي للمملكة. وجاء ذلك خلال لقاء جمع الجبير بوزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في العاصمة البحرينية المنامة على هامش الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي - الهندي. وذكرت وزارة الخارجية العراقية على موقعها أن الجانبين بحثا «القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومنها تصريحات السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان لوسائل الإعلام» . واشار البيان الى ان الجانبين أبديا رفضهما لهذه التصريحات، ونقل عن الجبير والجعفري القول إن «هذه التصريحات لا تصب في مصلحة تعزيز العلاقات المشتركة بين البلدين ويجب تجنب تكرارها في المستقـبل».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد