الصراع على «كاديما»
لم ينجح «الخطاب التاريخي»، الذي ألقاه الرئيس الأميركي جورج بوش في الكنيست، في إبعاد الأنظار الإسرائيليّة عن تحقيقات الشرطة في قضية رئيس الحكومة إيهود أولمرت، والاشتباه بتلقّيه مئات آلاف الدولارات بشكل غير قانوني من رجل الأعمال الأميركي موشيه تالنسكي، فيما تصاعدت حدة استعدادات قياديين داخل «كديما» لمرحلة «ما بعد أولمرت»، وانطلقوا بخطى حثيثة نحو التنافس على رئاسة الحزب، وخصوصاً وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، ووزير المواصلات شاؤول موفاز.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن نشطاء في «كديما» قولهم إن مقرّبين من ليفني وموفاز صعّدوا من وتيرة نشاطهم لضمّ منتسبين جدد إلى صفوف الحزب استعداداً لانتخابات تمهيدية مرتقبة على رئاسة الحزب في حال تقديم لائحة اتهام ضدّ أولمرت واستقالته.
إضافةً إلى ليفني وموفاز، يتنافس على كرسي رئاسة الحزب أيضاً وزير الداخلية مائير شطريت، ومن المتوقع أن ينضم وزير الأمن الداخلي آفي ديختر إلى قائمة المرشحين، وخاصة أنه لم ينفِ خلال تصريحات أدلى بها للإذاعة الإسرائيلية العامة إمكان ترشيح نفسه قائلاً «عندما يحين الوقت وتنضج الظروف سأرشّح نفسي على رئاسة كديما».
وأشارت «هآرتس» إلى أن موفاز وشطريت يتفوّقان تنظيمياً على ليفني، وفي صفوف الـ60 ألف منتسب لـ«كديما». لكنْ هي تتفوّق عليهما من خلال استطلاعات الرأي العامة خارج الحزب. ويعتقد مقربون منها أن مكانتها الجماهيرية قد تمنحها القوة من أجل الفوز بسهولة على منافسيها داخل الحزب، وخصوصاً أنها الوحيدة بحسب الاستطلاعات القادرة على مواجهة رئيس حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو.
وتعمل ليفني في هذه الأيام على تقوية علاقاتها بأعضاء كتلة «كديما» والنشطاء المركزيين في صفوف المنتسبين. وعلى غير عادتها، اتصلت بأعضاء كنيست من «كديما» ونشطاء وأجرت معهم مكالمة «ودية» عشية عيد «الاستقلال»، حسبما جاء في «هآرتس».
وقال أحد أعضاء الكنيست، ممن حظي بمكالمة من ليفني، إن «تسيبي لم تعتد الاتصال أثناء الأعياد، على الأقل ليس لي وهذا فاجأني». وأضاف «لم تتحدّث ليفني عن السياسة أو التحقيقات ضد أولمرت، لكن مكالمتها كانت مفاجئة، وقالت إنها ستكون مسرورة إذا التقينا».
وقال مسؤولون في «كديما» إن سلوك ليفني في هذه الأيام يدلّ على أنها «تدير حملة هادئة» لتنافس محتمل على رئاسة الحزب. وأشاروا إلى أنَّ ليفني تعزل نفسها عن أولمرت وتحقيقاته، واختارت أن ترد بتجاهل تام على مجريات القضية، بقولها إنها تفضّل «الفصل بين السلطات». كذلك فإنها وجّهت انتقادات مبطّنة إلى أولمرت خلال خطاب ألقته يوم الخميس الماضي في مؤتمر الرؤساء. وقالت «يجب أن يمتلك كل إنسان رؤيا وعموداً فقرياً أخلاقياً وبوصلة داخلية يعمل بموجبها»، متابعة «كل دولة بحاجة إلى رؤيا وهدف وبوصلة داخلية تميّز الأمة وتوجّه قادتها».
وقال مقربون من أولمرت إنَّ تعاملها مع قضيته «لم يكن صدفة»، إلا أنَّهم نفوا أن تكون هناك علاقة بين خطابها يوم الخميس الماضي وبين التحقيقات الجارية بشأن أولمرت. وقد أثار سلوك ليفني هذا غضب مقرّبي رئيس الحكومة الإسرائيلية، والذين قالوا إنَّ تصرفاتها ناتجة من «استطلاعات الرأي الأخيرة التي تتوّجها رئيسةً مقبلة للحكومة».
وتابع المقربون «يجب أن نسأل لماذا لم تتحدث ليفني عن القيادة أثناء التحقيقات مع أرييل شارون عندما كان رئيساً للحكومة وهي وزيرة للعدل. ما الذي تغيّر منذ ذلك الوقت؟»، مضيفين: «كل شيء واضح، إنها تشتمّ إمكان وراثته».
في المقابل، شدّد ناشطون في معسكر ليفني على أنها الوحيدة التي ستقود «كديما» إلى رئاسة الحكومة مرة أخرى، وخصوصاً أن موضوع الفساد السلطوي سيكون أحد المواضيع المركزية في المعركة الانتخابية المقبلة.
في ظل هذه الأزمة، يواجه أولمرت أسبوعاً حافلاً، إذ طلبت الشرطة الإسرائيلية مجدّداً من محاميه تحديد موعد للتحقيق معه في أقرب وقت ممكن، إلّا أنَّ المحامين لم يحدّدوا حتى الآن موعداً، ما رأت أوساط في الشرطة الإسرائيلية أنّه «مماطلة» مقصودة.
وذكرت أوساط من الشرطة الإسرائيلية أن الشاهد المركزي في القضية موشيه تالنسكي سيدلي بشهادة استباقية في المحكمة الإسرائيلية. ويطالب المحقّقون بالاستماع إلى أولمرت قبل شهادة تالنسكي، خشية قيام رئيس الحكومة بـ«ترميم» إفادته.
فراس خطيب
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد