الشبيحة مثل أعلى والإزعاج سيد المواقف
الجمل – خاص : يقيم ربيع في البناء المقابل تماما للصالة الرياضية يفصله عنها شارع عريض يعج ليلا بسيارات الأجرة المتسكعة المنطربة بأصوات "الربابة"و"العتابا" بأعلى صوت,و نهارا بالسرافيس التي تحرث الشوارع ومعها آذان المواطنين بشخير "مضخمات الصوت" التي يركبها لها أصحابها ظانين أنفسهم بأنهم يقلدون أصوات محركات "التيربو" للسيارات السريعة,وممعنين في تحدي الذوق العام وسكون الأحياء السكنية التي يقتحمونها.
بعق علي – أي صرخ – في وجه أحدهم مرة بعصبية : أنا مو شوفير. واذ به بانفعاله هذا يقر بـ"دونية" هذه المهنة. وحقيقة الأمر أن هذه الدونية ليست مرتبطة بالمهنة كمهنة قائمة وموجودة في البلاد المتحضرة قبل بلادنا. انما ناجمة عن الممارسات والسلوكيات الخاطئة التي تمارس بها عندنا أضف الى ذلك انعدام اللياقة والذوق في "السلوكية المرورية" اجمالا.
فأن ترى شابا يافعا يقود سرفيس مليء بالناس ويمشي بهم وكأنهم "قطيع" أو "دواب" تساق للبيع أو الذبح هو مشهد مألوف أقله هنا في طرطوس. ولايحق لك أن تتفاجأ اذا ماعرفت أنه لايحمل شهادة سوق عمومية "عمومي" اذ سينظر لك وكأنك من كوكب آخر أو أنك من "السفهاء" فهذه في النهاية "موشغلتك" و ابقى في "شغلك أحسنلك" !
ويكمل ربيع : حتى أن كثيرا من الشوفيرية (السائقين) يطلقون لحاهم ويقصون شعرهم على موضة "الشبيحة" فهم مفتونون بهم!!
نهم بالانصراف بعد أن توقف ربيع عن الكلام ظنا منا أنه أنهى قصته وشكواه ونجواه مع" الجمل"على ..أمل. لكنه يكمل استرساله كما في "التداعي الحر" عند المحللين النفسيين :
أعمال صيانة مبنى الصالة الرياضية شارفت على الانتهاء والعمال "الله يعطيهم العافية" يعملون ليل نهار,لكن ألا يستطيعون العمل الا على صوت الموسيقى؟! فالصالة كما ترى تتربع وسط منطقة سكنية، مساء البارحة قطع علي صوت مسجلتهم المخترق بيتي وغرفتي دراستي وشوش أفكاري، عددت للعشرة كما ينصح البعض وجلست في غرفة الجلوس لأطالع التلفاز علي أسترخي قليلا,فكان صوت مسجلتهم هذه المرة أقوى من صوت تلفازي.."وصلت معي لهون" قالها ربيع مشيرا بسببابته الى أعلى نقطة من أنفه.
أراد خينا ربيع أن "يشكو بطيبة" فاتصل بالصالة ثم بـ"قسم الشرطة الشرقي".أجابوه: أعد الاتصال وأطلب رئيس القسم أو اتصل بالجنائية! رد سائلاً : هل تحرز أو تستحق هذه المسألة الاتصال بالجنائية؟ فجاءه الجواب عنيفا: لكن محرزة تتصل فينااا؟ وطبشوا السماعة..
كانت الساعة وقتها العاشرة ليلا,وهناك عدد كبير هنا من طلاب المدارس والمتقدمين للشهادات الاعدادية والثانوية وطلاب الجامعات..قاطعنا ربيعا:ألم يكن بامكانك ان تصبر هذه الفترة ريثما تنتهي الأعمال في الصالة؟وكنت بالتالي وفرت "البهدلة" على نفسك؟
لست مضطرا للانتظار وتطويل البال والتضحية براحتي في مسكني..هذا حق من حقوقي وهو مقدس عندي,يجيب ربيع منفعلا,أصلا عندما ينتهي عمل هؤلاء ويذهبون سيأتي ناطور (حارس) الصالة ويفعل مايفعلون.
الغريب في قصة ربيع هو "الاستنسابية" في تعامل أجهزة الدولة المسؤولة عن ((راحة)) وأمان المواطن,فربما استسخف متلقي الاتصال في قسم الشرطة تلك الشكوى,مع أنها شكوى مئات السكان الذين يعانون من ذاك الازعاج.
كيف لنا أن نقلص من حدة "السلوكية العنفية" ومظاهرها في مجتمعاتنا من السباب العلني والتشفيط والتشبيح و "القرص والعقص" في السرافيس والبولمانات والتعدي على راحة الناس وسكينتهم.والقائمون على (راحتنا) لايحترمونها؟ هم بهذا لايحترمون انسانيتنا,لايرحمون ولا يسمحوا لرحمة الله أن تنزل علينا.
حسان عمر القالش - طرطوس
التعليقات
السلام عليكم
طالما كل اللي
إضافة تعليق جديد