الحجاب الصاد لإنهيار الإقتصاد
الجمل ـ بشار بشير: شاب مصاب بطلق ناري أُسعف إلى مشفى الهلال الأحمر في دمشق , قسم الإسعاف في المشفى المذكور قرر تحويل المصاب إلى مشفى المجتهد التي وصلها المصاب ميتاً , لماذا لم يهتم مشفى الهلال بإسعافه الجواب كان لإن الإستعدادات الإسعافية في المشفى غير كافية !! الجهة الأكثر تخصصاً بالإسعاف ( أي الهلال الأحمر ) في الزمن الذي يستدعي قمة الجهوزية والإستعداد لا تزال غير مستعدة !! .
المصاب المذكور قضى بسرعة بسب طلق ناري وأصبح شهيداً , ماذا عن الشعب الذي يموت ببطء بسبب طلق دولاري ومن سيسعفه إذا كانت كل الجهات المسؤولة عن إسعافه تعمل مثل مشفى الهلال أي أنها لاتزال غير مستعدة وغير جاهزة للتعامل مع حالة الشعب الحرجة "نقودياً" .
الأزمة الإقتصادية التي أخذت تلقي بظلال تزداد قتامة يوماً بعد يوم لها العديد من الأسباب منها ما نضطر لقبوله بسسب حالة الحرب التي نعيشها ومنها ما نستطيع السيطرة عليه أو على الأقل التعامل معه لتلطيف نتائجه ما أمكن وهذا بيت قصيدنا الذي سنسأل عنه الحكومة والجهات المسؤولة وأول الأسئلة ستكون عن الدولار.
هل الطريقة الأمثل لتخفيض سعر الدولار هي بيعه بالمزاد لمحلات الصرافة؟ وهل تخفيض سعر أي شيء يتم عبر تنظيم مزاد للمزايدة على سعره ؟
لماذا يستثني المصرف المركزي البنوك العامة والخاصة من تكتيكاته الخاصة بالسيطرة على سعر الدولار ويتعاون بهذه التكتيكات مع دكاكين الصرافة ؟
لماذا تنتظر كل الجهات الحكومية قفزات الدولار ثم تحاول القيام بما يُرجع هذه القفزات للخلف ؟ يقرر المصرف المركزي بعد وصول سعر الدولار لأكثر من ثلاثمة ليرة سورية أن يتدخل ويبيع السوق حاجته من العملات الصعبة والمقدرة بخمسين مليون يورو ! لماذا لم يتدخل المركزي قبل قفزة الدولار للثلاثمئة و يضخ هذا المبلغ في السوق لكي يعيق قفزة الدولار؟
هل أصبح المركزي من مقدسي الشفافية مهما كانت نتائجها بحيث يظهر حاكمه على التلفزيون ويقول إن سعر الدولار يجب أن يكون أعلى مما هوعليه الآن ! ويجب أن نحمد الله لأننا وصلنا لهذا الحد لا أكثر. هل أصبحت مهمة حاكم المصرف أن يلمع صورته الشخصية (على حساب الذعر العام ) ليبدوا كالبطل الذي يقف سداً في وجه الدولار الذي يجب أن يكون سعره خمسمئة ليرة لولا بطولات المذكور رغم أنه أقرفي نفس المقابلة ان المصرف المركزي لا يستطيع التحكم بتاتاً (بنوب) بسعر الدولار .
هل تتقاطع مهمات حاكم المصرف المركزي مع مسؤوليات شيخ الجامع بحيث يخرج علينا شيخ المصرف المركزي ( عفواً حاكم ) ويقول أن خطة المصرف للسيطرة على تدهور سعر الليرة هي ...الصبر والسلوان هل سيدعوا بالمقابلة القادمة إلى صلاة إستسقاء للعملات الصعبة مثلاً ؟
وإذا تركنا الدولار والعملات وانتقلنا إلى السوق حيث الشغل الشاغل للدولة والناس هي السلع وتوفرها و محاولة المحافظة على أسعارها وهنا نجد غياباً كبيراً للدولة وتخبطاً و إعتماداً على آليات جُربت ولم تنجز شيئاً وسؤالي هو : تمتلك الدولة آلاف منافذ البيع التابعة للمؤسسة الإستهلاكية وأغلب هذه المنافذ هي الأفضل مكاناً ومساحة في المدن السورية ومن المعروف أنه لا يوجد تاجر لا يتمنى تزويد المؤسسة الإستهلاكية بالبضائع بالإضافة إلى أن المؤسسة تستطيع إستيراد ما تشاء , رغم كل هذا فإن كل ( كل وليس بعض ) أفرع المؤسسة ومنافذ بيعها لا تحتوي إلا النذر اليسير من المواد وبشكل دوري لا دائم أي أنك إن وجدت مادة فستفتقد عشرات غيرها, لماذا لا تكون المؤسسة مثل المولات التجارية الكبرى ممتلئة الرفوف بكل البضائع بمختلف الأنواع ومن ثم تبيع هذه البضائع بالأسعار المعقولة دون إحتكار ودون مضاربات وبعدها فلنترك السوق يفعل ما يشاء فلدى المواطن آلاف االمنافذ التابعة للمؤسسة التي تخدمه بأفضل الأسعار وله الحرية أن يشتري من رفوفها الممتلئة بكل إحتياجاته (كل إحتياجاته) الغذائية بأنسب الأسعار أو من السوق والتجار الذين سيخضعوا لمنطق السوق الذي تسيطر عليه المؤسسة وإن لم يخضعوا فهذا شأنهم هم ومن يريد ان يشتري منهم .
في ثمانينات القرن الماضي تعرضت سورية لمحنة ولحرب إقتصادية وبدأت كما اليوم أسعار الدولار بالصعود وبدأت الليرة السورية بالتراجع ( لن أقول إنهيار ) وبسرعة صدر مرسوم جمهوري ( عرف برقم 24 ) قضى بعقوبات رادعة وصلت إلى حد الإعدام للمتلاعبين والمضاربين والمهربين للعملة وبمجرد صدور المرسوم تم إعتقال أحد أشهر وأكبر وأهم التجار وحكم علية بالإعدام ثم جرى تخفيف الحكم إلى المؤبد وفعلاً سجن المذكور ( كما يعرف الكثيرون في سورية ) عشرون عاماً . أرتعب و أرتدع الجميع بعد هذا التطبيق الحازم للمرسوم وثبت سعر الدولار على خمسون ليرة سورية ثم قام الإقتصاد السوري بمهمته بدعم الليرة ليثبت هذا السعر على مدى سنين . أنا لا أدعوا لإحياء المرسوم المذكور فقط وإنما للتمثل بروحه أي لإتخاذ قرارات حازمة وحاسمة نصاً وتطبيقاً وفي الوقت المناسب محاولين إستباق ما يدبر لنا ( وقد أصبح واضحاً) لا محاولين اللحاق بمشاكلنا التي ستكبر و تستعصي ونحن نحاول السيطرة عليها بحلول تسكينية وترقيعية .
هل القاتل هو فقط من يحمل السلاح ضد الدولة أم أن القاتل الحقيقي هو من يحاول إفقار الشعب تمهيداً لقتل كرامته و لتجويعه وهل نستنفر ضد القاتل الأول فقط و نهادن الثاني ؟!
الجمل
التعليقات
الحجاب الصاد لإنهيار الإقتصاد
إضافة تعليق جديد