الجيش السوري يسعى لتأمين حمص «الحيوية»
اقترب الجيش السوري من تطويق مدينة تدمر، وذلك بعد تقدمه في المناطق المحيطة بها، ولكن دون قرار باستعادتها قريباً.
وأنجز الجيش السوري، أمس الأول، تقدما لافتا في منطقة البيارات الغربية، على بعد 10 كيلومترات من المدينة التي تقع وسط البادية السورية، على أن يستكمل عمله باتجاه «تأمين محيط كامل حقل جزل النفطي وجبل شاعر» بشكل أساسي، وفقا لما أكدته مصادر من المنطقة .
ويأتي تقدم الجيش في محيط تدمر، ضمن مفهوم «تحصين حمص» التي تتوسط الطريق الدولي بين دمشق والمرافئ السورية، وتشترك مع العراق بحدود برية واسعة، كما تنام على السهول المحاذية من الغرب لجبال القلمون.
ووصف مسؤول محلي «التقدم الذي حصل في المنطقة الشمالية الشرقية بأنه جيد»، موضحاً أنه «ترافق مع عمل جدي لتحصين وحماية المداخل الغربية والجنوبية لتلك المنطقة»، ولكن من دون أن يعني ذلك وقف العمل على تأمين كامل المنطقة الممتدة لعشرات الكيلومترات، «وصولا الى أقصى الشمال الشرقي، في مواقع أم التبابير وعين الشيخ وجبل بلعاس وتلال الشومرية»، وكلها مناطق نشاط لـ «داعش».
ويستخدم الجيش كثافة نارية عالية، وقوات برية مع آليات ثقيلة في تقدمه باتجاه الشمال الشرقي، مترافقا مع تغطية جوية فاقت 100 طلعة في اليومين الماضيين. ويتمثل أحد أهداف هذه الحملة العسكرية بتأمين «انسياب النفط والغاز للمصافي ومحطات الكهرباء في المناطق الآمنة».
وأمس فجرت مجموعة مسلحة من «داعش» خطاً للنفط قرب الكوع 24، في منطقة حنورة على طريق حمص - تدمر.
وتشكل عملية استعادة تدمر، كما تأمين حمص «عتبة إستراتيجية» يحتاج «اجتيازها إلى حسابات دقيقة» وفق ما يشرح مصدر واسع الإطلاع، أولها «الأخذ بعين الاعتبار التقدم الحاصل للجيش السوري وقوات حزب الله في القلمون، والذي سيعني فرار داعش باتجاه إحدى وجهتين، وهما إما القصير، وهذا مستبعد، وإما جبال حسياء باتجاه البادية الشرقية»، وهو ما سيرفع مستوى الضغط العسكري على هذه المنطقة، ما يعني ضرورة حصول «تنسيق عراقي ـ سوري» نتيجة نشاط التنظيم في البادية التدمرية وصحراء الأنبار.
وحتى الآن «لا يوجد تنسيق عراقي ـ سوري يمكن البناء عليه» وفقا لما أكده مسؤول سوري في وقت سابق ، علما أن إيران تعمل على «تقريب نظرة العراقيين لمصالحهم المشتركة مع دمشق في هذه المعركة».
ويأمل المسؤولون المحليون في حمص بحصول «تنفيذ قريب لمصالحة شاملة مع حي الوعر» الذي لا زال يخضع لسيطرة مجموعات مسلحة. وقال محافظ حمص طلال البرازي، إن «الاتفاق ينتظر لحظة التنفيذ فقط، باعتبار أنه منجز تماما»، مضيفاً إن «التفاؤل موجود بأن يتلو هذا الاتفاقَ اتفاقاتٌ مشابهة على الجبهات الباردة الأخرى في ريف حمص الشرقي».
«لكن تدمر تبقى معضلة بسبب وجود نوعين من الرهائن بيد «داعش»، الأول هو السكان، وهم بعشرات الآلاف، وثانيا الثروة الأثرية الكبيرة التي تضمها المدينة وريفها».
وأمس الأول نشر «داعش» صورا لتفخيخه معبد «بل»، الذي يعود للعصر البابلي، وهو ما اعتبرته القيادة العسكرية «تهديداً مبطناً بتدمير الكتلة الأثرية في حال حصول تقدم» لا يمكن أن يتم إلا عبر «المداخل المتاخمة للمدينة الأثرية».
وأعلن مدير مديرية الآثار والمتاحف في سوريا مأمون عبد الكريم إن بعض الأهالي الذين بقوا على اتصال مع مديرية الآثار أكدوا تفخيخ المعبد. وقال عبد الكريم، إن مقاتلي «داعش» حطموا، منذ يومين، تمثالا ضخما لـ «أسد اللات» يعود للقرن الثاني الميلادي، وكان موضوعاً على باب المتحف الوطني، كما فجروا، الأسبوع الماضي، مزارين أحدهما يعود إلى محمد بن علي، وهو من أقارب الإمام علي ابن علي طالب، وآخر لأبي بهاء الدين، وهو من وجهاء تدمر، وعمره 500 عام.
واعتبر عبد الكريم أن حصول «أذية كبيرة لآثار تدمر لن يكون كارثة ثقافية ووطنية فحسب، بل سينعكس على المستوى الاقتصادي»، لا سيما على المدينة التي يزورها القسم الأعظم مما يقارب ثلاثة ملايين سائح زاروا سوريا (وفق إحصائيات العام 2009)، وأنفقوا ما يقارب 319 مليار ليرة سورية (وفق إحصائية اليوم العالمي 2010).
ويتخوف عبد الكريم من «طول الانتظار»، لا سيما أن «الأرض التدمرية لا زالت تحوي كنوزاً يمكن أن تنهب»، لكنه في الوقت ذاته يتفهم صعوبة «تأمين عشرة آلاف موقع اثري في سوريا بشكل دائم».
من جهته، يقول مسؤول محلي إن «داعش قام بتفخيخ بعض زوايا المدينة الأثرية، لكي يتيح للغرب وأعداء سوريا اتهام الحكومة بتدميرها في حال حصول أي هجوم»، مشيرا إلى أن «تطويق تدمر بات قريبا» إلا أن ساعة الهجوم ليست مقررة بعد.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد