البيئة البحرية السورية تنتظر الاستفادة من مخلفات الحرب

21-07-2015

البيئة البحرية السورية تنتظر الاستفادة من مخلفات الحرب

يكثر التنوّع في البيئة البحرية السورية بينما تقل الكميات. وقد سُجِّل، لغاية الآن، وجود حوالي 350 نوعاً من الكائنات البحرية بكميات محدودة، لا يتجاوز عدد بعضها عن فرد أو اثنين فقط.
يعلِّل المختص في البحوث البحرية عزت عربية هذا الواقع بضيق الرصيف القاري في سوريا، حيث ينحدر هذا الرصيف على البحر بنسبة 90 درجة تقريباً في رأس البسيط، ما يحد من توفر المراعي البحرية. لكن هذا الرصيف يتَّسع شمالاً بدءاً من جبلة وصولاً إلى طرطوس، خصوصاً في منطقة الحميدية حيث يتسع الرصيف القاري إلى 20 كيلومتراً، وهناك المنطقة الأغنى من حيث التنوع والغزارة.صياد على شاطئ طرطوس (عن موقع «فليكر»)
يعاني الشاطئ السوري من مخاطر عديدة قد يكون في مقدّمتها النفايات القادمة من فلسطين المحتلة، والتي تتسبب بها دولة الاحتلال، وتؤدي بدورها إلى حدوث تلوّث خطير في المياه السورية.
ويأتي هذا التلوّث عبر قناة السويس مع التيارات البحرية القادمة من البحر الأحمر والتي تأتي أيضاً بأسماك تستوطن في مياه المتوسط لتحل محل تلك التي انقرضت، منها على سبيل المثال السمكة البوقية القادمة من البحر الأحمر، والتي انتشرت مؤخراً على شواطئ سوريا.
الباحث في مجال البيئة البحرية يشير إلى أنَّ العديد من الكائنات البحرية انقرض نتيجة هذا الواقع، ويقول عربية إن «بلح البحر» لم يعد موجوداً نهائياً على الشاطئ السوري، كما لم تنجح محاولات زرعه منذ العام 2007.
ويضيف عربية أنه «قديماً كان السباح يعاني من دخول أشواك في قدميه، لكن الآن لم يعد يشعر بذلك وهو سعيد، لكنَّه لا يعرف أنَّ هذه الأشواك تعيش في المناطق النظيفة فقط، وبالتالي فإنَّه عندما تغيب عن منطقة يكون التلوث قد حضر».
ويبيِّن الباحث الذي يعمل في المعهد العالي للبحوث البحرية في اللاذقية أنَّ هناك أنواعاً من السرطانات باتت مهددة بالانقراض أيضاً، وهي مفيدة جداً للإنسان ومغذية له، لكنَّه - أي الإنسان - يسرف في صيدها، وكثيراً ما يصطادها للمتعة والزينة، وبعض الناس يتعاملون معها بتشفّ ويقتلونها فقط لمجرد قتلها.
سوء التخطيط وضعف الرؤية المستقبلية من المشاكل الواضحة للعيان في موضوع البيئة البحرية، فعلى صعيد اللؤلؤ الذي ينتشر في البيئة الساحلية ويمكن زراعته أيضاً، فإنَّ إنتاجه بات بأدنى مستوياته، ويعود السبب في ذلك إلى الصيد غير المدروس وعدم وجود محميات ومزارع خاصة فيه، بحسب عربية، علماً أن في اللاذقية، على سبيل المثال، يوجد محمية ابن هاني، لكنَّها منذ إعلانها قبل عشرين عاماً تقريباً لا يوجد فيها أي مشروع بيئي من قبل الحكومة أو من قبل القطاع الخاص، والمشروع الوحيد هو تفجير الديناميت الذي يلحق أضراراً كبيرة بالبيئة البحرية.
أما المواطن فهو غير متعاون وثقافته سلبية تجاه مصلحته المستقبلية كصياد، إذ يهتم بيومه فقط، ولا يفكر بالمستقبل فيصطاد كل شيء وبمختلف الأساليب، إلى جانب أنه لا يهتم إذا كانت طريقته جائرة، فالمهم أن يكون لديه صيد، وحجته في ذلك أنه يعيش من جراء الصيد، وبالتالي من الضروري تعويضه عن فترة منع الصيد حتى لا يخالف المنع ويصطاد ليعيش.
اللافت في البيئة البحرية السورية، التي يصفها عربية بأنها «تموت سريرياً»، أنَّ أسماكها تميزها عن غيرها بحسب عُرف الصيادين الذين يقولون إنَّ السمكة السورية تعرف حدودنا مع تركيا، حيث الأسماك متنوعة هناك وأحجامها كبيرة بفعل الحرص على البيئة البحرية وأساليب حمايتها التي تبدو ناجعة.
هذا الواقع السيئ للبيئة البحرية السورية ينعكس سلباً على الجميع بمن فيهم الصياد الذي تدنت نسبة صيده عن السابق بنسبة تصل إلى 60 في المئة، وبات عليه أن يبدأ في حماية هذه البيئة البحرية والحفاظ على ما تبقى منها.
ويمتد الأمر إلى الجهات المعنية التي من الواجب عليها تطبيق قانون منع الجرف الذي طبق على الضعفاء، بينما ترك ذوو النفوذ يمارسون الجرف إلى الآن، وهو ما يلحق أضراراً كبيرة بالثروة البحرية، إضافة إلى ضرورة مكافحة الصيد بالديناميت، والكلام هنا للباحث عربية الذي يضيف: «التوعية هي الأساس ونحن كباحثين في المعهد نعمل عليها ونسعى إلى إحداث تغيير إيجابي من خلال تواصل مباشر مع المواطن والصياد وأي معني من أجل منع الأذى عن البيئة البحرية».
كما يقترح الاستفادة من مخلفات الحرب الدائرة في سوريا، وذلك من خلال إغراق بعض الآليات الحربية المُدمَّرة في مياه المتوسط من أجل تأمين أحياد اصطناعية تشكِّل موئلاً اصطناعياً يسمح للكائنات البحرية بالعيش والتكاثر.

بلال سليطين

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...