البرلمان السوري يتشكّل: معركة المصداقية
يراهن بعض النواب الجدد في سوريا على حصول «انقلاب» في مجلس الشعب (البرلمان) الجديد، يحوله من «مجلس النوم على كتف الحكومة»، إلى «مجلس ضغط».
والرهان يجري في الوقت المستقطَع القائم بين «استمرار ملاحقة تنفيذ الاستحقاقات الدستورية»، كما هو حال الانتخابات التي جرت، و «العملية السياسية الجارية في جنيف»، بزخم الراعيين الأميركي والروسي، والتي بدورها تخطط لتغيير آلية الحكم السياسية القائمة.
وأعلنت اللجنة القضائية العليا للانتخابات، أمس الأول، نتائج انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الثاني، والتي جرت في 13 نيسان الحالي، والذي سيجتمع في أوائل أيار المقبل.
وأعلن رئيس اللجنة القاضي المستشار هشام الشعار، في مؤتمر صحافي في دمشق، أن «اللجان القضائية الفرعية في كل المحافظات أنهت فرز الأصوات، ووافتنا بالنتائج، وتبين أن عددَ مَن يحق لهم ممارسة الانتخاب داخل الجمهورية العربية السورية هو 8 ملايين و834 ألفاً و994 شخصاً، حيث مارس حقه في الاقتراع 5 ملايين و85 ألفاً و444 مقترعاً، فتكون بذلك نسبة المشاركة 57.56 في المئة».
وانخفض عدد مَن يحق لهم الانتخاب في هذا الدور عن الذي سبقه، بحوالي المليون و200 ألف شخص لأسباب الحرب كما يبدو. وكان في العام 2012 حوالي 10 ملايين و118 ألفاً، بنسبة مشاركة بلغت 51 في المئة، حققها وفقاً للجنة القضائية حينها خمسة ملايين ناخب و186 ألفاً.
وشارك العسكريون في هذا الدور للمرة الأولى بالاقتراع، بعد أن قامت اللجنة الدستورية والتشريعية في المجلس بتعديل مواد القانون الانتخابي. ولم يعلم الناجحون بنسبة تصويت العسكريين في القطع العسكرية، نسبة للمدنيين خارجها، ولكن أعلنت النتائج العامة إجمالاً.
وفيما نجحت في الدور الماضي 30 امرأة، فإنه من المرجح أن العدد ارتفع هذا العام نساء عديدات، ولكن من دون حصيلة رسمية بعد، علماً أن بينهن أصغر نائبة بعمر لا يتجاوز 28 عاماً، وهي المرشحة عن قائمة «البعث» في طرطوس ديما سليمان، وأخت لشهيدَيْن في الجيش.
وكما هو متوقع، حقق «البعث» وحلفاؤه النتائج المعتادة، بحصولهم على غالبية مطلقة في المجلس. وكان الحزب نال في الانتخابات السابقة ثلثي مقاعد المجلس بـ 163 بعثياً، فيما نال المستقلون 58 مقعداً.
وتقلصت حصة أحزاب لائحة «الوحدة الوطنية» التي حظيت أحزابها بمقعد لكل حزب، علماً أنها أحزاب تقليدية متحالفة مع «البعث» منذ العام 1970، فيما حصل أحد جناحَيْ «الحزب السوري القومي الاجتماعي» (جناح أسعد حردان) على ستة مقاعد، وهي أكبر كتلة مجتمعة بعد «البعث»، علماً أن الحزب مشارك في التشكيلات القتالية للجيش السوري، وانسحب الجناح الآخر تماماً. كما غابت «كتلة» حزب «الإرادة الشعبية والتغيير»، التي شكّلها كل من نائب رئيس الوزراء السابق قدري جميل، المقيم خارجاً، ووزير المصالحة الوطنية علي حيدر.
وتلا رئيس اللجنة القضائية أمس الأول أسماء الفائزين بالانتخابات في كل قطاع من القطاعات في الدوائر الانتخابية كافة، حسب تسلسل الأصوات، من دون تحديد خلفيات الأشخاص الحزبية أو السياسية، وفقاً لما هو التقليد بأن «التعامل مع المرشحين جميعاً يتم على سوية واحدة، من دون النظر إلى خلفياتهم الحزبية أو غير ذلك».
وأعيقت في السابق دوماً محاولة تشكيل كتل سياسية ضاغطة في المجلس، لكن هذا الهاجس يبقى قائماً حتى في ظل المجلس الجديد.
ويرى الإعلامي نبيل صالح، الذي يشارك في المجلس للمرة الأولى، أن عدداً كبيراً من الأسماء التي نجحت يمكن لها أن «تشكل مجموعة جدية لتوجيه المجلس».
ووفقاً لما قاله، فإن صالح يتحدث «عن أصدقاء صاروا زملاء تحت القبة الآن»، علماً أن «كثيرين لم يفكروا يوماً بالدخول إلى مجلس الشعب، لكن الحرب أجبرتهم على الخوض في هذا الطريق»، وأن الرهان هو في العمل «على إحداث انقلاب في المجلس»، واصفاً إياه بـ «مجلس النوم على كتف الحكومة»، موافقاً على توصيف المجلس باعتباره «يمتلك مشكلة في الصدقية» لدى السوريين، وإن أبدى ثقة بإمكانية العمل، ولا سيما في المرحلة التي تلي نهاية الحرب، فشعب سوريا «كأشجار الغابات التي احترقت، جذوره بخير وقادرة على النهوض مجدداً».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد