الاندبندنت تتغزل بالجيش السوري
الأميركيون الذين أعلنوا داعش قوة "مروعة"، يتهمون الجيش السوري بأنه لم يحارب داعش. ولكن خضور ورجاله كانوا يتصدّون لداعش قبل أن يطلق الأميركيون أي صاروخ، ويعطون الدرس الوحيد الذي يفهمه أي جندي عندما يواجه عدواً مروعاً: أن لا تكون خائفاً.
لا أحب الجيوش.. إنها مؤسسات خطرة.. الجنود أبطال فقط لأنه يقاتلون، وقد تعبت من القول إن من يعيشون بالسيف يموتون أحياناً به.
ولكن في عصر يمكن فيه للأميركيين والعراقيين وداعش أن يسفروا عن مقتل 40 ألف مدني في الموصل خلال ألـ12شهراً الماضية، مقارنة ب 50،000 مدني ذبحهم المغول في حلب في القرن الثالث عشر ، وتعزيز حقوق الإنسان التي تقوم بها طواقم الطائرات الأميركية، يفقد الموت في بعض الأحيان معناه.
هذا الشهر، في الصحراء الشرقية بسوريا، بالقرب من قرية الأراك (Al-Arak) التي اجتاحها غبار المعارك، قتل جندي سوري كنت أعرفه على أيدي "داعش".
لقد كان بالطبع جندياً في جيش النظام السوري. كان جنرالاً في جيش يتهم باستمرار بجرائم حرب من الدولة –الولايات المتحدة- التي ساهمت غاراتها الجوية بسخاء في المجزرة الفاحشة في الموصل. لكن الجنرال فؤاد خضور كان جندياً محترفاً، وكان يدافع عن حقول النفط في شرق سوريا - جواهر التاج بالنسبة للاقتصاد السوري، ولهذا حاول داعش احتلالها، ولهذا قتلوا خضور- والحرب في الصحراء ليست حرباً قذرة، مثل الكثير من النزاعات التي حدثت في سوريا. عندما التقيت به إلى الغرب من تدمر، كان داعش قد غزا المدينة الرومانية القديمة، وفجّر رؤوس المدنيين والجنود والموظفين الذين لم يتمكنوا من الفرار.
فقط عام قبل ذلك، ابن الجنرال خضور، وهو جندي أيضاً، ارتقى في معركة بحمص. فؤاد نكس رأسه عندما ذكرت ذلك. أراد الحديث عن الحرب في جبال تدمر الحارة، حيث كان يعلّم جنوده كيفية قتال انتحاريي داعش، والدفاع عن موقعهم المعزول حول مضخات البترول ومحطات تجويل الكهرباء حيث كان يتمركز، وحماية أنابيب T4 على طريق حمص. الأميركيون الذين أعلنوا داعش قوة "مروعة"، يتهمون الجيش السوري بأنه لم يحارب داعش. ولكن خضور ورجاله كانوا يتصدّون لداعش قبل أن يطلق الأميركيون أي صاروخ، ويعطون الدرس الوحيد الذي يفهمه أي جندي عندما يواجه عدواً مروعاً: أن لا تكون خائفاً.
اعترف خضور بخسائره، لكنه روى بهدوء هائل، كيف وجد جنوده في هجوم على كهوف في الجبال أن داعش ترك ملابس نساء خلفه عندما تراجع. أنا لا أفهم، قلت. أجاب الجنرال: وأنا أيضاً."ثم أدركنا أنهم ربما ينتمون إلى سبايا الجنس الإيزيديات الذين اختطفهم داعش في العراق".
لقد قاد جنوده إلى داخل تدمر تحت هجوم قذائف الهاون المستمر. الكثيرون منهم قتلوا بالدوس على الألغام التي زرعها عناصر داعش. خضور نفسه جرح بانفجار لغم، على الرغم من أنه اشتكى أكثر من لدغات العقرب في كوخه الإسمنتي.
سينكر أعداء النظام ذلك - لأنهم يلعنون كل جيش الأسد - ولكن الحقيقة هي أن الجنرال فؤاد خضور ارتقى وهو يقاتل الفئة التي وصفتها روسيا وأميركا وفرنسا وعدد لا يحصى من الدول الغربية بأنها أعظم عدو لها.
ومن عليه أن يعيد بناء سوريا هو الجيش السوري. الجنرال فؤاد خضور - وموته - يشكلان جزءاً من مستقبل، كما من ماضي سوريا.
روبرت فيسك - اندبندنت
إضافة تعليق جديد