الإخوان المسلمون إلى أين؟
انتقد تقرير مجلة بريطانية ما سمي بالرد الفاتر من جانب منتقدي "حركة الإخوان المسلمون" ومن الإسلاميين أنفسهم إزاء انتخاب الحركة لمرشدها الجديد محمد بديع، خاصة وأنها تعد من أقوى الحركات في العالم العربي.
ومضت ذي إيكونومست إلى أن الزعيم الجديد وهو الثامن بحركة تأسست عام 1928 وتحظى بتأييد الملايين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي, يواجه هو ورفاقه تحديات قوية من داخل وخارج الجماعة.
وبينما يعتبر البعض الحركة مصدرا للتطرف الإسلامي العالمي, ينظر إليها آخرون على أنها رمز للاعتدال وتحديث الهوية الإسلامية, مضيفين أن نفوذها تجاوز حدود مصر وأنها لم تزل تشكل حزب المعارضة الأقوى برغم القمع والاضطهاد والحظر الرسمي المفروض عليها منذ 1954.
وشهدت الجماعة محطات مد وجزر السنوات الأخيرة, حيث يُعد من محطات انتصارها فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المحسوبة على تيار الإخوان بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006 وتمكنها من إقصاء منافستها العلمانية حركة التحرير الوطني (فتح) من قطاع غزة ومن ثم تولي زمام الأمور هناك.
وهناك أحزاب معارضة رئيسة تعتنق أيديولوجية قريبة من فكر حماس بكل من الأردن والكويت والمغرب واليمن، بالإضافة إلى مجموعات إسلامية تعرضت للحظر والمطاردة والنفي بكل من سوريا والجزائر وتونس.
ويبدو أن الجماعات المنضوية تحت لواء الإخوان بالعديد من هذه الأماكن والتي تنبذ العنف وتقبل العمل على مضض وفق قوانين الدول العلمانية، ربما بدأت في التراجع, حيث بات الشباب وتحت وطأة الإحباط ونفاذ الصبر إزاء احتمالات التغيير, يتجه نحو توجهات أكثر تطرفا كما هو حال جماعة السلفيين والحركات الجهادية العنيفة التي تنادي بالعودة إلى الإسلام الصحيح الذي ساد الأيام الأولى لانتشار الدين الإسلامي.
ومضت إيكونومست إلى أن بديع، الذي يعتبره البعض من التيار المحافظ، تمكن من الفوز بمنصب المرشد العام برغم ما تعرض له من اعتقال ومحاكمات أمام ما سمتها محاكم أمن الدولة.
وأضافت أنه يبدو أن الرئيس المصري حسني مبارك مصمم على عدم تكرار ما وصفته بالمذلة التي وقعت عام 2005 حينما فاز مرشحو الإخوان بخمس مقاعد البرلمان بعد أن خاضوا الانتخابات تحت قائمة المستقلين، موضحة أن ذلك هو ما عبر عنه وزير الداخلية مؤخرا في قوله المتمثل في أن "زمن تحقيق الإخوان المسلمين لمكاسب انتخابية قد ولى".
وربما يعكس انتخاب بديع ما وصفتها المجلة بالأجواء الكئيبة والحالكة التي سادت مؤخرا في ظل وطأة القمع التي عاشها, حيث فضل الإخوان التركيز على نشر القيم والمبادئ الصحيحة للإسلام على لعب دور سياسي.
وقالت إيكونومست إنه بعد أن بلغ مبارك من العمر عتيا وبعد انتشار القلاقل الاجتماعية في مصر, فإنه يبدو أن بعض الإخوان يتطلعون إلى التغيير السياسي بمصر دون خوض مواجهة مع الحكومة حفاظا على قوتهم للقادم من الأيام.
ويبدو انتخاب بديع (61 عاما) خلفا للمرشد السابق مهدي عاكف (81 عاما) كأنه انتصار للجناح المحافظ في حركة الإخوان، مما دفع بالدكتور محمد حبيب نائب عاكف -وهو من الجناح الإصلاحي- إلى الاستقالة احتجاجا على ما اعتبره ثغرات شابت العملية الانتخابية.
وأشارت المجلة إلى أن بديع يُعد واحدا من الجيل الجديد لحركة الإخوان الذين عذبوا عذابا شديدا بعد موجات الاعتقالات منذ عام 1965 والذين مازالوا أوفياء لأفكار سيد قطب المفكر الذي اعتقل وأعدم بسبب دعوته إلى التمرد ضد ما سمي الأنظمة الكافرة.
وفي حين قالت إيكونومست إن النزاع سيستمر، مضت إلى أن بديع من خلال خطاب قبوله المنصب، شدد على إيمانه بالعمل السلمي الديمقراطي وعلى أن الإخوان لا يرون في الحكومة ولا القوى الغربية جهات معادية، لكنه عبر عن شجبه لما سماه بالنظام العالمي الذي "يقبل بالديمقراطية والحرية لشعوبهم وينكرونها على شعوبنا".
المصدر: الجزيرة نقلاً عن إيكونوميست
إضافة تعليق جديد